٥٩

1K 79 5
                                    

عقاب ٥٩

عاد سالم للقبيلة وهو منتشى من مشاكسة رجوه له وجلس عند البئر قليلاً كي يحاول السيطرة على فمه ويمنعه من الإبتسام قبل أن يذهب لخيمته وتلحظ مزيونه وتسأله عن سر إبتساماته، يعلم أنه سيتلعثم وربما ينطق إسمها دون وعي، وهذا مالايريده.

اما مزيونه ففي هذا الوقت ذهبت لخيمة جنديه القابله وسألتها:
-خاله جنديه اريد اعرف إذا الفي وليد ولا كفاني الشر بنيه؟
-يامهبوله بنية ايش ودكير إيش التريدي تعرفينه الحين، لسه ماطبقي الشهر الثالت والشواهد ماتبان الحين والوليد لسه ماتحرك حتى لنشوف بأي جنب ساكن!
- اي بس مكني في زين يمكن تعرفين ياخاله.
-امشي يامزيونه وردي لخيمتك وبس تحسي الوليد تحرك ببطنك اصبري ٧ ايام بعدها وتعي والكاتبه ربك عليك انبشرك بيه.
-تم ياخالة.. الله يرزقني الصبر وطولة البال.

غادرت مزيونه خيمة جنديه وتمشت فى القبيلة ثم سمعت صوت يناديها:
-مزيونه، يامزيونه.
إستدارت فوجدتها صديقتها المقربة فتبسمت لها وردت عليها:
-اهلين بالغاليه، ايش احوالك ياخيره اشتقتلك واجد والله.
- ولا اشتقتي ولا شي، ياست اليلقى أحبابو من حين لحين يتذكر اصحابو ، خلينا عالبال احنا مو عشرة يوم يومين.
ضحكت مزيونه واقتربت منها واحتضنتها قائلة:
- والله عالبال وبالقلب، بس متل ماتشوفين ياخيره انا الحين متل المسكت طير كان محلق بالسما وحط فوق كتفها يستريح شوي، وإذا غفلت عنه رعايه واهتمام يشرد منها ويرد يهيم بالسما مرة ثانيه، وإلا ماتلوف عليه طيره وتاخذه مني وماعاد اشوفا.
- كيف يشرد منك وانت الشايله وليده بحشاك، واسمع إن سالم اليوم نسى رجوه وسنينها ومايغادر خيمته إلا للشديد.. لا تخافين عيني يامزيونه انا ماأحسد رفيقتي.
- ياخيره مو قصة حسد.. إيش هالخرابيط هي، أنت تعرفين ان رجال القبيلة مايمنعهم ولد ولا الف ولد من الهجر، وأن سالم مطمع والتعرف إن زوجها بيه الطمع لزوم تحط عيونها بوسط راسها، الزواج فرص وادري قبيلتنا بنياتها قناصه.
- إي ماكل واحد يشوف الناس بعين طبعه، ومتل ماانت قنصتي سالم تحسبي الكل يقنص متلك.
-كلامك به نبره ماعجبتني ياخيره! خير إيش فيك.. إي ياستي انا قنصته واخاف غيري تسوي مثلي، بس انا ماخذته من مرته ولا خربت خيمه ياخيره، أنا وقت رحت لعمتي عوالي أدور فرصه كان سالم يدور عروس، يعني بي او بلاي كان معرس.
تلعثمت خيره من رد مزيونه التي إنفعلت عليها وحاولت ان تلطف الجو قائلة:
-إيش فيك إيش فيك اكلتيني بقشوري! انا امزح يامزيونه ولا ماعاد تتحملي مزح، تغيرتي يارفيقتي من وقت زواجك وصار خُلقك اضيق من خرم الإبره، اشوف صابك الغرور.. بس والله يحق لك.. اخذتي كل شي وماعدتي تريدي من الدنيا شي، لا رفقة ولا صُحبه، سالم غناك.

- اذكري الله ياخيره ايش فيك، والله توقعتها من اي حد إلا انت، بس الظاهر متل مايقول سالم ماتظهر خبايا النفوس إلا وقت تغير الحال للاحسن أو للأسواء.
-انا مو حاسده يامزيونه وعيني ماعين سوء وانت تعرفيني زين.
-لا ياخيره الظاهر ماكنت أعرفك، بس الحمد لله الحين عرفتك.
-لا تفترضي بي السوء يامزيونه حتى لا أكون عند ظنك بي.
- خيره كملي طريقك وشوفي لوين كنتي ماشيه، انا لزوم ارد خيمتي سويلم زمانه جاي ومايحب وقت يفوت عالخيمة مايلاقيني بإستقباله.
- اي روحي الله معك.
غادرت مزيونه وهي تستعيذ بالله من شر حاسد إذا حسد حتي وصلت خيمتها، أما خيره فوقفت تراقبها حتي دخلت خيمتها وتحرك بداخلها بركان كان ينفث غيرة من وقت لآخر والآن رمت مزيونه في فوهته حجراً جعلته يثور ويفور وسيحرق كل مايطاله.

رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن