عقاب ابن البادية الفصل السادس والثلاثون.
في شركة يحيى..
آدم جالس على مكتبه يطالع بعض الأوراق، فدلف عمه يحيي من الباب دون إستئذان، نظر إليه آدم بطرف عينه وعاد إلى مطالعة الأوراق وهو يحدثه:
- الأبواب انعملت لتنطرق ويستأذن الداخل، وهاد اللي يفرق المكاتب والبيوت عن السوق ياعمي.جلس يحيي ولم يأبه لحديثه ومد له يده ببعض الأوراق، فالتقطها آدم في صمت وتفحصها، فإذ بها عقود لتوليه الإدارة المالية للشركة كاملة، فتبسم آدم وهو يضع الأوراق أمام عمه ويردف بسخرية:
- ويش هاد الكرم كلا، ودك تسويني مدير مالي للشركه! ليش بدك تلبسني قضية إختلاس ولا ايش ياعمي؟
يحيي:
- حقك تظن فيا السوء لأن اللي حصل واللي شفته وسمعته عني مش قليل، بس صدقني ياآدم يابني انا فتحت صفحه جديدة معاك وخلاص نسيت الماضي كله وعرفت اني مليش غيره اخ واحد وابن اخ واحد، والدنيا زايله ومش هتفضل غير المحبه والأخوة، وعشان كده بقولك إنسى ياابن اخويا وتعالى نفتح صفحة جديدة..صفحه نبدأها بحسن النيه والتوكل على الله.نظر له آدم ملياً وهو يتفحص وجه الحمل الذي ظهر على وجه عمه من العدم، وقدرته الرهيبة على التلون من حال لحال، للدرجة التي تجعل من لا يعرفه يصدقه على الفور ويتعاطف معه!
ولأن آدم لا تنطلي عليه مثل هذه الخدع، ولأن كشف الاقنعة المزيفة لُعبته كان يعلم جيداً ما ينتظره إن وافق عمه وأعطاه مراده، فتبسم وهو يردف بهدوء راداً عليه:- ماراح أمضي ياعمي، انا راح ادير الشركة هيك بدون مناصب ولا شي، وبعدين تعا لهون، انت جاي تحكيلي ان الدنيا مو مستاهله شي بعد مااخدت كل شي؟! ، ايش فتت بالدنيا انت واستغنيت عنه لتحكي هيك، جاي تفتح صفحة جديدة وأنت ماسبت مكان بالكتاب القديم إلا وخطيت بيه اوجاع؟
خد هاي الاوراق ياعمي وروح من هون مو آدم اللي تنطلي عليه الاعيبك والاعيب ابنك، واي بدي احكيلك شي توصلهوله راح يسعده واااجد..كلها يومين وراح يشوف حلم عمره متحقق، بس للأسف مو هو اللي حققه، لا.. الحلم تحقق على يد غيره، خلي يذوق طعم ان الواحد يضل يتعب ويتعب ويجي حد ياخد تعبه عالجاهز، خلي يجرب الشعور اللي حس بيه خوك وكوى روحه، صحيح مو ياسين اللي لازم يجرب هاد الشعور وانت اللي لازم تشرب من الكاس، بس ماعلينا وجع ابنك راح يوجعك اكيد..
عزائي الكم مقدماً وارجوا عند سماع الخبر تتذكر إن الحياة لا تعطي الفرص للمغفلين.- تقصد ايه بكلامك دا ياآدم
- ما اقصد شي، بس على رأي اهل السلف والحكمة..
مايحط يده بجحر الثعبان مرتين غير المهبول، وأنا شبعان من جحرك لدغات ياشقيق ابوي، ولهيك بعتذرلك ماراح اقبل تولي مناصب بشركتك بشكل رسمي، وأصلاً ليش اعملها وانا عاطي لروحي كل الصلاحيات؟ وازيدك من الشعر بيت.. انا الحين المتحكم الوحيد بالشركة كلها، وصارت كل كبيره وصغيرة بيدي، وبكلمه مني اوقف كل شي. بس انا للحين ماسويت هيك لأن الشركة فاتحة بيوت ناس وبشر، فخليها دايره لحين إشعار آخر.
يحيي:
- يعني آخر كلام مش هتمضي؟
- اخر كلام مابمضي على شي، وماراح تقدر تورطني بشي، ولا راح اترك الشركة مهما حاولت.. ماراح اتركها الا بحالة وحدة بس.
نظر له عمه يحيي وقطب حاجبيه منتظراً منه أن يفصح عن الحالة الوحيدة التي سيترك فيها شركته، وأقسم أن يفعل ما بإستطاعته كي يخلق له هذه الحالة، ولكن إبتسامة آدم جعلته ييقن بأن هذه الحالة هي خراب الشركة، وأنه لن يتركها إلا وهي منتهية كلياً، فأمسك أوراقه ونهض متثاقلاً وهم بالمغادرة فأوقفته جملة آدم:
- عمي لا تتعب روحك بالتخطيط ولا تستنذف قوتك بالمحاولات الفاشلة، انا مو محمود اخوك المسكين اللي تاكل عشاه القطط، أنا عقاب ياعمي،، عقاااب اللي ماينقدرله..انا عقاب ابن القبايل والبوادي، انا عقاب ابن الصحاري اللي تربي وسط الهوايش والحلال وسل عني الخيل والليل والبيداء كلهن يعرفوني.
أنت تقرأ
رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسف
Mystery / Thrillerقصه تدور حول تخلى الأهل عن ابنهم ونفيه في الصحراء وسط قبيلة بدوية لحمايته من القتل كما حدث لأخيه الأصغر، وأيضاً لثقله كي يعود قوياً ويستطيع مواجهة من أفسد حياته وحياة ابيه وحرمه من اخيه الوحيد، والذي لم يكن سوى عمه.. فتحول الطفل على يد شيخ القبيلة ل...