3

9K 697 120
                                    


.

انبثقت أشعة الشمس من خلف الأفق لترسل نورها على تلك الأرض الخضراء اللامتناهية الغافية بين الجبال ...

ليلوح ذلك القصر الشامخ كعجوز واثق لا انهيار له عند القمة المرتفعة

تحيطه حديقة خضراء واسعة تزينها مجاميع متفرقة من الأزهار الملونة و تطوقها الأشجار العالية ... كأنها طفلة زُين رأسها بطوق سحري متباين الأطياف .

فروع الأشجار تتمايل على أصولها. تناغماً مع حركة الرياح و أصوات الطيور تغزو السكون ..لتكمل صورة من صور الجنة على الأرض ... و معزوفة تعزفها الطبيعة لنفسها و تتراقص عليها ...

بدا و كأن راية السلام و الهدوء البيضاء ترفرف في المكان من الخارج ..

ولكن في الداخل كان الأمر مختلف .... فمن يعلم ما الظلام الذي يغرز أنيابه القاسية ما إن تعمقنا ؟!

فذلك الهدوء لم يشمله بنصيب ...

أصوات صراخ تلتف حولها ..أُخرى للتحطيم تهز الأجواء الثقيلة مترددة فيها من خلف الممرات المظلمة لذلك القصر

إذا ما تتبعته

سيرشدك لتلك الغرفة حيث يحتجز كارل منذ أكثر من أسبوعين

كان الضجيج صاخب بالداخل فلا أحد يستجيب له وكأنهم نسوا وجودة ....

"أخرجوني من هنا"

هتف بذلك وقد طغت مسحة من الحزن على صوته

كان قد بدء يشك من أن لا أحد يعيش سواه في هذا المكان

قطرات توزعت على جبينه و تناثرت بإيحاء ماطر ... و لكنها لم تكن سوى قطرات عرقه ... و ما أمطر عليه حقاً هو عاصفة مشاعر متداخلة قلقة و هو يعاود الطرق بيأس بعدما نال منه التعب ...

منذ أن استيقظ ..بعد تلك الليلة... وهو سجين في هذه الغرفة الضيقة و التي لا تحوي غير سرير ضيق

في أحد أركانها و الظلام يسيطر على كل شيء كأنه السيد و لا آمر سواه .

جالساً بتثاقل وهو يلهث و قد انتابه شعور شديد بالندم ،فقد اتخذ قرار مصيري دون نتائج ملموسة
وذلك بسبب عاطفته ورغبته بشفاء شقيقه ،ضم قبضته بغضب

وقد بدأ ذهنه يرسم له أسوء السيناريوهات و المتاهات مستحيلة الحل لما قد حصل مع شقيقه

فهم لم يطمأنوه منذ أن أخذوه من أمامه بتلك الليلة الممطرة التي أحضره فيها

وضع يده على صدغه الأيمن وهو يشعر بالصداع فأرجع رأسه للخلف ليستند على الجدار بظهره كان ينهار وهو على هذه الحال ..
فهو يلوم نفسه لأنه ارخى دفاعه ..يلوم نفسه لأنه جاء إلى هنا ...و الأسو أنه لا يستطيع التوقف عن التفكير

الثأر الصامتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن