35

3.4K 343 279
                                    

الصمت يفجر ينابيع الذكريات لتندفع مجرياتها منسابة على ألحان سنفونية الهدوء تفتح بسيلها الجارف ابواباً توهمنا تركها دون رجعه
كان باترك جالس بهدوء على ذلك الكرسي في منزله .. وانوار الشمس تتبدى حمراء داميه من خلال نسيج الستائر الكثيف عندما اخذت ظلال الماضي تتشكل وسط الظلام لتتحول الى صور ...تعانق مدى رؤيته وتبعده عن وعيه لتأخذه برحله انيه الى اعماق نفسه .. إلى ذلك اليوم تحديدا قبل ٢٠ عام

على احد شواطئ لندن ...طفل صغير يتقدم بخطوات غير ثابته على الرمل.. لا يزال لم يتعلم المشي الى من مده وجيزة ..
قادته قدماه إلى حيث كان يجلس شقيقه رفع يديه ملوحا في الهواء ثم هواى بقبضتيه الصغيرتين ممسكا بقميصه ليفزعه فالتفت له الاشقر ليبادله النظرات بدهشه
ليراه ينفجر ضاحكا ...كما لو يخبره وجدتك

فتنهد وهو يشيح براسه عنه
(ابتعد من هنا كارل ....) قالها دون أن ينتبه لوالده الذي كان يراقب حتى سمعه يخاطبه
معاتباً
-(باترك ...متى ستتعلم ان تكون أكثر لطف مع اخوك ! )

تطلع به الفتى الاشقر صامت وهو يشعر انه لا يفهم لان الصغير ملتصق به دائما ...هو لا يتيح له التحرك حتى

-( انتما ستكبران معا ) قالت والدته حين أقبلت لتقف إلى جانب والده وهي تضيف
-( أعطه القليل من الاهتمام فهو يحبك )

ضحك الصغير كارل وهو يزيد من تشبثه بقميص باترك وكانه يوفقهما الراي ،كان ضوء الشمس يتكسر في فضاء عينيه الازرق ويزيده جاذبيه ولكن ليس بالنسبه لباترك الذي
عبس وهو ينظر له بقله حيله .... ما باله هذا الطفل يضعه بموضع الخاسر دائما !!

ابتسم الاب وهو يتاملهما ثم استدار برفقه زوجته يأخذها معه بينما يرمي اخر كلماته
بنبره صارمه (سنترككما معا لتتعلما التألف مع بعضكما ...)

(ابي .) هتف باترك وهو يشعر بالضيق ولكنهما لم يلتفتا نحوه تجاهلوه وتابعوا راحلين حتى اختفوا خلف الاشجار

فعاد باترك ليجلس على الرمال باحباط غير ابه لكارل الذي يحوم حوله ،يحاول جره وجذب انتباهه ليشاركه اللعب ، غابت الشمس وتدرجت السماء بالأوان النارية الرياح تهب لتحرك الامواج لتبدوا له المياه مغريه ...قرر ان ينزل ... لن يغيب طويلا هكذا فكر وهو يحمل لوح التزلج واتجه ناحيه الموجه الاكبر ...

لم يلتفت لكارل الذي ظل يناديه ...بل ولم يلاحظه حين نهض ليلحق به بخطوات غير ثابته ...، مرت نصف ساعه خرج وقد انعشته المياه الباردة...كانت انظار الناس تترصده بإعجاب
فقد تفوق على الجميع رغم صغر سنه ...بعضهم شكروه لأنه قدم عرض مجاني

ولكن لحظة انتصاره ما لبثت حتى تلاشت حين اصطدم بنظرات والده الشاحبة وهو يسأله عن كارل
في تلك اللحظه تجمد باترك لم يعرف كيف يجيب ببساطه لأنه نسيه !!!

الثأر الصامتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن