أيهما موطنك ؟

2K 224 26
                                    

-

سمحتُ للقلمِ أن يتحرك فوق الورقة فانتثر الحبر عليها كلماتٍ قد شكلت رسالة لن تُرسَل، بل ستظل حبيسة ذلك الدفتر.

عزيزتي ويندي،

لو كنتُ أُدرِكُ أنها لحظتي الأخيرة كي أتأملَكِ، لكنتُ عانقتُكِ أكثر بناظريّ، و لبكيتُكِ أكثر مما فعلت، و كنتُ لأتركُ روحي برفقتك بدلاً من تهشُمها كل ليلةٍ حنينًا إليكِ، يُحزنني إنكِ لم تقرأي ما كتبته من أجلِك، و إنني لم أُخبرك بعد عن تلك الرسائل الخفية التي خشيتُ إرسالها، لم أُخبرك بعد كم يبدو شعرك جميلاً، ليتني اصطحبتُكِ إلى حفلٍ موسيقيّ ، أوحظينا بنزهةٍ ليلية أسفل ضوء القمر, و أخيرًا لم أخبرك بعد أنكِ تقتحمين حصوني في كل مرة تكونين في الجوار.

لكنني مُتيقنٌ أن طيفكِ لم يُغادرني طُوال تلك السنوات، كيف أغفلُ عن ذكراكِ و أنا أنتظرُ كل غروب علّني ألمح لهيبُ شعركِ الأصهب في سماءٍ اشتعل فيها الشفق ؟

المُخلِص لكِ دائمًا و أبدًا، ويليام.

وضعتُ القلم جانبًا و طويت صفحاتِ دفتري، و ألقيتُ نظرة على الخاتِم قبل أن أضعه في جيبي، و من هنا وجدتُ نفسي أقود السيارة، على المقعد المجاور ويندي و بالخلف يجلس التوأمان.

كان الهواء مُزيّن بنسيمٍ لطيف قد تناسب مع تلك الأمسية الهادئة "كنتُ أرغب أن نصطحب روزالين برفقتنا." همست ويندي بينما تراقب الشارع من خلف الزجاج، طمئنتها "لا بأس، فإن روز مُتعبة في آخر شهور حملِها."

استغرقنا حوالي ساعة و نصف حتى نصل إلى منتصف البلدة، لأن منزلنا يقع في الضواحي، صففتُ السيارة أمام المبني حيثُ لمعت الأضواء، ألقيتُ نظرة على ويندي التي كانت تنظر في حماس حولها، و أنا أيضًا كذلك، لكن طيف خطيبها كان يتقافز إلى رأسي كُلما دفعت بِه بعيدًا.

"سنذهب للتجول قليلاً، و سننتظرُ عند السيارة بالنهاية." صدح صوت ليون الذي أسرع للخارج برفقة چون، حمحت قبل أن أسألها "هل تُمانعين السير قليلاً قبل أن يبدأ العرض؟ " هزّت رأسها مبتسمة "بالطبع لا أُمانِع."

Cherry Trees | أشجار الكرزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن