أوراق الريحان

924 119 46
                                    

-

كانت ويندي تجلسُ مُستلقية على الأريكةِ الموضوعة بجوارِ المدفأة، تطالع النيران الملتهبة، و تنصِتُ إلى صوتِ تآكل الحطب، حتى ارتفع صوتها مُتسائلاً "أُمي، هل أنصتِ جيدًا لصوتِ النيران؟ فصوتُها يُشبه صوتَ الدعس على أوراقِ الأشجار الجافة." رفعت السيدة ليندا براون نظرَها عن الوشاحِ الذي كانت تقوم بحياكتِه، ثم نظرت إليها برهةً قبل أن توبخها في صرامةٍ "الطريقة التي تستلقين بِها ليست لائقة، اثنان و عشرون عامًا أُحاول أن أجعل منكِ سيدة لبقة و لم أنجح البتة."

أنهت حديثها بصوتٍ متهكم، فشعرت ويندي بالخجلٍ يأكلها برغم رغبتها الشديدة بأن تفصحُ لأمها بأن ليست طريقة جلوسها – بمفردها – هي التي ستعبر عن لباقتها، بل ستعبر عن شدة الملل الذي يأكلها، و بدون إخبار والدتها بذلك فقد كانت تعلم الرد تمامًا تعلمِي الحياكة سيشغلُ وقتُكِ. لكن ويندي لم تكن تجيد ذلك، لا الحياكة لا الطهو أو العزف، كانت تجد غايتها في القراءة و الكتب.

لم تكن ويندي وحدها التي تشعرُ بالمللِ. ففي نفس المنزل، في غُرفة المكتب التي تخص والدها، كان يجلس ألكسندر هيرمانّ، لا تكف عيناه عن النظر إلى عقارب ساعة يدِه.

و برغمِ مُحاولاتِه الكثيرة و الفاشلة في صبِ تركيزِه على ما كان السيد روبرت براون يتحدث بِه و يُحاول مناقشتِه في المشروع الذي يجمع العائلتين، كان يعلم في نفسِه بأنه سيغادر ذلك المكان مُشتت العقل، لا يعي إلا القليل، و في كل دقيقةٍ تمر كان يؤمن بأن أخاه ستيفان كان مؤهلاً أكثر منه لذلك العمل الورقي, بينما ألكسندر كان يُحبَّ أن يذهب لموقعِ الأعمال، لا أن يحبس نفسه داخل مكتبٍ ما.

لكن ما كان يدفعه إلى كل ذلك، هو رؤية الصهباء لعدة دقائق قبل أن يُغادر منزلها و أسوأ ما كان في الأمرِ عندما ينتهي عمله دون أن يراها، فيُغادر مُحملاً بالخذلان.

دقت الساعة تُعلن عن تمام الساعة الرابعة عصرًا، رفع السيدان كلاهما نظرهما إلى الساعة المُعلقة على الحائط، ثم صدحَ صوت السيد روبرت مُعتذرًا "ألكسندر يا بُني، هل يُمكننا أن نُكمل لاحقًا في يومٍ آخر؟" شعرَ براحةٍ تضربُ صدرِه، فأجاب مُرحبًا "بالطبع، سيد روبرت، لا بأس في ذلك." و بينما يهبطُ السيدان على درجاتِ السلم، لاحظ ألكسندر أن السيد روبرت سريع الخُطى على عكسِ العادة، و كأن هُناك عملٌ ما ينتظرُه. قاوم ألكسندر رغبتُه الشديدة في البحثِ عن الصهباء بينما يقف في ردهةِ المنزل .

أُجيبت صلواتِه عندما خرجت قطة رمادية من غرفةٍ ما و تبعتها الصهباء برفقةِ والدتها، كانت الحماسة تأكل وجهها، تقدمت نحوه تُصافحه "ألكسندر، كيف حالك؟" كانت السيدة براون تكبح لسانها عن إخبار ويندي بأن عليها أن تنتظر مُصافحة السيد لها، لا أن تبدأ هي بالمصافحة، بينما كان ألكسندر يُجيبها بعد أن اقتنى كلماتِه بعناية خشية أن يُخطئ في كلمةٍ قد لا تنال رضا السيدة براون "بخير، و آملُ أن تكوني بأفضلِ حالٍ." و بعد أن صافح ليندا براون، كاد أن يُصافح السيد روبرت مودعًا.

Cherry Trees | أشجار الكرزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن