-
- الواحد و الثلاثون من يوليو، من عام ١٩٤٠
مثل كل صباح أبدأه بوقوفي أمام المرآة، تحركت أصابعي في توتر لتزرير سترتي زيتية اللون، أمسكت يدي بساعةِ أبي الفضية، ثم وضعتها في جيبي، مشطتُ شعري بأصابعي ثم اعتريتُ القبعة العسكرية، و تحركَ طيف ابتسامةٍ على شفتيّ، فقد كنتُ أبدو حقًا كجنديّ.
استدرتُ لأتأمل غُرفتي لمرةٍ أخيرة، مسحت أصابعي على آلتي الكاتبة، أوراقي المرتبة بعناية فوق المكتب، التقطتُ المذكرة الزرقاء التي أهدتني إياها ويندي ثم وضعتها في جيب سترتي الداخلي. تأملتُ خزانة ملابسي و نافذة غرفتي التي كانت تطل على حديقة المنزل. تنهدتُ منحنيًا كي ألتقط حقيبة أغراضي من الأرض و التي رفعتها فوق كتفي الأيمن.
فتحت باب غرفتي، فوجدتُ باب غرفة ويندي التي لا زالت مُغلقة منذُ رحيلها. فقد مضى ستة و عشرون يومًا و أنا بمفردي، لكن صدقًا لم أكن مفردي حقًا، فمتى عدتُ إلى المنزل بعدما أوصلتُ العم و عائلته وجدتُ روزالين تنتظرني، ضمتني إلى عناقها بقوة ثم لم أجد نفسي إلا و هي تنتحب بحرقةٍ. بكيتُ نفسي ، و بكيتُ عائلتي التي سأغادرها، و بكيتُ ويندي كذلك، بكيتُ حتى جفت منابع دموعي.
ابتعدتُ عن الغرفة المغلقة، ثم هبطتُ على السلم، أنظرُ إلى أركان المنزل، فقد كانت تخشى نفسي أنها قد تكون المرة الأخيرة .
"تبدو وسيمًا للغاية." قال ليون من أمامي بينما يتأملني بابتسامةٍ هادئة، كان يقف عند نهاية السلم، هرب من بين شفتيّ قهقهة قائلاً "لكنني لن أُحارب بوسامتي." فتلاشت ابتسامتُه و تقدم نحوي، ثم طلب إليّ "عُدْ سالمًا لأجلنا." وضعتُ حقيبتي أرضًا، كي يتسنح لِي احتضان ليون الصغير، اكتفى كلانا بالصمتِ قبل أن نشعر بذراعيّ چوناثان تحيط بنا الذي قال "أخي، لا تكسر أفئدتنا." تنهدتُ في صمتٍ، ثم قلتُ "سأحاول ألا أفعل."
كنتُ أشعر بحزنهم، و كأنه ينبضُ من داخل صدورهم "لن أسمح بتلك الخيانة، انتظروني." كان ذلك صوتُ مايكل الضاحك - زوج روزالين و الذي قد عاد من سفرِه مُبكرًا لأجل توديعي، التفتنا نحوه مبتسمين قبل أن يُلقي بنفسه في عناقنا.
"سأشتاقُ لكم حقًا." أخبرتهم بصوتٍ متهدج، ربتَ مايكل على ظهري هامسًا "ستعودُ سريعًا، أنا أشعرُ بذلك." رأيتُ روزالين تقف من خلف مايكل، تنظرُ إليّ بابتسامةٍ على ثغرها و أعين دامعة، تسللتُ من عناقهم متجهًا إليها، وضعت يدها على فمها هامسة "يا إلهي، لقد شعرتُ للتو أنكَ قد كبرت، يا ويليام." ضحكتُ على تعليقها مُجيبًا "يجدرُ عليكِ أن تجدي لِي زوجة إذن بعد عودتي."
سحبتني إليها طابعة قُبلة على وجنتي "عُدْ فقط و لا تفكر في أي شيءٍ بعد ذلك." ابتعدتُ لاثمًا جبينها، ثم رفعتُ صوتي إلى مايكل "اعتنِ بهم يا مايكل، أنا أثق بك." رفع مايكل يده واضعًا إياها على صدرِه.
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Romansaو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...