-
كيف لم تدرك ويندي طُوال تلك الأشهر أنها تهتم لأمرِ ألكسندر؟ كم أنتِ غبية يا ويندي كي لا تدركِي أن ألكسندر هو تلك الغاية، هو السلام الذي طالما بحثتِ عنه. قد مضى أسبوعين بعد تلك حادثة الشجار بينه و بين فرانز، و قد مرّ الوقت بطيئًا للغاية على نفسِ ويندي، التي أخذت تفكر في ألكسندر بشكل مضاعف، تفكر في ابتسامته و عينيه، و تستحضر صوته.
و كم كانت تتذمر لنفسها لبطء تلك الأيام. لكن كان هُناك ما يقلقها، فهي لم تره منذُ تلك الليلة الحزينة، قابل والدها عدة مرات دون أن يطلب رؤيتها، فتضايقت إلا أنها كانت تعلم أن رُبما خجله ما منعه من ذلك. فالأقاويل عنهما قد انتشرت سريعًا، خصيصًا إن كان فرانز هو من يحرص عليها، لكنها وعدت نفسها بأنها لن تسمح لفرانز أو للناس التدخل في قرارتها، فيكفي ما أحدثوه الجميع لها.
و بعد غياب ألكسندر الطويل أرسلت له ويندي برسالةٍ تطمئن فيها على حاله، فأجاب برسالة مقتضبة بعد عدة أيام .طردت ويندي تلك الأفكار من رأسها، فلماذا قد يدفعها ألكسندر بعيدًا عنه، رُبما تشعر بذلك لفرطِ تفكيرها به. و سألت نفسها: أتشتاقين إليه يا ويندي؟ فكرت بذلك بينما تعبث بورقةِ شجر قد تدلت عن غصنِ الشجيرة الصغيرة، قبل أن يمر نسيمٌ دافئ يُحدثها بأن عزيزها بالقرب منها.
فاستدارت سريعًا دون أن تفكر، و اضطربت نبضات ويندي لمّا تقابلت أنظارها برفقة ألكسندر العزيز. لم يُخطئ حدسها أبدًا. كان يقف عند بوابة السياج يُراقبها في صمتٍ، يُعانقها ببصرِه. شعرت بتلك العاطفة المتأججة في قعر معدتها فلا زالت تشعر بقبضته المحكمة عليها بينما يبتعدون عن الرُكام المتساقط. ويندي براون – التي قضت حياتها تدفن روحها داخل قبور الأيام المتكررة – قد سمحت لمشاعرها المجهولة أن تسوقها نحو سلامها. توردت وجنتيها خجلاً عندما أدركت حملقته بها بينما خطت نحوه سريعًا، تحاول تهدئة نبضات قلبها، و رسمت ابتسامة صغيرة على ثغرٍها.
وقف ألكسندر كصنم لا يقوى على الحراكِ أمامها، فقد كان يُطالعها منذُ دقائق دون أن تنتبه. تأمل كيف داعبت أوراق الشجيرة، و تساءل كيف يمكن لمخلوق أن يطوي ذلك القدر من السلام في روحه. منذُ ليلة القصف قد تيقن فيها ألكسندر من ماهية مشاعره، بل كلاهما علما أن ذلك اليوم قد جعلهما يُدركان حقيقة مشاعرهما المدفونة.
لكن حزن ألكسندر كان يشتد به اليوم تلو الآخر، و ما أدركه من أمور كان يعرف أنها ستؤذيها، و ستفطر قلبها الصغير لا محالة. ابتسم لها بالمقابل ابتسامة واهنة, فتوجس قلبها قلقًا بأن هناك خطبٍ به، فسرعان ما تبددت ابتسامتها و قطبت حبينها في خوفٍ متسائلة "ألكسندر، هل هناك مكروهًا قد وقع؟" هزّ رأسه بالنفي و بكلِ اقتضاب قال "الأمور جميعها على ما يرام."
نظرت ويندي إلى قسمات وجهه الجامدة، لو لم تعرفه لقالت بأنه ينفر منها، أو في الحقيقة ربما يفعل. آلمتها تلك الحقيقة و برغم ذلك كررت سؤالها "كلا ، أنا أعلم أن هناك خطبٌ، ما الأمر؟ أفضِ لِي بِه." و حاولت أن تفتح له بوابة السياج، إلا أنه قد قبضَ عليها كي لا تفعل قائلا بصوتٍ أكثر تصميمًا "لو وقع مكروهًا لسمعتِ عنه."
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Romanceو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...