خائنان

854 102 41
                                    

-

كان الندم يأكل ألكسندر حتى الموت، كالألم الذي احتل وجهه إثر اللكمة التي تعرضَ لها، و الخجل تجاهي أيضًا بسبب ما حدث الليلة. فقد أراد ألكسندر أن يذهب برفقتي إلى ذلك الحفل الراقص، تخفيفًا لوطأة أحداث الأيام السابقة، كان ذلك في خطابه الذي تركه في صندوق البريد. كنتُ متحمسة للغاية، و لن أُنكر شعوري بأن دعوته لِي لم تكن عادية، كما لاحظت أمي حماستي تلك. إلا أن الأمر لم تسر على ما يرام.

أعترفُ أني انتظرتُ منه أن يطلبَ مواعدتي اليوم.

اختلسَ إليّ نظرةً اقترابًا من الوصول للمنزل. كنتُ أنظرُ من نافذة السيارة أتهربُ من نظراتِه التي كانت تسقطُ عليّ طُوال طريق، لأني أعلمُ أنه في لحظةٍ ما سيعتذر إليّ و أنا لم أرد ذلك. صفّ السيارة أمام المنزل، و سارع بالهبوط منها قبلي، كي يفتح الباب لِي إلا أنني لم أسمح له بذلك و أسرعتُ بفتح الباب لنفسي .

كنتُ أشعرُ بمشاعرٍ مختلطة، مشاعر يغلبها السيء، مزيج قبيح من الخذلان و الغضب و الحزن على تلك الليلة التي انتهت على وضعٍ سيء. وقفَ أمامي صامتًا، أستمعُ إلى صوتِ أنفاسِه الثقيلة. بالكاد استطعتُ رسم ابتسامة على ثغرِي و همستُ "ليلة هنيـ.." إلا أنه قاطعني "ويندي، لا تُحادثيني هكذا و كأن أمرًا لم يقع، أنا أعتذر إليكِ كثيرًا. أقسمُ لكِ أن الندم يأكلني." تجنبتُ أن تتعانق أبصارنا حتى لا يرى ما يحدث في داخلي. قلتُ في اقتضاب "المشاكل تقع في كل مكان."

و حاولتُ أن أهربُ منه إلا أنه قد اعترض طريقي هامسًا بصوتِه الأجش "كلا، لو استطعت السيطرة على غضبي، لانتهت الليلة على خير."

التزمتُ الصمت أنتظر أن ينتهي من حديثِه، حيث أردف من جديد بصوتٍ أكثر تهدجًا "أو على الأقل تنظرين إلى وجهي." شعرتُ بذلك الألم في قلبي عندما رفعتُ بصري إليه، كان هُناك شيئًا في نظراتِه، شيئًا قد اخترقتني، و شعرتُ بأنه يستطيع قرائتي، و تأكدتُ من ذلك عندما ابتسم في أسى نحوي، كما أنه يستطيع الاستماع لِما يدور في رأسي.

تهدجت أنفاسي عندما مال نحوي مُعتذرًا في همسٍ من جديد "أنا شديد الأسف، لم أسبب لكِ سُوى المتاعب." بلا، أنتَ مشاغب، يا ألكسندر هيرمانّ. هل يُمكنك أن تبتعد بعض الإنشاتِ عني؟ لأنكَ قريبٌ مني زيادة. برغمِ ظلام الليل الذي خيّم على المكان، إلا أن ضوء مصباح ما قد انعكس على بشرتِه الحنطية، و خصلاته البندقية المبعثرة فزادتُه رونقًا، حتى و إن كانت عينه اليسرى ملكومة.

"عُد إلى المنزل، و ضَع كيسًا من الثلج على عينك المتورمة." أخبرتُه مشيحة ببصري عنه، فأومأ لِي مستسلمًا ينتظرُ مني أن أصرّح له بما في خاطري، لكن أقسم أني لم أستطع برغم أنني وددتُ ذلك. أخبرتُه مرة أخيرة قبل أن أبتعد نحو بوابة المنزل الحديدية، خرج صوتي يُحارب الغصة في حلقي "قُد على مهلٍ، سأُرسلُ لكً خطابًا أطمئن فيه عن حالك."

Cherry Trees | أشجار الكرزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن