-
- الحادي و العشرون من يناير، 1941
لا أعلمُ كيف انقضت تلك الليلة سريعًا - و التي أصبحت مُحببة إلى قلبي بطريقةٍ لم أتوقع حدوثها قط - لا زال كل شيء مُتعلقًا في ذاكرتي، كل حديثٍ قد تجاذبتُ أطرافِه برفقةِ ألكسندر، كل شيء كان لا يزال يدورُ بعقلي. لا زال صدى صوته يزورني و هو يُخبرني بـ أن حديثنا الصغير قد راق له للغاية، و أنا أيضًا أعترفُ بأن قد راق لِي أيضًا، فقد وجدتُ في جنباتِ حديثِه أمورًا لم يتطرق إليها فرانز من قبل، فقد كان مُنشغلاً بالحديثِ عن أُمه طُوال الوقت. حتى أننا قد انصرفنا بحديثنا عن اللُعبة، لكنه قد أخبرني بأن تلك اللعبة لم تنل رضاه، و يجب علينا أن نُكررها حتى يهزم أحد الطرفين الآخر.
لكن يؤسفني أن أُمي لم تخبرني برأيِها عنه، أعلم أنه قد نال استحسان أبي كثيرًا، لكن عندما أخبرتُ والدتي بأن حديثه قد راق لِي كثيرًا لم تُعقب، فعادةً تكون حذرة مع الغرباء، و لا تحكم عليهم إلا بعد الكثير من الوقت، لذلك آمل أن تحكم عليه قريبًا.
زارنا السيد هيرمان مرةً أُخرى بعد تلك الليلة كي يتحدث مع أبي في بعض أُمور العمل التي يُريد أن يشرك أبي بها، أصابني الخُذلان عندما وجدتُ السيد يأتي بمفردِه دون ولديّه و بالأخص ألكسندر ذي الحديث الشيق، لكن ما علمتُه و تنامى إلى سمعي بأن ألكسندر هو من سيُكمل ما بدأَه أبوه، لأن أخاه مُنشغلاً ببعض الأعمال الأُخرى، و ذلك بدايةً بزيارةٍ اليوم لمكتب أبي بمزلنا.
كنتُ في حديقةِ المنزل أروي الأزهار التي بالكاد تُحاول النجاة من الشتاء القارص، و بعد أن انتهيت عدتُ إلى المنضدة الصغيرة التي وضعتُ عليها أوراقًا و قلمًا. كنتُ أُحاول أن أكتبُ خطابين أحدهما لروزالين العزيزة، و الآخر لكلارا التي ذهبت في رحلةٍ إلى بحر الشمال برفقةِ رالف، لكن انتهى بي الأمر أكتبُ بعض الخواطر التي اجتاحتني في بعض الأحيان.
كُلما كنتُ أُحاول الكتابة كما كان يفعل ويليام، كان ينتهي بي الحال أستمع إلى تهكمِه أو يُخبرني بأنه لا بأس بما كتبت أو قد يتهمني بأنني قد نسختُ كتاباتِه و أنني أفتقر إلى شيءٍ من الإبداع، حتى اعتزلتُ الكتابة، أو صرتُ أكتبُ حينما تزداد حاجتي بأن أبوح بأمرٍ ما.
لا أعلمُ كم لبثتُ أُطالع الورقة بين أصابعي، لا أشعر تمامًا بالرضا عمّا كتبتُ، فأنا لا أراها سُوى لطخاتٍ من الحبر على الورقة، مجرد كلمات مصفوفة إلى جوار بعضها البعض، لا يغفرُ لها شيئًا غير أنني قد وضعتُ جزءًا من روحي فيها، لكن على أيّ حال ليست مثالية كما وددتُ أن تكون.
زفرتُ في ضيقٍ قبل أن أقوم بتمزيق الورقة، لكن صوتًا أجشًا قد استوقفني "مهلاً، ألا تظنين أن ورقةً ثمينة كتلك لا تستحق أن تُمزَق؟" رفعتُ نظري لأرى ألكسندر هِيرمان يقفُ أمامي بابتسامتِه التي لا تُفارق ثغرَه، رابطًا ذراعيّه خلف ظهرِه، فابتسمتُ بالمقابل ناهضةً عن مقعدي و مُجيبة "إنها ورقةٌ بالية لا أكثر." ثم مددتُ يدي لأصافحه، تناول يدي في هدوء يُصافحني في رقةٍ.
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Romantizmو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...