-
كان مغربُ يومًا ما، و قد أُغرِقت السماء بشفقٍ دموي. بعد أن انتهى ألكسندر من عملِه برفقة أبي. دعوتُه كي يحتسي بعض الشاي برفقتي – بالطبع بعد أن سألت أُمي هل بإمكاني ذلك أم لا – لذلك كنا نجلس سويًا. أفضل ما حدث في الأيام السابقة بالإضافةِ إلى عودة ويليام هو أن أُمي قد صرَّحت لِي أخيرًا بأن ألكسندر رجلٌ مهذب و لطيف.
كنا نتحدثُ عن إحدى روايات شكسبير و چين أوستين المفضلة له، و لي. راقبتُ الطريقة التي كان يتحدث فيها بحماسة عن اقتباساته المفضلة من الكتب المختلفة، حدثني عن آرائه التي تنفرُ من الحرب و مصائبها، و قد أحببتُ الحديث إليه صِدقًا.
"ليت البعض يتفهم ما ستعود به الحرب من شرور، أنا أُصلي كل يوم كي تنتهي، رُبما حينها فقط تعود الأمور إلى صوابها، دون أن أُفكر قبل أن أخلدَ إلى النومِ في احتمالية سقوط قذيفة ما على منزلنا." باح لِي بذلك، فبحتُ له بالمقابل عن رغبتي بالهروب إلى مكانٍ لا تتمتد له أيدي الحرب.
"أرغبُ في الهربِ من هُنا." أخبرتُ ألكسندر في هدوء و كأنه أمرٌ عادي، غير عابئة بردِه الذي سيكون ساخرًا بالطبع كما فعل معي فرانز من قبل حينما أخبرته برغبتي الشديدة في الهرب من هنا، نظرَ إليّ برهةً ثم اقترح بابتسامةٍ هادئة "ما رأيكِ في كاليفورنيا؟" لن أُنكر أن ردَه قد أصابني بالتعجب، حتى أنني ضحكتُ، فشاركني الضحكات بين سؤاله المستنكر "ما الخطب في كاليفورنيا؟" حسنًا، يا ألكسندر. إن ضحكاتي ليست استنكارًا للمكان، بل لردك، اللطيف.
سمحتُ بأبصارنا كي تتعانق لوهلةٍ قبل أن أهمسُ "الخطب هو أنني لم أُقابل ردًا يُرضيني مثل خاصتك من قبل."
"أتفكرين كثيرًا في الهربِ؟" سألني واضعًا فنجان الشاي خاصته على المنضدة، شعرتُ بالخجل و كأنني ارتكبتُ خطأً ما بتصريحي الغريب ذلك، فالتزمتُ الصمت. فتفهّم ألكسندر صمتي، و غيّر مجرى حديثنا قائلاً "إن كاليفورنيا رائعة، أو رُبما ليست رائعة تمامًا لكنني أُحبّها.. عليكِ أن تقومي بزيارتها يومًا." سألته في بعضٍ من الفضول "أخبرني، كيف انتهى بكَ الحال هُناك أيها الأمريكيّ؟" مازحتُه و ملتُ نحوه مُستندة بمعصميّ على المنضدة بينما أستمعُ إليه، فقهقه ألكسندر على فعلتي.
"حسنًا، لقد وُلِدتُ هناك، أثناء عُطلة كانت تقضيها أسرتي بعد أن انتهت من أعمالها هُناك. لم يكن مولدي في الحسبان، لأن أمُي اشتدت بها تعب الحمل، فاضطر أبي إلى تأجيل سفرهما إلى الموطن، لذلك أنا مزدوج الجنسية. ألمانيّ-أمريكيّ." كنتُ أتأمله بينما يقص عليّ ذلك.
فطرحتُ عليه سؤالاً في قلق "لكن هُناك بعض الأحاديث، عن الاعتقالات الأمريكية للأمريكيين من أصل ألماني.. تعلم مقصدي." ابتسمَ ألكسندر مُجيبًا "ليست أحاديث، بل حقيقة. لقد تعرضتُ لذلك الإنحياز من قبل، و بعض المضايقات، لكن لم تكن بالأمرِ العظيم."
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Roman d'amourو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...