أنتِ تروقين لِي

1K 109 35
                                    

-

وقفتُ أُطالع ويندي مُبتسمًا بينما تصدحُ عنها ضحكاتٍ عندما كانت تُطالع صورتي الموضوعة في الإطارِ، و مكتوب عليها بخط أمي «ألكس، كاليفورنيا، سبتمبر 1932» أخبرتُها أنها كانت أول مرة أذهبُ فيها إلى كاليفورنيا بمفردي. كان هُناك صورة لِي أُخرى قبل ذهابي لمبارة فريقي المفضل لكرةِ القاعدة - فريق نيويورك يانكيز. كانت تقف تستمع إليّ بينما تُراقب كل صورةٍ عن كثب، و حسنًا، كان ذلك ألطف شيئًا رأيتُه.

"أنا أعرفها، تلك هي الأمريكية صديقتُكَ." قالت مُشيرة للصورةِ التي تجمعني بـ ماري، فضحكتُ مُستنكرًا "إن ذاكرتَكَ جيدةٌ للغاية." عضت شفتيّها في حرجٍ عندما أدركت ما تفوهت بِه، فضحكتُ قائلاً "أحسدُكِ على تلك الهبة، فأنا أُعاني مُشكلةً ما في ذلك، ذاكرتي جيدة بالأرقام، لكن عندما يتطرقُ الأمرُ إلى الوجوه، فبالكادِ أتذكرُ شيئًا."

كنتُ أشعرُ بحرجِها، لذلك حاولتُ أن أُخفف الأمر قليلاً، ابتسمت بينما تُعيد الإطارَ مكانه "إنها جميلة، لذلك علقت قسماتُ وجهها في رأسي." أخبرتني، وقفتُ إلى جوارِها بينما أُخبرها "ماري طيبةُ القلب حقًا." بلا، أنا أُحبُّ ماري كثيرًا، لكن ليس كما تنتظر مني. كانت عيناها تفضحانها كثيرًا، فلأجلِ بقاء صداقتنا، و بالأخصِ صداقتي مع أخيها، حرصتُ أن أضع حدودًا و يبدو أنها تفهمت ذلك بالنهاية.

زمت شفيتها في صمتٍ، ثم أزاحت بذلك الصمتِ و سألت "هل كنتُما على علاقةٍ؟" حسنًا، قد اضطربت نبضاتي عندما سألتني ذلك السؤال، هل تهتمين لأمري، يا ويندي؟ و لماذا أشعرُ الآن بحرارةٍ تلفحُ وجهي كمُراهق صغير؟ حمحمتُ قبل أن أُجيبها سريعًا "بالطبعِ كلا، أعني لا يُمكن أن نكون في علاقةٍ، هي أخت صديقي."

اكتفت ويندي بالصمت مجددًا، على عكسِ ما يدور في داخلِها فكنتُ أشعرُ بِها تُفكر في شيءٍ، لكن يبدو أنها فضلت الصمتِ. حسنًا، كُنا في المكتبةِ، مكان أُمي المُفضل، فكلِ تلك الكتب، و أعني بذلك المئات منها، قامت بتجميعها على مدارِ السنواتِ منذُ أن كانت مُراهقة، و أحببتُ لو أصطحب ويندي إلى ذلك الجزء من المنزل، شكرًا لها على ما فعلتُه مع أُمي، إذ أخذت تُطمئنها و تساعدها على تنظيم أنفاسها. فلولاها لازدادت أزمة أُمي، و لولاها لكنتُ فقدتُ السيطرة على نفسي تمامًا. بل أنها حرصت على زيارة أُمي من جديد كي تطمئن عليها، و أنا سعدتُ حقًا بزيارتِها اللطيفة. أنا فقط سعيدٌ بلا سبب.

نظرت ويندي إلى بعضِ الكتبِ في اهتمام، قبل أن تهمس بنبرةٍ غريبة، نبرةٍ تميلُ إلى الحنين رُبما "لقد قرأتُ ذلك الكتابَ من قبلٍ، عندما كنتُ في هامبورج."

سألتُها مُنعجبًا "و ما الذي دفعكِ للذهابِ إلى هناك؟ فأنا أعلمُ كم تحبين برلين." أنهيتُ كلامي بتهكمٍ قاصدًا إغاظتِها. فضحكت ويندي بينما تُعيد الكتابَ إلى مكانِه "كنتُ أدرسُ هُناك، لكن أُمي ظنت أن بقائي في هامبورج وحدي سيكون خطرًا." صمتُّ بينما أستمعُ في اهتمامٍ، رفعت ويندي نظرها إلى الرفوفِ بالأعلى قائلة "لقد كنتُ جيدة حقًا بالأدب، و كانت أيامي سعيدة خاصةً عندما انتقل والديّ برفقتي إلى هامبورج."

Cherry Trees | أشجار الكرزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن