قصف برلين

889 106 42
                                    

- السابع عشر من أبريل، من عام 1941. برلين.

كانت الصهباء تسيرُ في خطى متسارعة، الخطوة تلحق الأُخرى، كما تتنقل أعينها بين ساعة يدها و الطريق الذي أتخذته، كانت تخشى أن تفوتها الحافلة المتجه إلى مركز البلدة. فقد كان السيد السائق يشعر بالتوعكِ اليوم، و أبوها كان مشغولاً للغاية لكي يذهب برفقتِها، فلم تجد مفرًا بالذهابِ بمفردِها، لم تشتكِ قط فجولات الحافلة كانت المفضلة دائمًا.

كان يجب عليها أن تصل في الميعاد كي تقوم بوضع رسالتي في مكتب البريد، يجب أن تصل رسالتها إلى روزالين العزيزة في أقرب وقت. كانت حقًا لا تتوق حتى تعرف ردها تُخبرها فيه رأيها عن ألكسندر، و قد ضحكت ويندي على نفسها، فهي لا تُصدق أن رسالتها مُكونة من ثلاث ورقات، الورقتان و النصفِ الأولى عنه فقط و اكتفت بعدة أسطر عنها، يا له من جنون!

و بذكر الجنون الحق، صدحَ صوتُ ألكسندر بالقرب منها، و كأن القدر يُصرُّ أن يجتمعا في كلِ بقعةٍ في برلين. اضطربت نبضاتها عندما وجدتُه يُلوح لها بسعادة، و لم يُمهل ألكسندر نفسه لحظة كي يُفكر بعد أن لمح خصلاتها النارية عندما مرت بالقرب من ذلك المقهى الذي أخبرها من قبل كم أصبح مُفضل له. كل ما أراده هو أن يلحق بها فحسب. شاهدته بينما يُخرج محفظتِه من جيبِه و يضع نقوده على الطاولة قبل أن يُهرول نحوها.

ابتسمت له في سعادة مماثلة حتى كادت أن تتشقق وجنتيها من فرطِ الابتسام، كانا يلهثان كلاهما. أشارت ويندي له غير عابئة لصوتها العالي، أو أنهما قد لفتا أنظار من كانوا على مقربة منها "أسرع يا ألكسندر." تعجب ألكسندر منها بينما يخطو جوارها "ما الأمر؟ إن احتجتِ إلى توصيلة دعيني أُجلب سيارتي فحسب.. أو يُمكننا أن نستقل سيارة أُجرة."

أنهى حديثه مستنكرًا منها بينما يخطو في خطواتٍ مُتسارعة، أرادت أن تُجيبَه لكنها قد وجدتُ الحافلة تبتعد عن مرأى بصرها قبل أن تأخذ المنعطف التالي. فخرجَ صوتها مختلطًا بالخذلان و الضيق "أردتُ أن ألحق بالحافلة المتجهة إلى البلدة، الآن سأنتظر ما يزيد عن نصف ساعة أُخرى."

وجد ألكسندر الأسى بادٍ على ملامحِها، فحاول أن يُخفف عنها "لا بأس يا ويندي، دعينا نستقل سيارتي دون الحاجة إلى المزيد من الانتظار." لم تكن تلك خطتها. ماذا إن كان لأكسندر أيضًا مخططات لليوم؟ هكذا أخبرته "أنتَ غير مجبر على ذلك، يمكنني العودة إلى المنزل و الذهاب في الغد."

ابتسم ألكسندر لها مطمئنًا و قال"أنا أُصرُّ على ذلك." فوافقت ويندي على مضضٍ بينما تسير برفقتِه نحو السيارة المصفوفة. فتح لها باب السيارة في أدبٍ، فمرّت من أمامه و أخذت أنفاسه، و بالكاد قاوم رغبته من أن يلمس تلك الخصلات الملتهبة. جلس ألكسندر في مكانه يُحاول تهدئة نبضات قلبه المفرطة، و كذلك ويندي التي اجتاحت الحرارة وجهها. حمحم ألكسندر متسائلاً بينما يدير محرك السيارة "و ما الذي يدفعك للذهابِ إلى مركز البلدة، إن كان لدي حق السؤال؟"

Cherry Trees | أشجار الكرزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن