-
كان النسيم الدافئ يُلاطفني، و لا يصدحُ إلا صوتُ الحفيف الناتج من الحقل، كان أحبّ شيئًا إليّ هي تلك الثمارُ التي أراها تكبرُ حتى موعد حصادها، و الذي قد اقترب للغاية، تتوهجُ كالذهبِ في أشعةِ الشمس، و بطريقةٍ ما تُذكرني بويندي، ويندي التي قد اقترب موعد رحيلها عن أرضي، و أتيقنُ أنني سأنتكس بعد رحيلِها.
أظنُ أن أُغسطس سيصبح أكثر الشهورِ إيلامًا إليّ، سأُغادرُ عائلتي إلى فرنسا لأجل الإلتحاقِ بفرقتي في الجيش، ستضع روزالين مولودها و لن أكونَ إلى جوارِها، جلستُ على ركبتيّ بين المحصولِ بينما أُردد في داخلي بأنني قد أصبحتُ أخيرًا جنديًا سيخدم المملكة، و أستحقُ أن أفخرُ بذلك، ثم استلقيتُ على الأرضِ أُطالع السماء.
السماء التي كانت تتغير ألوانها وِفقًا لموقع الشمس، حتى غربت، و لم أنتبه إلى ذاتي التي غلبها النعاس، حتى استيقظتُ على صوتِ صياح چوناثان في فجرِ اليوم التالي"أيها الأحمق، أتعلم كم بحثنا عنك أنا و ليون و ها أنتَ هنا مُستلقي كالديدان." كان غاضبًا للغاية، فهربت ضحكاتٌ من ثغري، لقد حظيتُ حقًا بقسطٍ من النومِ لم أحظَ بِه قِبلاً، نهضتُ عن الأرضِ أُشاهد ليون يأتي مهرولاً نحوي، كان غاضبًا مثل چوناثان تمامًا.
"الجميع سيفتكُ به القلق لأجلك، و أنتَ لا تهتم." رفعَ ليون صوتَه بينما يسحب توأمه چوناثان خلفه كي يتركني خلفهما. نهضتُ عن الأرضِ مُسرعًا نحوهما، و قد نفضتُ شعرهما ضاحكًا "لا أظن أن العمة ليندا شعرت بالقلق حيالي." أبعد چون يدي عن رأسه قائلاً في غضبٍ "لا أودُّ أن أُخربَ مزاجك الهادئ ذلك، لكنها حقًا كانت قلقة بشأنك."
كانت الشمس قد أشرقت بمثلِ سُرعةِ غروبها، فأهدت السماء نورًا هادئًا، و كان الفجر باردًا لطيفًا، فألقيتُ ببعضٍ من الذنب الذي شعرتُ بِه بعيدًا و حاولتُ الإنصاتِ إلى زقزقة العصافير التي حلقت فوقَ رؤوسِنا .
سرتُ خلفهم يسودنا الصمتُ، دفع ليون باب المنزل، فاندفعت نحوه أمي مُتسائلة "هل وجدتُمـ.." بُترَت جملتها حين سقطت أعينها عليّ، فاندفعت نحوي مُوبخة "ألم أُخبرك مرارًا أن تُخبرنا أين تذهب؟" ابتسمتُ في رفقٍ "يا أمي، لم يُصبني مكروه." ضربتني على ذراعي مُوبخة "لم ينم أحدٌ منا بفضلك."
اكتفيتُ بالصمتِ في حين اتجهت نحوي روزالين بقسماتِ وجهها التي غزاها الإرهاق "ألن تكفَّ عن التفكيرِ بتلك الطريقة الأنانية؟" لم أجد ردًا مُناسبًا، فدافع عني العم روبرت "لا بأس يا روزالين، إنه بخير.. هيا بنا لِنحظى بقسطٍ من الراحة قليلاً، لقد أشرقت الشمس بالفعلِ." ثم تأبط يد زوجته ليندا، بينما بحثتُ بعينيّ عن ابنة العم، فوجدتُها أعلى الدرج ترمقني في هدوئِها المُعتاد، ما إن التقت أعيننا أشاحت بنظرها بعيدًا ثم اختفت عن ناظريّ .
ضرب ليون كتفه بخاصتي ليؤكد لِي عن غضبه، في حين صعدت روزالين بمساعدة چوناثان، و تبقت أُمي تتأملني دون أن تتحدث، زفرتُ مُتحدثًا في ضيق "أنا أعتذر، لم أتعمد أن يُصيبكم القلق بشأني." ابتسمت أُمي نحوي، ثم مسحت على وجنتي بأصابعها هامسة "لقد خشيتُ أن يُصيبك مكروهًا، لقد شعرتُ بذلك متى التقطت ذلك الخطاب من يدِ شقيقك." أخبرتني بصوتٍ هامس خالطُه القلق.
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Roman d'amourو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...