-
دلفتُ برفقةِ ويندي إلى متجرِ الحقائب، كانت تبدو غاضبة صِدقًا، و يكون ذلك جليًا عندما تجتهد في انتقاد كل شيء حولها. كانت تنظر للأغراضِ المعروضة في المتاجر بامتعاضٍ، لا يُعجبها شيء. زفرتُ في تعبٍ "بربكِ يا ويندي، إذا لا تنوِي شراء شيءٍ، دعينا نجلسُ في مقهى ما، لقد تورمت قدميّ."
رمقتني بطرفِ عينيها ثم تجاهلتني و استأتفت تفتيشَها بين الحقائب عن عيبٍ يجعلها تتذمر بشأنِه. أخيرًا قالت قاطبةً حاجبيها "يُمكنك العودة يا كلارا، لكنني لن أعود إلى منزلي في تلك الساعة."
"كفاكِ سخفًا، لن أتركَكِ." كنتُ أعرفُ جيدًا أن ويندي حزينة للغاية بسبب شجارها الذي اشتعل برفقةِ والديها منذُ يومين، و كان ذلك يفطرُ قلبي بشدة. أرى أن ويندي صديقتي الحبيبة هي الشخص الوحيد على تلك الأرض الذي لا يستحق أن يسكنَ الحزنُ نفسِه لأي سببٍ كان من الأسباب.
سألتُها بينما أقودها لمتجرِ الأحذية المُجاور "لماذا لا تُريدين العودة للمنزل؟" أجابت في حنقٍ "هيرمان سيأتي اليوم، و لستُ في مزاجٍ جيد له، هو و كلامه المعسول، أو ابتسامته الوديعة الغبية."
ضحكتُ في صدقٍ واضعةً يدي على ثغري، لقد كانت تبدو لطيفة و هي تتحدث عن هيرمان و كأنه أمرٌ لا يُهم. فأخبرتُها بين ضحكاتي المُتقطعة "لا بأس، رُبما يُمكننا العودة إلى منزلي حتى مُغادرة ذلك الوسيم."
رمقتني رافعة حاجبيها في استهجان فضحكتُ منها مُجددًا "اعترفِي بأنه وسيم، إنه يمتلكُ بالفعل شيئًا مُميزًا." استدارت قائلة في توبيخٍ مصطنع "توقفِي يا كلارا، سأُخبر رالف المسكين بحديثِك غير اللائق."
سحبتُ الحذاء من يدِها ساخرة "أعرفُ حركاتِ مراوغتك تلك، على أي حالٍ لقد أخبرني رالف كم أنه رجلٌ مهذبٌ للغاية." قاطعتني زافرةً في تململٍ "لا حديث عن هيرمان، أنا لم أتهرب منه كي تُلاحقني سيرتُه." فاستسلمتُ لطلبِها و انحرفتُ بحديثنا إلى شجارٍ آخر عن مُحاولةٍ بائسة مني لإقناعِها بأن الحذاءَ الذي تُمسك بِه رائع، لكنها كانت تُصر على أنه يجعل قدمَها أكبر حجمًا.
"أحتضرُ للذهاب إلى هامبورج، لقد أفسدت الحرب حياتي." قالتها بينما تخلع الحذاء من قدمِها، فحاولتُ أن أُخفف عنها "أعدُك بأنني سأُحاول إقناع رالف بذلك الأمر، و لو وافق يُمكن أن نذهب ثلاثتُنا." فضحكت ويندي مُتهكمة "انسِي ذلك، لن أكون عجلةً ثالثة في تلك العطلة. جِدي لِي زوجًا، و حينها فقط يُمكن أن نذهب أربعتُنا."
صمتت برهة ثم قالت مُمسكة بحذاءٍ آخر أحمر ذي كعبٍ عالٍ قليلاً "و ذلك يعني أنني لن أذهب مُطلقًا إلى هامبورج برفقتكما، لأنني لن أتزوج أبدًا و سأظلُ عزباء طوال حياتي." أنهت حديثها مُبتسمة في زيفٍ، كنتُ لا أستطيع السيطرة على ضحكاتِي، ويندي ذات المزاج المتعكر هي النسخة الأكثر لُطفًا على الإطلاق. يا إلهي، إن ذلك يجعلني صديقة سيئة.
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Romanceو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...