-
كان ستيفان يجلس في شرفة المنزل الواسعة، شارد الخُلد بعد أن أصابه الغم بعدما استمع إلى أخبار الحرب التي أضنته و أحزنته. كان يفكر في أليسون الصغيرة، يُفكر فيما سيحضره لها العطلة المقبلة. أخذَ يصلي لو يزداد اليوم سويعات أكثر رُبما قد تروي شوقه لابنته الصغيرة، أو لو أنه يلمح صوفيا زوجته السابقة من بعيد، فأخذ يتساءل عمّا أصبح شكلها عليه. فقد كان يراها فائقة الجمال مهما فعلت. و ما كانت رغبته لرؤيتها إلا فضول و حسب، فلوعة الحب التي شعر بها نحوها قد خمدت منذُ زمن، و قد أصبحت أليسون هي غايته الوحيدة في تلك الحياة، تلك الشقراء الصغيرة ذات الجديلتين و الضحكة الصدّاحة.
ثم انتقل من أليسون إلى أخيه الذي لا يزال قلبه نابضًا رغبةً في التنقل، دون أن يتخذ مستقرًا له. ذلك الشقيق الذي فضّل الغربة على أهلِه، و كانت مخاوف ستيفان لا تخلو من رؤية ألكسندر يهجره مجددًا، أولا يعلم ألكس الصغير أن أخاه يحتاج إليه كثيرًا كي يبقى عزاءً لأمهما، و سندًا له، فقد أثقلت أعمال والده كاهله، إذ تقدم به السن و يريد أن يستكين قليلاً.
فقد أصبح يحدِّث ستيفان في الفترة الأخيرة و يخبره قائلاً "يا بُني، قد عملتُ طُوال حياتي حتى أُوفر لكما سُبل الراحة. لقد اهتممتُ ببناء ذلك المنزل كي يمتلئ بأبنائكم. إن كل شيء ملكي هو لكَ أنت و أخيك." فأحب ستيفان أن يهدي أباه بعض الراحة بعد تلك الأعوام الطويلة. إلا أنه كان يدرك جيدًا أن الأب خائب الظن في ولديّه و إن لم يبح بذلك صراحةً، فأحدهما لا يملك سوى ابنة بالكاد يستطيع رؤيتها، و الآخر قد عزف عن الزواج.
أفاق ستيفان من شروده على صوت خطوات خافتة، تندفع من البهوِ إلى الدرج، فأدرك أخاه الذي كان يسير في هدوء، فحاول أن يتبين ما شقيقه بفاعل. لم يمهل ستيفان نفسه لحظة و اندفع نحو أخيه لمّا رأى عينه اليسرى حمراء. جفل ألكسندر من ستيفان فلم يظن أنه سيكون مستيقظ حتى ذلك الوقت، فحاول أن يصعد نحو غرفته فلم يكن في مزاج جيد للحديث، لكن ستيفان قد أوقفه ممسكًا بذراعِه "إلى أين تعتقد نفسك ذاهب؟"
زفرَ ألكسندر قائلاً في هدوء "إلى غرفتي، لستُ في مزاج جيد للشجار يا ستيفان." تهكم ستيفان مشيرًا نحو الكدمة على وجهه "أو لأنك قد حظيت بشجار بالفعل." أغمضَ ألكسندر مُبعدًا قبضة أخيه عنه هامسًا في تعب "يُمكننا ان نتحدث في الصباح."
لكن ستيفان أعاد قبضته قائلاً في حنق"لا أود أن تراك أمنا صباحًا، فيزداد همها." فدفع ألكسندر شقيقه بقوة عنه غاضبًا "إذن يجدر عليّ الرحيل الآن." و همّ أن يستدير عائدًا أدراجه لكن ستيفان قد لحق بِه بعد أن شعر بالذنب فقد كان قاسيًا عليه "مهلاً، لم أقصد أن أكون بغيضًا.. أخبرني بما حدث."
تردد ألكسندر في إخبار شقيقه بما وقع في الحفل الغبي، لكنه كان يعرف أنه إن لم يخبر ستيفان، فأصدقاء أخيه الكثيرون سيسارعون في إخبارِه، و أن تصل الحكاية صادقة منه أفضل من أن تُرسَل محرفة على ألسنةِ الآخرين. ساق ستيفان أخاه الأصغر نحو غرفته، فقد كان خائفًا من ان يفقد رباطة جأشه و يعلو صوته، فيتسلل إلى أبويهما حديثهما.
أنت تقرأ
Cherry Trees | أشجار الكرز
Romanceو بينما كان يفوحُ في الهواءِ رائحةُ البارود المشتعل، و حيثُ كانت تقطعُ الطائرات الحربية صمتَ السماءِ، كانت تُحاول ويندي براون أن تحل مُعضلةَ الوطن، بالرغمِ من الحنين الذي يجرفُها بين يوركشاير الإنجليزية، و برلين الألمانية. فهل ستسمح الحرب لأشجارِ ال...