ظل في مكتبه يتابع ما تبقي من اوراق ... كان يهرب من رجعوه ومواجهة حاله وما هو عليه ... امسك بملف الصفقة الجديدة والتي من اجلها سيعقد هذا الاجتماع الثنائي غدا مع مديرة التعاقدات والتنفيذ بالشركة التي ستقوم بتنفيذ المشروع ... فهذا المشروع والذي طالما حلم بتنفيذه وانشائه في اجمل المناطق التي وقعت عليها عيناه ... الا انه كلما فكر بانه سيصبح حقيقة ... يشعر باحساس غريب والاغرب منه هل سيخرج علي الواقع كما هو يتخيله في عقله الباطن ويراه في احلامه اليومية...
اخذ يستعرض الاوراق ويجري حساباته لجميع الاحتمالات ... ونسب المكسب والخسارة حتي اصبحت الساعة الثانية عشرا مساءا ... نظر في ساعته وتنهد بقوة ...
أدهم : " لامتين راح تظل هون ... لامتين راح تضلك تهرب من حالك ومن اللي راح تواجه اذا فليت من هون ... لكن لازمنا ترتاح وتريح عقلك اللي ما بيوقف شغل هيدا تتقدر تكفي ... ايه لازمنا ارتاح ... "
ليجمع اوراقه الهامة ويتجه الي سيارته وينطلق الي بيته لينعم ولو بجزء قليل من الراحة حتي يستعد ليوما جديد ... كان طوال الطريق سارحا في افكاره الكثيرة والتي تمركزت معظمها بصفقاته ومشاريعه وامور شركته ... ولكنه ووسط زحمة الافكار هذه لم يفهم لما هو متحير من تلك الفكرة وذلك الاحساس الغريب الذي انتابه عندما كان يتفقد اوراق مشروع حياته كما يطلق عليه ...
لم يعرف لما تملكه شعور بان هذا المشروع لن يكون مشروعا عاديا ولن يكون كاي مشروع نفذه من قبل ... فهذا المشروع سيكون بالفعل نقطة تحول في حياته ليست العمليه فقط بل والشخصية ايضا ... فهو ومنذ ان علم بجدية تلك المديرة الشابه واصرارها الغريب علي مقابلته رغم تهربه الكثير منها الا انه لم يكن يتهرب من مقابلة عمل علي قدر من انه كان يتهرب منها هي شخصيا ومن مقابلتها ... فمنذ ان سمع اسمها من سكيرتيرته لاول مرة وهو لا يعرف لما يتهرب منها ... لما ظل يتحجج هكذا فمعظم سفرياته لم تكن تستدعي تواجده شخصيا الا انه كان يتهرب عن طريقها علها تزهق وتلغي فكرة مقابلته وعقد تلك الصفقة معه ... الا ان اصرارها كان في تزايد مستمر ليجعله هو ايضا يزيد في الهروب من مقابلة تلك الشخصية التي حمل اسمها اليه مشاعر واحاسيس بانها ستعيد عليه مواجع لا يريد ان يتذكرها مرة اخري ...
وصل الي البيت ... وما ان نزل من سيارته ونظر الي بيته من الخارج حتي احس بجسده كله وقد اصابته القشعريرة ... اخذ يرتعش بعد ان احس بالخواء وبالالم الوحدة التي يعيشها ... وكيف لا فقط بني نفسه بنفسه لم يعتمد علي احدا حتي والده لم يحبز الاعتماد عليه ... لقد بني نفسه وانشاء صرحا كبيرا واعلي قصرا لتحتضنه جدرانه هو وحده خاصتا بعد كثرة الخلافات التي حدثت بينه وبين والدته التي اصرت علي اتمام زواجه من احدي قريباته الا انه اصر علي الرفض ...
الام : ادهم ابني ... خلاص جهزلي حالك ... راح نقراء فتحتك الجمعة الجاية...
ادهم " متفاجاء " : شو ... الجمعة الجاية ... لا ماما عذريني ويا ريتك تنكسليها للقصة ...