1- ملاكي الصغير

51.2K 500 35
                                    

دلفت الناظرة الى الصف و عقدت حاجبها بتركيز و هي  تبحث عنها بعيناها بين تلميذات الصف .... و تنادتها لتثبت نظراتها عليها عندما صدح صوتها
الناظرة باهتمام : ملك ...
ملك بتعجب : نعم ...
الناظرة بجدية : المديرة تريدك ...
تفاجأت ملك وتغيرت معالم وجهها الى  الخوف و القلق بعض الشيء ... و لكنها ظلت متماسكة
استأذنت من معلمتها وخرجت من الصف بهدوء و رفقت الناظرة ...
ملك لنفسها و هي تشعر بالتوتر الشديد  : ماذا هناك يا ترى ....
فلم يسبق ان طلبتها السيدة كريمة او وجهت لها اي انذار او ملاحظة ... هناك امر غريب لا محال
فهي تلميذة متفوقة على صفها و تتمتع بالاخلاق الحميدة و السيرة الحسنة ...و محبوبة من الجميع
ابتلعت ريقها و بدأ قلبها ينبض بسرعة و هي تتجه...  لتطرق الباب بتردد .... ثم دلفت الى داخل عندما استمعت لصوت المديرة كريمة تأذن لها بدخول ...
اصيبت بذهول التام عندما رأت صديق والدها عم حسني يجلس على كرسي امام السيدة كريمة متجه الى الامام عقد كفيه ببعضهما متوتر يسيطر عليه ... يتصبب منه العرق و السيدة كريمة تدقق بالاورق الامامها ... ما ان راها حتى وقف و رفع نطره اليها
حسني بتوتر و قلق : ملك... 
ملك: عم حسني ... ماذا هناك ؟؟
شعرت بتوتر و ارتباك ... فهو لم يسبق له ان زارها في المدرسة ... اخذ مخيلتها تصور لها ابشع الصور ... هذا يعني ان شيء سيء حصل لوالدها ...
عقد لسانه ويتردد بنظر اليها... لا يعرف ماذا يقول ولا كيف و من اين سيبداء فهو لم يتكلم ابدا بعد ...
اغمضت عينيها لثواني لتخافظ على ثباتها ....
ملك بخوف و قلق و : عم حسني ... حصل شيء مع ابي... هل هو بخير...
كانت قد اقتربت منه و امسكت يده و بدأت بضغط عليها و كانت تنظر اليه برجاء ان يخبرها انه بخير ثم وجهت نظرها لي السيدة كريمة التي نهضت من كرسيها و توجهت نحوها لتهداءها ...
بداءت الدموع تجتمع في عنيها... و هي تأبى النزول ...
ملك بنبرة عالية و الخوف ظهر على وجهها :ماذا هناك ؟ ... تكلم ...ارجوك
واقف بكلامه مغموض العينين
حسنى بحزن : ملك عزيزتي ... والدك فقد وعيه  في العمل ... و تم نقله الى المستشفى ...
شعرت ان جسدها تلاشى و ثقلت قدمها جالسة على الكرسي  وضعتا ً يديها على وجهها ... و انفجرت بالبكاء ...
رتبت السيدة كريمة على رأسها برقة و حنان بعاطفة الاموية  و اعطتها كوب من الماء
ملك ببكاء : ابي ابي .... اشفي
ملك بحزن و هي تنظر الى كريمة بترجي : اريد ذهاب ... ارجوكي ... اسمحي لي ....
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
تهفت التلاميذ على النافذة ... تتجه انظراهم بتعجب الى ملك ... التي تسندها المديرة كريمة و الناظرة ....
سارت بخطى بطيئة تنظر الى الامام ولكن لا ترى شيء ... تمنع دموعها من السقوط و صوت شهقاتها من الخروج بصوت عالي ...
مايا : ماذا حدث! ياترى
ايمان: !! لماذا تبكي؟
لم يسبق ان رأوها في هذه حالة من قبل ..
ركبت السيارة مع عم حسني  متوجهة الى المستشفى ...
في طريق ... لم تتوقف عن البكاء رغم محاولات فاشلة من عم حسني بتهدأتها ... كانت تسند رأسها على زجاج تناظر الخارج ...كانت تدعي الله ان يعيده لها سلاما ً فهي لا تقوى على فقدنه ... والدتها متوفية و هي في ثامنة من عمرها ... و قد عانت كثيرا ً لفقدانها ... لم تنسى ابدا هذا اليوم ... فقد كان اسواء يوم في حياتها ...رغم صغر سنها وقتها الا انها تذكره بكل تفصيله و ما زال مطبوع بذكرتها ...و الان هي خائفة ايضاً من ان تتكرار مأستها مرة اخرى
ملك بستفسار و صدمة تعلو ملامحها  : ماذا حدث عم حسني... كيف حصل هذا ... لقد كان بخير صباحا ً
حسني : لا اعرف .... و لكن والدك ِ قلبه ضغيف يبدو انه لم يعد يتحمل تعب العمل و عنائه...
ملك بحرن : لن يكن يصغي لي ولا لكلام الطبيب بعدم اجهاد نفسه ...
حسني : ليس بيد حيلة يا صغيرتي ... فمن اين يعيلك ... فلولا عمله المتواضع و بسيط الذي اوكل له في مزرعة عائلة سيف الدين لكنتم موتى من الفقر و الجوع   ...
نظرت له بحزن و قهر و اسى من حالها و اكملت ببكاء المكتوم  ...
وصلت الى المستشفى ... لم تشعر الا وهي في العناية المركزة امام ولدها و هو مستلقي الامامها في سرير عاجز... بجسده الضعيف ... و وجه الشاحب ... و انفاسه الثقيلة ... و الاجهزة تحوطه من كل جهة و اصواتها تملاء مكان ... ضوء الغرفة خافت ...
ملك برجاء : بابا حبيبي ... اجبني ...
امسكت تقبل يده وتضعط عليها ... و تضمها الى قلبها و هي تبكي بهدوء مؤلم ...
حتى دخل الطبيب بعد ان تابع حالته
الطبيب : كان وضعه سيء جيدا... لقد اصيب بذبحة قلبية ... لقد تم اسعافه في الوقت المناسب وضعه الان مستقر نسبيا ً... يجب ابقاءه تحت المراقبة ٢٤ ساعة قادمة و من بعدها نقرر ماذا سنفعل ... اطمأني لا داعي لي قلق يحتاج للغد حتى يستقيظ .. لا داعي لبقائك هنا
ملك : حسنا شكرا لك ..
تبسم لها حتى يطمئنها ثم هز براسه و خرج
بداءت الاعصابها تهداء شيء فشيء . ثم جلست بجانبه واضعا ً راسها على يده تقبلها و تحتضنها ... باقيت على هذا الوضع لمدة طويلة من الزمن ...
حتى قاطعها الممرضة
- انتهى وقت الزيارة المخصص له ... 
التفتت اليه و امسكت يده تقبلها و تودعه ... حتى شعرت بهمسه قائل بصوت متقطع ضعيف
كامل : ملاكي صغير ...
اتسعت عيناها بفرح ... و اقتربت منه
ملك : بابا ... لا تتعب نفسك انت بخير و هي تمسح على رأسه و تقبله ... 
كان عم حسني ينتظرها بالخارج ... اقلها الى المنزل لان المستشفى بعيدة عن منزلها ...
بعد مدة من الزمن ... وصلت الى منزل  ، فتحت الباب و اطبقته بهدوء خلفها  و انسندت عليه و انفجرت بالبكاء هستري وضعتاً يدها على فمها تكتم شهقاتها الموجوعة ...و اخرى خلف ظهرها تمسك مقبض الباب ... تلاشت على ارض كورت يديها تحتضن نفسها ظلت هكذا لمدة طويلة  ... حتى هداءت نسبياً ... فهي المرة الاولى التي تبيت وحدها ... لا يمكنها الان تحديد ما هو شعورها ... خوف ... وحدة ... فقدان .... اشتياق ...
تمسكت بعض الشىء ثم توجهت الى حمام لتخلع ملابسها عنها و تأخذ حمام ساخناً يزيل تعب اليوم

خرجت و هي تنظر في جميع انحاء المنزل الصغير تبحث عنه بنظرها لربما تجده و يكون ما حدث معها مجرد حلم ... كابوس ... و لكن ليس كل ما يشتهيه المراء يدرك تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ...
استلقت على سرير تخاطر نفسها ...
بانه سيتحسن و لم يصيبه مكروه و لم تبقى وحدها وحيدة  ...وثم اغمضت عيناها بستسلام  وهي تدعي الله ان يشفيه...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
اتمنى تعجبكم
لا تنسوا تصويت
و تبابعوا حسابي على Wattpad
ما تنسوا تعملوا ليك لغروب على الفيس بوك
https://www.facebook.com/groups/231824547878816/?ref=share

 اريدك ِ (مكتملة ) بقلم فضيلة محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن