38 - ابني

7.3K 201 22
                                    

دخل منزله ... وقد شعر بالغربة قاتلة بغيابها... اشتاق اليها كثير ... تقرب منها في اشهر المنصرمة  اكثر حتى اعتاد وجودها كثيرا ... عانت  كثيرا من تعب الحمل و ثقلت حركتها ... خبت بطنها الذي لم يكبر كثير بملابس الشتوية ...
ساءة حالة والدها كثيرا... فضطرت الى مكوث معه بالقرية ... و هي هناك منذ اسبوعان ... بعدما انهت امتحانتها و ذهبت اليه مباشرة ... اشتاق لها كثير ... ود لو يذهب اليها و يعتصرها بين اضلعه و يبث لها شوقه وحبه ...  و لكنه لم يستطع ترك العمل ابدا  .. رن هاتفه باسم معذبة قلبه و روحه
امير و قد ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتيه : الو ... ملك .. كيف حالكِ...
مايا ببكاء : عفوا ... انا مايا صديقة ملك في القرية ...
انتفض مكانه واقفا ًمن شدة الخوف ...
امير بلهفة و خوف : ماذا حصل ... اين ملك ..
مايا ببكاء : امير بيك ... توفي والد ملك منذ صباح  ... و ملك ...
امير بقلة صبر : ما بها ملك تكلمي ...
مايا ببكاء : لا ادري امير بك  ... انهارت ولا ادري ماذا حصل لها ... بدأت الدماء تنهمر منها .. و لا اعرف شي ء ... تم نقلها الى المستشفى ... ذهبت معها فاطمة ... و انا هنا مع العم حسني ... يجهزون للعزاء
امير بخوف : انا قادم ...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
قاد سيارته  باقصى سرعة ممكنة ... وهو يكاد يسابق الزمن ... رغم زحمة السير الخانقة ... كان الوقت كالدهر عليه ...  وصل الى المستشفى بعد معاناة ...
دخل بهيبته المعتادة و طلته الرائعة و الهيبة التي لا تليق الا به ...خطف الانفاس و لفتت انظار جميع الموجوين بالمدخل المستشفى ...حيث توجه اليه المسؤول عن المستشفى الذي كان بنتظاره... بعد ان اتصل به و اعطاه بعض الوصايا .. ليمشي في رواق طويل ... حتى لمح فاطمة بعد ان تواصل معها على الطريق ...توجه اليهم
امير بقلق : كيف هي الان ...
فاطمة : لا نعرف شيء  ...
امير بقلق : ماذا جرى ...
فاطمة برتباك : انهارت عندما توفي والدها صباح ...
امير بغضب : لما لم تتصل بي ...
فاطمة : اتصلنا  ... و لكن اعطانا ان هاتفك مغلق  ...
اميربقلق و غضب : ماذا حصل ...
فاطمة : بعد الدفن ... عندما عدنا الى منزل لأقامة العزاء ... فجاءة بداءت الدماء تسيل منها بغزرة ...نقلنها الى هنا على الفور ....  لا نعرف شي هي الان في غرفة العمليات منذ ساعة و نصف ... و قد طلبوا عددة وحدات من الدم ...و قد تم تأمينها ...
بعد نصف ساعة و هو يقطع الممر ذهاباً و اياباً بكل توتر و قلق ...
خرج الطبيب من غرفة العمليات ...
امير بلهفة : كيف حالها ...
الطبيب :اضطرنا لتوليدها لنقذ الطفل و ننقذها ... اوقفنا النزيف بصعوبة بالغة ... ستبقى   تحت المراقبة لمدة 24 ساعة ... اما بالنسبة لطفل سيبقى بالحضانة و حالته حرجة جدا ً فقد ولد في وقت باكر جداً ...
امير : لماذا حصل معها
الطبيب : تعرضت لضغط نفسي كبير جدا .. واعطينها مهدىء لن تستيقط قبل الصباح ...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
اضطر الى ذهب لأقامة صوان العزاء لولدها بعد ان اطمأن عليها من الطبيب دون ان يرها ...
استطاع بنفوذه و سلطته ان يدخل الى العناية الفائقة في وقت متأخر و بخلاف اوقات الزيارة ... و جلس معها  ...اشتاق لها كثيرا ... الالمه قلبه كثير ... كان وجهها شاحب بشكل مخيف ... ممددة في سرير و الاجهزة متصلة بها و السيرم المغذي بالاضافة الى اكياس الدم ..
جلس بجانبها يمسك بيدها بكل حب ... يقبلها ... ليبث لها الدفىء و الشوق ... خائف عليها بشدة ... يغشى ان يحدث لها شي سيئ
يذكر عندما فجائها بنتظره لها امام المستشفى ...
ملك بصدمة : امير .... انت بخير ...
امير بأبتسامة : نعم ... بخير
ملك : ماذا تفعل هنا ...
امير بسعادة : انتظر زوجتي عزيزة ... لندخل معا لطبيب و نطمأن عليها و على طفلنا
ملك بصدمة :حقا ... اليس لديك عمل ...
امير و هو يرفع احدى حاجبيه : كلا
ملك بحماس و قد وصلت ابتسامة الى اذنيها و هي تصفق بيدها : حقا ... شكرأ لك ... هيا بنا
امسك يدها و دخلا معا الى الطيبية المتابعة لحالتها ...
الطبيبة : اهلا ... تفصلا... سيدتى استلقي هنا
استلقت حيث طلبت منها و تقدم امير ... يقف بجانبها و يمسك يدها و يتطلعان بكل رغبة و حماس الى الشاشة ... حينما وضعت الطيبية الدواء اللزج على بطنها و اخذت تحرك بمقبض صعودً و نزولا .. ...
الطيبة بحماس : هذا هو جنين ... هذا راسه ... انظرا كم هو جميل .... يبدو انه نشيط ... انطرا .... يتحرك كثيراً..
ملك بدموع : انه صغير جدا ً...
امير : اجل ...
الطبيبة : هل تريدان معرفة نوعه ...
ملك بحماس و هي تشد على يد امير : اجل ... نريد
امير : طبعا
الطبيبة : يبدو انه يبداء بمشاكسة منذ الان ... انه صبي
امير بأبتسامة منتصرة : رائع ...
ذمة ملك فمها بتزمر فقط ارادت ان يرزقها الله بطفلة صغيرة و جميلة ... تدللها و تغنجها  ... و لكن كل ما يبعثه الله خير ...
اما امير فقد اراد ان يكون صبي ... ليشكل الذكور الاكثرية في منزل و يكون خلف له ...
خرجا من عند الطبيية بعدما اوصتها الطبيبة بانتباه على صحتها و وصفت لها بعض الفيتامينات ....
امير : ماذا تردين ان نفعل ...
ملك بتوجز : انا جائعة جدا ً ...
امير : ما رايك ان نأكل سمك ..
زمت ملك شقفيها بتفكير
ملك بدلال : لا .. لا اريد ... اريد هنبرغر ...
امير : مأكولات سريعة ... حسنا ... سنذهب الى المول... نتغدى و نشتري جميع حجيات طفلنا...ملابس و غرفة نوم خاصة به
ملك : رائع ...
كانت سعيدة جيدا و اتسامتها زينة وجهها ... لمعت عيناها ببريق الفرح و الحب ... فقد احتارت ما تشتري له ... و هما يختاران كل شيء بفرح عارم و سعادة
افاق من شروده على ضجه التي احدثتها الممرضة ...
الممرضة : اسفة سيدي ... اعتذر لأزعجك  و لكن لدي عمل يجب القيام به ... هل تأذن لي
اومى لها امير ...
امير : انتِ التي ستبقين معا
الممرضة : نعم سيدي
امسك عدة ورقات نقدية بالاضافة الى كارته الشخصي
امير : هي امانة لديك لا تتركها ابدا ... سأذهب لارتاح و اعود في الصباح ....
اومت له بكل طاعة ...
امير : اريد رأيت ابني ...
الممرضة بتوجس : هو في الحضانة الان و هو صغير جدا و ضعيف ... لا يمكن الدخول دون تعقيم و غرفة مغلق الان ... اعتذر سيدى
هز راسه بتفهم و انصرف فهو متعب جدا ً ...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸كان نومه خفيف جدا و ارق ... لم يستطع النوم جيدا و باله مشغول بها ... استيقظ باكرا .. اتصل بالممرضة المشرفة على حالتها التي اعطته رقمها .... فأخبرته ان كل شيء على ما يرام ... و انها لم تستيقظ بعد ... فقرار القيام بعدة اعمال تخص المزرعة و اعمال الكترونية تابعة لعمله في المزرعة ... كان يعمل على احر من الجمر ..... يحاول شغل نفسه وضبط اعصابه و لكن كل محاولاته ذهبت مع الريح ...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
ركنت سيارتها الامام دكان ... نزلت و اشترت القهوة التي لا يكتمل يومها من دونها ... و هي تدندن على انغام فيروز ... لتعود الى سيارتها و تتفاجاء به يجلس على مقدمتها ... يضم يديه الى صدره بكل شموخ ...
ميرا بغضب و ذهول : ماذا تفعل هنا ...
محمود يهدوء : جئت لأتكلم معك ِ
ميرا بجفاف و غضب : لا اريد كلام مع احد ... و خاصةً معك ...
اقترب منها بهدوء...يحاول استمالتها
محمود برجاء : اسمعني ميرا ... ارجوكِ ...
دفعته بيد واحدة و اتجاهت لتركب و هي تصيح به
ميرا بتهديد : اسمعني جيدا ... لا اريد ان اسمعك و لا ان اراك مجددا محمود ابدا ابدا
كاد ان يتكلم ولكنها قطعته حينما ركبت سيارتها و اقفلتها و فرت هاربة...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
خرج من باب المصعد .... سمع صوتها الهادر و هي تصرخ بإهتياج باسمه من غرفة عادية نقلت اليها منذ دقائق فقد تخطت الخطر ...
ملك ببكاء هستيري : اميرررر ...اميرررر ...
مشى بخطوات بطيئة ... امسك مقبض الباب و فتحه بهدوء ...
ليرى ممرضتين يحاولون تهدأتها و امساكها لاعطائها حقنة و لكن دون جدوى ...اصابها انهيار عصبي حاد ... فاقدت الوعي و التركيز ... تبكي بصراخ و هسترية في سرير... تتحرك بطريقة سريعة سحبة المغذي من يدها بطريقة عنيفة ... و دماء تسيل من يدها ... لم تدع احد يقترب منها ... و هي تصرخ باسمه حتى انبح صوتها ... و المتها اوتارها الصوتية ..... تورمت عيونها و انفها و اكتسى الون الاحمر وجهها ...
الممرضة 1: سيدتي اهداءي .. ارجوك
الممرضة 2: فقط دعينا نعطيك حقنة... سترتاحين بعدها  و تهدئي
ملك بصرخ : لا .... اتركوني ... اميررررر  ...
اتاها صوته الهادىء و هو ينادي باسمها ...
امير بهدوء: ملك .... حبيبتي
ملك ببكاء : امير ... انت هنا ...
اومى لها ... هدأت حركتها تتدرجيا ً... و اقترب منها ... حاولت الوقوف و لكنها لم تستطيع
امير : اهداءي انا هنا ...
جلس بجانبها ... ارتمت بأحضانه و انفجرت ببكاء و هي تتمتم بكلمات غير مفهومة ... حتى هداءت تدرجيا
اشارت اليه الممرضة لمسكها و تعطيها الحقنة و لكنه رفض ... و اشار لهما بيده  للخروج
خفت شهقتها ... و دفنت نفسها بين احتضانه بطريقة هسترية كأنه سوف يهرب ...
بعد مدة ...   هدأت قليلا  .. رفعت راسها عن كتفه .. و بداءت تتكلم باشياء غير مترابطة
ملك ببكاء : لا تتركني امير .. طفل مات ... اقسم لم افعلها ... نمت و استيقظت ... اخذوه ... مات لوحده ... اقسم ... لم اقتله ... انا احبه ... بابا مات ... تركني هو ايضا .. طفلنا مات .. ايضا ... لا تتركني ... انت قلت لي ستتركني ان مات .. لا .. تتركني .... ارجوك ... مات .. كلهم ماتوا ..
ابتسم لها امير و هو يرتب شعرها المشعس و يعيده خلف اذنها برقة ... يمسح دموعه بظهر يده بكل حب و حنان
امير : اهدءي ملك ... حبيبتي... لن اتتركك ابدا .. اهداءي هناك جرح في بطنك ..
هزت رأسها برضوخ ...  و هي تتمسك به
اعاد احتضانها الى صدره ... و هو يرتب على راسها يهدأها قدر المستطاع ... و يسمعها كلمات مطمئنة لتهدىء ... ظلت تهذي و تبكي لمدة طويلة ... حتى انتظمت انفاسها ... و غطت في نوم عميق ...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
خرج من غرفتها ليصادف الطبيب المسؤول عن حالتها ...
الطبيب : اهلا امير بك .. كيف حالك ...
امير بهدوء : بخير ... كيف حالها ...
الطبيب : بخير لا تقلق ... تفضل الى مكتب ...
الطبيب : امير بك لا اخفي عليك الوضع حرج جدا ً  ... توقف قلب الطفل بأمس ... و هذا لا يبشرك بخير ابدا ... و ضعنا له المحاليل اللازمة و الادوية و الباقي على الله ... ولد في بداية الشهر السابع ... و هذا خطر
امير يهز راسه بتفهم : و ملك ... كيف حالها
الطبيب : تعاني من انهيار عصبي حاد جدا ... جيد انك حضرت ... توفي والدها بين يديها ... وهذا ما لم تتحمله و سبب لها انقباضات بالرحم ... من افضل ان ترتاح هذه الفترة و ان تبتعد عن اي ضغط ...
اومى له امير ...
امير : اريد نقل ابني الى مستشفى اخر في المدينة ..
الطبيب : صدق امير بك ... لم يفعلوا له .. اكثر مما نفعل له ... بالاضافة الى خطورة عليه و مضاعفات ....
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
جلس على كرسي ...بجانبها ... يمسك بيدها الصغيرة بالنسبة ليده ... و هي تهذي في نومها ... ارتفعت حرارتها بشكل كبير ... كانت فاطمة معه ... تقوم لها بكمدات الباردة ...
فاطمة : امير بك ... انت مرهق كثير... اذهب و انا اعتني بها
هز راسه لها بالنفي ... و هو لم يعد يقوى على الكلام ...
وهي مازال تهذي و ترتجف ... بالرغم من الادوية خافضة للحرارة مرفقة لها في المعذي التي قد قامت الممرضة بوضعه منذ قليل  ...قام و يجلس بجانبها ... يضمها اليه و هو يحاوط جسدها و هو يمتم بها بكلمات مسموعة مطمئنة و يغدقها بحنانه و عاطفته ...   
حتى بداءت تهداء رجفتها ... و تنخفص حرارتها ...ضمها اليه بشدة ... و اسند راسه على كتفها ... ثم غط في نوم عميق
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
تململت بين احضانه على اشعة الشمس الذهبية  ... عندما شعرت بشيء صلب اسفل راسها ... فتحت اهدبها الطويلة و  فوجدته ملتزق بها ... و يحتضنها بكل حنان وحب ...

 اريدك ِ (مكتملة ) بقلم فضيلة محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن