وقفت خلف الباب تأخذ نفس عميق ... كان نصف مفتوح ... دقته بطرقات خفيفة ...
- تفضل... اردفت بالدخول ...
كان واقف ينظر الى خارج ...رائحة عطره تملاء المكان ..كان بكامل اناقته ... يرتدي بدلة سوداء مع ربطة عنق زرقاء ... يجري مكالمة هاتفية يرد بصوت بارد و هادىء...
انهى مكالمته و جلس دون النظر اليها يطلع الاوراق التي امامه ... و لم يكترث لها...
بدأت تشعر بتوتر... فهو لم يعيرها الاهتمام ...
- كم ساعة الان ... سألها ببرود دون النظر اليها
- الثالثة و النصف امير بك...اجابته بتلعثم
- اي يعني انك متأخرة نصف ساعة ... اردف ببرود شديد
- لا لقد كنت هنا عند ساعة الثالثة و عشر دقايق و لكن انتظر... ليقطعها ..
- الثالثة و عشر دقايق ...عشرون ...ثلاثون ... متأخرة ... قالها بجفاف...
كانت قد فكرت بدخلها قبل ان تتوجه اليه ان تسأله لماذا لم يدفع تكلفة العلاج ولكن بجفائه هذا ترجعت و ظنت انه غاضب
فجاء حمل مستند بيده و رماه في متقدم الطاولة مكتب امامها... وهي واقفة لا تحرك ساكن
- وقعي ...بكل جفاف
- ما هذا ...لترفد بتوتر شديد
لينظر لها اول مرة رافع عينه اليها يشير بقلمه ...
- اقرائي ...
امسكت ملك الاوراق ...
- عقد عمل
انا الموقع الادنه ملك كامل عزير اوفق بعمل لدى سيد امير سيف الدين مقابل الاعمال في مزرعة و ذلك مقابل راتب 500$ شهرياً وذلك ضمن شروط قانون العمل ...
ثم تفقدات الاورق لتجد خمسة وعشرون ورقة مكتوب عليها كمبيالات بمبلغ 200$
ليقطعها...
- هذا عقد عمل للاتفاق على آجرك .... و في خلف كمبيالات لاضمن حقي بتسديد المبلغ الذي ادنتكِ اياه ... تكليف المستشفى 10000$ سأحتسب نصف عليكِ نصف علي فيكون المبلغ الذي عليكِ دفعه 5000$... قسمته الى 25 دفعة ليتنسب مع راتبك ...
- أي اني سأعمل لديك لمدة سنتين على اقل ... قالتها بحرقة و انكسار وكادت ان تبكي ولكنها تمسكت
- يمكنك الرفص ... قال ببرود شديد ... و هو يتابع الاعمال امامه ...
الهي ... ساعدني ماذا افعل... ان لم اعمل سوف نموت جوعاً بالاضافة الى تكليف المستشفى الباهظة الثمن ... لا اعرف ايضاً ماذا سيترتب من امور قانونية ... على هذا الموضوع في حال لم يتم الدفع ..
- ماذا قررتِ... ليس لدي وقت ...
ما الذي حصل كان لطيفاً بأمس..
نظرت له نطرة حزن شديدة ثم اردفت بصوت مكسور
- اوفق
- وقع ِ اذا
امسكت قلم و يدها ترتجف ليس بيد حيلة ... ثم بداءت الدموع تسيل من زرقائها ... فتمسحها بسرعة و قد احمر وجهها و عينها ...
كان يجري بعض المكالمات الهاتفية ... ما ان فرغ منها... حتى نظرت اليه
- انهيت
- وقعتها كلها...
- نعم ...
تفقد الاوراق كلها...
- حسناً ... يمكنك انصراف لعمل الان ... بنبرة الأمرة
خرجت من باب الصالون الى حديقة و كانت تكتم دموعها توجهت الى اسطبل و هي تكتشف المكان ... دخلت فلم تجد احد .... انفجرات بالبكاء... جلستً على ارض و يديها على وجهها ... بقيت هكذا لبعض الوقت ... حتى بدأت شهقاتها بسكون ... و هدأت دموعها ...
رفعت رأسها ثم مسحت دموعها بكمها
- لم استسلم ...ثم تبسمت
نظرات حولها لتجد ان الاسطبل كبير جيداً فيه اكثر من عشرون حصان .. اخذات تنهيدة عميقة
لتبداء بغسل الاحصنة وجذب الشعرهم وتنظيف الاسطبل ... و تقديم الماء و العلف لهم ...كانت منذ صغرها مولعة بالأحصنة وكانت تتمتى ان تمتلك واحد يوما من الايام ...فبسبب شغفها فيهم اصحبت تعرف كل شيء عنهم من تدربهم و ترويضهم و تعامل معهم ...
مر اسبوعان ... و ملك لم تحسس بالوقت
فبين ذهابها الى المدرسة في صباح و بين اعتناء بوالدها المريض الذي نزل من المستشفى و عملها في مزرعة سيف الدين بعد الظهر ... خسرت الكثير من الوزن ... واصبحت ملامح التعب و ارهاق واضحة عليها و قد تراجعت تراجع طفيف في مستواها في الصف و لم يبقى سواء بضع اسابيع لأمتحانات الشهادة الرسمية ... و فهي تحاول ان تحصل على منحة جامعية تخولها لدرسة الطب كما حصلت عليها في المدرسة ...
فكل ما حصل معها لم يجعلها تتراجع و تفقد ما تبقى من الامل لتحقيق مرادها ... و لم تدع احد يحطم من عزيمتها... فهي فتاة حيوية نشيطة عفوية و متفألفة دائما...
و امير الذي قضى كل وقته بالعمل كالعادة لا يجد وقت لراحة ...
نزل الى الاسطبل ... القاء نظرة في ارجاء المكان ... وجد كل شيء منظم و مرتب ...
وجدها تجلس على ركبتيها تجذب شعر الحصان من ساقه ... هادئة جيدا ... تعمل بجد و نشاط ... خصلات شعرها الذهبي تغطي زرقة عيناها ... شفتها كأنها حبات كرز و حمرة على خدودها .... بيضها كالثلج ... برائتها ... نعومتها ... رقتها... كل شىء يجذبه لها ...
فهو امير سيف الدين الذي تصتف الاجمل الفتيات له ... ليختار واحدة .. لتحظى لوبساعة واحدة بقربه ... لم يوقظه من شروده الا صوتها
- امير بك ... ثواني لأضع السرج و يكون حصانك جاهز
-حسنا ً... ما بك امير ما بها هذه الفتاة لتلفت نظرك ... هي لم تقوم بدلال عليك و لا بأغرائك...لا بل هي تقوم بعملها على اكمل وجه وكأنها قضت سنين عمرها بعمل ..
اردف داخله
حاول ان يبحث عن ثغرة في عملها ولكن لم يجد...
- تفضل ...
اخذه منها و لم ينظر لها ثم امتطاء الحصان و انطلق مسرعة
- ما به .... ماذا حصل له ... من كم من الوقت كان هنا ..غريب... مغرور تمتمت بصوت منخفض
- لقد انهيت عملي .. سأذهب الى البيت ..
وصلت ملك اعدت الطعام كالعادة و اعتنت بولدها ثم اخذت تبداء بدرس لان امتحانات النهائية في المدرسة تبدأ الاسبوع المقبل ثم عندما تنتهي ستاخذ عطلة لمدة شهر لتقديم الشهادة الثانوية ...
- جيد سيكون هناك متسع من الوقت ... اخذت عطلة من العمل و الان علي ان اركز على دروسي ... لم يبقى سوا يومان ...
اخذت تدرس و تركزو ذلك دون ملل... متناسية تعبها ... تضع هدفها نصب عينها ... ظلت تدرس يومين متتاليين دون ان تنام ساعة واحدة
- غداً امتحان... يجب ان احضى بقسط من الراحة
في اليوم التالي ذهبت الى المدرسة و قدمت امتحان ...
- مرحبا ملك
- اهلا مايا
- كيف كان امتحان ؟
-جيد
تعلثمت مايا و هي تحاول عص شفتها
- و كيف هو ذلك الوسيم ؟؟
لم تدرك ملك في بداية ما قصدها ..
- تقصدين امير بك ... قالتها ببرود و لا مبلاة و هي تشيح بوجهها الى الجهة الاخرى بأنزعاج ... و تمتمت المغرور ..
- ما بك لم اقل شيء يزعجك !! اردفت بتعجب
- وداعاً مايا ....
في طريقها الى المزرعة و هي تشم رائحة الربيع المنعشة ... تدخل السكينة الى قلبها ... و صفاء السماء و خضرة الحقول
وقفت مندهشة من هول ما رأت ...

أنت تقرأ
اريدك ِ (مكتملة ) بقلم فضيلة محمد
Romansaكنت كاطائر عابر و لا اعلم لاي سبب بداءت بالتعود عليكي كل يوم اكثر نحن الاثنين قمنا بمغامرة الحب قمتي بملئ حياتي بعدها رايتك ترحلين دون ان تقولي ودعاا... رأيتك تذهبين .... في يدك الممدودة لي اريد البحث عن طريقي و ان احس انك بجانبي ... اليوم...