الفصل الثالث والثلاثون

333 14 0
                                    

خطأ...

أن تخدع نفسك

وتنغمس في أوهامك

وتغلق عينيك أمام نور الواقع

وتحاول أن تخفي

شمس الحقيقة بأناملك

كي تتيح لنفسك فرصة الاحتفاظ

بأحاسيس ومشاعر

لا تمت للواقع بصلة

لـ شهرزاد

عودة لمساء أمس:

حدق طارق في هاتفه الملقى على سطح المكتب بنظرات مركزة وعقله يدور حول فكرتين إحداهما تناقض الأخرى... أيتصل؟! أم لا؟! فبعد ما حدث اليوم هو يريد أن يطمئن عليها, ما علمته أندلس بخصوص أسعد الذي أوضعته ثقتها – رغم أن الاعتراف بهذا يوجعه – يؤلمها, الوغد استطاع التسلل من بين دروعها لكي يحطمها, للحظات فقط تمنى لو كان... لو كان ماذا؟! لو كان أسعد رجل جيد بالفعل يريد الزواج من امرأته هو؟! ارتفع طرف فمه في شبه ابتسامة مريرة وقد توقف عقله للحظات عند كلمة امرأته التي بزغت من بين أفكاره حتى وهو يعلم أنها في حقيقة الأمر لم تكن يوما ملكه, ولكنه لم يرد كذلك أن يكتشفا أن الرجل يخطط لطعنها في ظهرها, في حركة خاطفة تناول الهاتف وضغط على اسمها المسجل دون أن يراجع نفسه أكثر عالما أنه إن أطال التفكير فهو لن يسمع صوتها هذه الليلة, وهو يشعر بأنه يحتاج جدا لصوتها كي يهدئ من اضطراباته, رنين يصل لأذنيه ومع كل واحدة منه تتسارع دقات قلبه دقة ترقبا لصوتها الذي ما إن جاءه كان كوقع مياه باردة تنزلق في عنق حنجرة رجل عطش حد الجفاف: آلو... طارق؟!

زفر براحة وهو يقول: كيف حالك أندلس؟!

أزاحت بيدها طرف الستار ونظرت من خلال نافذة الغرفة القديمة التي تملكها في القصر تراقب السماء المغرقة بنجوم لامعة تحمل أحلام ملايين من البشر كانت هي إحداهم يوما, لتهمس بهدوء: بخير... حمدا لله وأنت؟!

- بخير!

قالها وساد صمت بينهما لم يقطعه سوى صوت أنفاسهما تصل للآخر تشعره بونس لم ينله منذ وقت طويل جدا, سألها فجأة يريد أن يسمع صوتها فقط... هناك شيء ما بداخله يريدها ألا تصمت: لماذا تهمسين؟!

لم يرها ولكنه شعر بتلك الابتسامة الناعمة التي ارتسمت على شفتيها وانعكست في ضياء عينيها الزرقاوين, غريب أنه بعد هذه الأعوام كلها مازال يستشعر مزاجها وإن لم تكن مقابلة له, جاءه صوتها الرقيق كتغريد الطيور قائلا: سيف ينام بجواري!

محظوظ... كانت تشكلت على شفتيه ولكنه كان أكثر حكمة من التفوه بها, ليس فقط لأنه قد ينال غضبها – وإن كان هذا بالطبع أحد الأسباب الرئيسية -, ولكنه لم يرد أن يزيد من ثقل حمله الذي يصرعه به ضميره مع كل ثانية في هذه المكالمة مذكرا إياه بمريم زوجته والتي تحمل في أحشائها طفلا له, وهو يتجاهله بإصرار المدمن المتلهف على جرعته دون أن يعبأ بالعواقب, سألها لا يريد انهاء المكالمة: كيف عدتما للمنزل؟!

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن