البارت التاسع والعشرون

13.7K 634 53
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت التاسع والعشرون
🌺🌺
هناك دومًا مشاعر اكبر من الحروف، وأحاسيس تتقزم أمامها الكلمات، فلا ريشة فنان أو أنغام قد تصف ألام الحب وصفعة الخذلان الذي تتلقاها بغته ممن تهواه ..

خرج وهو يتألم وبشدة من جمر كلماتها التي هوت بها على قلبه دون رحمه أو شفقه منها، بل ظلت ترجمه بعنفوان دون أن تأبه النظر لعينيه، فتلمح الوجع الكامن بها تأثير سياطها على قلبه الذي هُرم في لحظات وأصابه الوهن،  لما عشقها صعب ومؤلم هكذا!، لما يصعب عليه هدم حصونها والوصول لشغاف قلبها،  فكلما شعر انه هدم حجر،  يجدها قد شيدت جدارً يفصل بينه وبين عشقها، لقد بات يفكر مؤخرًا ان عشقها خطيئة كبرى ليس بأمكانه التوبة منه؛ ليس وكأنه يرغب بالتوبة حقًا،  بل على النقيض تمامًا، هو يرغب بالغرق بتلك الخطيئة فهو بات يرى حياته بعينيها ولو كان يرافقها الألم، سيرضى بها مفضلًا العيش حتى النهاية بقربها.. 

اسدلت جفونه ستائرها على عينيه،  بينما يأخذ شهيق طويل، يسحب به كمية كبيرة من الهواء البارد، لعله يطفئ الحريق الذي نشب بداخله، وقرر التوجه حيث ابنة عمه ومواجهتها واغلاق ما تركه مواربًا،  فأتى منه ريحًا عاتيه، حطمت ما وصل له من استقرار بشق الانفس  ..

بينما هي سقطت على فراشها،  تبكي بمرارة العلقم بحلقها، بينما يجتاحها الشعور بالوهن الذي احتل وجدانها،  وهن أمتزج بالقهر والغضب ووجيب القلب يعترف لها بأنه قد وقع في العشق وانتهى، فبات الجرح غائرًا،  فذرفت مزيد من عبرات الآسي الحارقة على حالها وقدرها المعبق بالألم وقلبها المظلوم في عشقه، فاعتلت نظراتها خوف ورفض لذاك الجرح الجديد الذي قد يقضي عليها، فأقسمت أن تجاهد لتتلأم جروحها وان لا تتهاون وترضى وتمنحه مقاليد قلبها، وأن لا تسقط في بئر حبه الخادع من جديد، بل ستقاوم وتعافر حتى تحصل على حريتها منه هي وصغيرها، وهذا لن يكن إلا بزواجها منه أولًا وأصرارها عقبه على انساب صغيرها قانونيًا لها، حتى يتيح لها المطالبة به..

خطى خطواته اتجاه بهو الشقة فوجدها جالسه مع الصغيرين، فأردف قائلًا  بنبرة خشنة تحمل بين طياتها قلقًا مخفي وقلبه ينخره على تلك الجالسة بغرفتها تنتحب وقد تملكتها ظنونها المجحفة بحقه هو وعشقه لها:-
  - ندى خدى عمران وادخلوا جوا عند طنط سارة..
  أمأت له ندى بأيجاب وتحركت تجذب يد عمران وتتحرك للغرفة،  بينما هو اعتلت ملامحه نظره قاسيه وتابع قائلًا:-
  - وفاء تعالي معايا نتكلم تحت..
  أمات له ونهضت وجسدها يرتعد قلقًا منذ ان وقعت عيناها عليه وانتبهت لنظراته القاسية المتهمة لها،  فخطى أمامها الى الخارج وهي تلحق به الى الاسفل..
ولج شقته بغضب يتبخر من كل انشًا به، محاولًا كبت غضبه عنها،  خوفًا من ان يهتاج ويظلمها ويكتشف أن عمه لم يشرح لها الأمر بعد، ورأسه تتخم بتلك الذكري التي تلت وفاة زوجته، حينما جاءت إليه تعرض عليه الزواج منها حتى تكون امًا لعمران تعوضه حنان الام الذي فقده بسنًا صغيرًا وأيضًا ترمم ذاك النقص بداخلها بحرمانها من الأمومة،  منذ أن خضعت لجراحة أزاله رحم بعد مرور عام واحد من زواجها وتأخر انجابها،  فتوجهت للطبيب للمعانيه لتصدم باكتشاف اصابتها بسرطان الرحم والذي لم يكن له علاج غير الازالة،  فتوجهت للخارج لعلها تجد علاجًا لها غير ذلك إلا ان كل الاطباء اجمعوا على ازالته،  وبالمقابل يمكنهم تجميد بعضًا من بويضاتها،  حتى اذا رغبت بأنجاب الاطفال،  فيكون بأمكانها الاستعانة بهم وتأجير رحم لزراعتهم به،  إلا أنها رفضت ذلك حينما لجأت للشرع للاستفسار عن الامر اذا ما كان محلل او حرام،  فأعلمها الشيخ ان هذا حرامًا ويعد تخالط بالأنساب،  فرفضت قطعًا ذلك واستعوضت ربها وحمدته على ما اصابها،  وكانت النتيجة طلاق زوجها لها لرغبته ان يصبح أبًا،  فحمدت ربها مجددًا وصبرت على مصيبتها،  حتى ماتت نرمين،  واودع رحيم ولده عمران لديها،  فتعلقت به كثيرًا وظنت أنه العوض وقررت تعويضه وتعويض ذاتها بقربه،  لذا لم تخجل من عرضها الزواج على رحيم ابدًا من اجل تلك المشاعر التي تتوق لها،  وحينها صمت هو ولم يجيبها،  فلم يشأ احراجها بالرفض وغادر باحثًا عن والدة طفله الذي وقع صريع هواها ما ان وقعت عيناه عليها، واتخذ قراره بجمع شتات اسرته الصغيرة المبعثرة،  فتوجه لعمه ووالدها وشرح له الامر من البداية ورغبته بجمع شمل عائلته،  وان يخبرها هو بذلك حتى لا يتسبب باي شرخ في كبريائها،  وحينها تفهم عمه وأكد له انه سوف يشرح الأمر لها بطريقته، وهكذا غادر معتمد على ذلك، ليتفاجئ اليوم بما حدث، لذا زفر بقوة قبل ان يستدير اليها ويطالعها بصمت للحظات...
بينما هي كانت ترتعد بقلق وهي تطالعه يقف امامها بشموخ وهيبه.. بطوله الممشوق وعرض منكبيه وأناقته التي لطالما جذبتها أليه،  وكم أرادت وتمنته أن يكون لها،  ويا لسوء حظها حينما علمت والدتها بمشاعرها اتجاهه، حتى عجلت من السعي لتزويجه من ابنة احدى صديقاتها،  فلم ترغب بأن  تتزوج ابنتها من شرطي ك رحيم حياته معرضه للخطر دومًا، بل رأت ان تزوجها من ابن شقيقتها الطبيب  ظنًا منها انه هو الافضل ونجحت في مسعاها وزوجته من نرمين، ثم زوجتها من ابن شقيقتها الذي ألقاها بطول ذراعيه ما ان علم استحالة انجابها، لتعود الى منزل والديها محطمة الروح والكبرياء، ناقصة، حتى وقت وفاة نرمين وبقاء عمران برفقتها والذي ظنته تعويض من الخالق ولم تتدري ان عوض الله غير وأنه أت لا محال وان تأخر..
بللت شفتيها بريقها بتوتر وقد فهمت تمامًا انها اخطأت واحدثت فجوة بينه وبين من استشعرت عشقه لها، لكن هي لم تتقصد، بل ارادت الدفاع عن حقها من وجهة نظرها، خاصة أنه لم يجيب على طلبها بالرفض، لذا أتت الى هنا دون علم والديها لرؤية عمران  فهو لم يأتي منذ فترة اليهم وأيضًا ارادت الحديث معه عما عرضته عليه، لتتفاجئ بتلك أمامها،  تقوم بسؤالها عن هويتها، لذا اردفت قائلة بثبات زائف-
- ممكن اعرف مين دي يا رحيم..
ثم رفعت يدها تمسد على رأسها بحركة منفعلة وهي تهتف قائلة :-
- آه غبيه انا عشان اسأل سؤال زي دا، واضح جدًا من كلامكم والضجة اللي عملتها  وصمتك ورجاءك ليها هويتها بالنسبة لك، لكن اللي ما اعرفوش هويتي انا بالنسبة لك بعد كلامنا سوا وعدم رفضك اللي معناه القبول..

"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتمرد القدر"  بقلم دينا العدويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن