البارت الثلاثون

14.3K 607 53
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الثلاثون
🌺🌺
لعل الله يترك في فؤادكِ نوره
فيتجلى له ما يعتري قلبي من مشاعر لكِ
ويدرك ان حبك بالقلب موشومًا،
يشقيه ويؤلمه ولازال بكِ مفتونًا
وما لي على قلبي سلطانًا  لأمنعه
فكيف يزيل وشمًا به عالقً..
يستنزفه الشوق فيردد هالكًا
متى يشفي منكِ وجيبه المعذب؟
فأقنعه ان بالعمر باقي معكِ سأبدأه
بقربًا واكتمالًا بوصالًك اهدئه..
فليت الاقدار تقودك نحوي
لينتهي العذاب ويطمئن قلبي ونمسى معًا....
***
بعد حديثًا مع وفاء،  صعد الى الطابق العلوي مجددًا للاطمئنان عليها،  فقد نغزه قلبه ألمًا لحزنها،  ولم يستطع الذهاب دون رؤيها،  فتح الباب بخفه ودلف بخطوات خافته وتطلع بها من باب الغرفة المواربًا،  رأها على الفراش جالسه بجانبها الصغيرين وقد تمكنوا من جعلها تكف عن البكاء حتى لا تسبب الذعر لهما،  فتنهد بقوة مطمئنًا لنجاح خطته بدخولهما لها،  متأكدً من أنها لن تبكي امامهم..
ظلا للحظات يتطلع بها وهي تضم عمران الي صدرها، بحزن يؤلمه ثم استدار ذهابًا الى عمله  دون أن  تشعر به، مقررًا البقاء به حتى الصباح  كون وفاء ستبقى الليلة بشقته...
***
في تلك اللحظة توقفت سيارة ظافر أمام الفيلا وترجل منها هو وميار ذات الملامح المبتهجة، لتفاجئها بمجيء ظافر  للطبيبة واصراره على التواجد معها اثناء الفحص،  وتمكنهما من رؤية جنينهما سويًا وسماع نبضه، كانت بضعة لحظات سعيدة قضيها سويًا انعشت قلبها، فكم تمنت قبلها لو كانت هي وزوجها حبيبين سعيدين بحملهما الأول معًا حقًا، مثيل الثنائي الذي تواجد بالعيادة معاها، فكم رأت الزوج محب وحنون يدعم زوجته ويعينها في لدخول ويصر على اطعامها بعض المرطبات في انتظار دورهما، بينما هي كانت وحيدة تشعر بأنها منبوذة، حينها اختلجت غصه قلبها لم تدم دقائق  وزالت ما ان تفاجئت به أمامها بهيبته وطالته التي تخلب لبها، ينحني مقبلًا رأسها معتذرًا عن تأخره ثم جلس بجانبها، يجذب كفها الصغير محتضنًا اياه بين راحة يديه..
ظلت تطالعه مندهشة لمجيئه المفاجئ لدقائق قبل ان تستدعيهما الممرضة للولوج للطبيبة، وحينما انتهوا أصر عليها بالذهاب لأحد المطاعم لتناول العشاء بها، ثم عادا معًا ألى هنا وثمة فرحة انارت قلبها لفعلته تلك، وجعلت وجع روحها يضئل وهي ترى اهتمامه بها وصغيرهما،  ثم مد  كفه لعا لتتشبث به،  ترددت لثوانًا قبل أن تمد كفها له، فمنحها ابتسامته التي تأسر وجدانها، وتجعلها تهيم به، فمدت كفها له، فألتقطه و تحرك سويًا الى الداخل..
***
كانت نيرة ماتزال موقع ترك ادم لها وقد سيطر الحزن على سيمائها وبقايا الدمع ما يزال بأهدابها عالقًا، دمع قد خدش وجنتيها، فقد كان بكاءها حاد مدبب الاطراف، لا يقطر الا دماء؛ شعور يشبه خروج الصبار من تربة قلبها فغمر جسدها علقمًا واحساسًا بالندم يكاد يهلكها مورد التهلكة...
حينها اقتحمت سناء عليها الغرفة بغضب يتبخر من كل انشًا بها،  وشرار الحنق ينبعث من مقلتيها، وبخطوات وئيده تحركت نحوها، جذبتها بعنفوان دون أن تهتم بحالتها الصحية، تهتف بها بحده راسخه:-
  - انتِ أيه يا شيخه!،  ايه البرود واللامباله اللي عندك دا،  انتِ مش وعيه للي بيحصل حواليكِ، بس لا مش هسمحلك تهدي كل اللي بقالي سنين ببنيه،  وبخطط ليه..
  ثم سلطت نظرتها الحاقدة موضع رحمها وقد اقتتمت نظراتها وأردفت بغل قائلة:-
- اسمعيني كويس ابن الحرام اللي في بطنك دا لازم ينزل، وتحملي بعده بأبن ادم..
اختض جسد نيره بقوة رفضًا وارتسم الذعر على سيماها من ملامح والدتها الغاضبة ونبرتها الشيطانية،  لكن سريعًا ما تماسكت وتوشحت برداء القوة الواهية وانتشلت ذاتها منها تخطو خطوة مبتعدة عنها وتصوب نظراتها الحاده والساخطة وهي تصرخ بجنون بها هادره:-
  - لا  ابني لأ مش هنزله مستحيل انزله ولا هسمح لك أن تأذيه فاهمه!،
  اشتعل الجمر بمقلتيها وتوحشت نظراتها لتعنتها امامها لأول مره واندفعت بغل قائلة:-
  - هتنزليه يا نيرة ومش بأراداتك، غصب عنك هخدك ونروح للدكتورة تخلصنا من أبن الحرام دا...
 
نظرات والدتها الشيطانية  التي استحالت أليها ارعبتها،  ودبت الذعر بأوصالها،  فهي تخشاها بقوه، وتخشى ما ينتج منها، بدأ نشيجها يرنو، وقررت محاولة استعطاف مشاعر الأمومة المطمورة بداخلها،  لعلها تستطيع احياءها،  وازدردت ريقها بصعوبة تتحامل على احبالها الصوتية، لتخرج كلماتها المتحشرجة بفيض من التوسل بنبرتها:-
  - اسمعيني انا ما قدرش انزله، اذا خسرته في احتمال كبير اني ما اقدرش اخلف تاني، ارجوكِ افهميني أنا مش هقدر اخسره، دا ابني قطعه مني، حسيت بي جوايا وتعلقت بيه، صعب اني اخسره، ارجوكِ ما تحرميني منه ولا من فرصة ان اكون أم..
  كلمات قد يلين لها الحجر، وليس قلب سناء الصلد الذي أعمها الطمع وتلبسها الشيطان الرجيم، واندثرت المشاعر بقلبها الذي سيطر عليه الجشع واستحال الى السواد، فهتفت بنبرة جوفاء فاترة وعينان تلمعان بوميض مخيف:-
  - هتنزليه يا نيرة، ودا آخر كلام عندي، وهنروح لدكتور وثلاثة وعشره وتعيدي العملية من تاني  عشان تحملي بغيره بطفل من صلب أدم السيوفي، يكون وريثه ...
****
حينها كان كلا من ميار وظافر يستقلان الدرج حيث غرفة كلًا منهما، وظافر متخذًا قراره بمحاولة استمالة قلبها الليلة، لعلها تغفر وتعود كما كانت من قبل، ميار المحبة له..
لكن أوقفهم ذاك الصوت المنبعث من جناح أدم ونيرة، فتجهمت ملامح ظافر لسماع تلك المشاجرة، مدركًا ان شقيقته تتعرض للضغط من قبل والدتهما مجددًا، فقرر التدخل لأول مره رادعًا لوالدته وتحكماتها ، فيكفي ما ناله منها هو وشقيقته..
لذا تحرك اتجاه الغرفة يدب الارض بخطوات وئيده غاضبه، ونظرات اعين تنضج بالحزم لأنهاء ذاك الاستبداد منها عليهما، فلحقت به ميار، ولا تدري ان ما قد يصل ألى اذنيها من كلمات ستخترق قلبها تهشمه وتحرق روحها، فينبسط ذاك الشرخ بعلاقتهما ..
فحينما اقتحم ظافر الغرفة كانت نيره، تندفع كالسيل الجارف، تصرخ بوالدتها بحده راسخة،  بكل ما طمرته بقلبها لسنوات كثر دون ان تنتبه لولوجهم الغرفة،  فقد كانت توالي باب الغرفة ظهرها: -
  - انتِ إيه!، عايزة مننا إيه!، كفاية بقى  حكم وسيطرة علينا انا مش هسمحلك تأذينا اكثر من كده،   انتِ ازاي تكوني أم  ومش حاسة بمعاناة ولادك واللي انتِ عملتيه فيهم بسيب طمعك وجشعك، عندك انا واللي عملتي فيا بتجبرك، انتي قضيتي عليا بإجبارك ليا بالجواز من ادم، وبعدها اتسببتي بدمار انسان كل ذنبه انه حبني، ولا ظافر اللي حرمتيه من البنت اللي بيحبها وجبرتيه يتجوز ميار عشان الفلوس والسلطة،  والنتيجة كانت ايه غير وجع لقلبه وقلبها، لا هو قدر يحبها ولا هي قدرت تغرس حبها في قلبه مهما عملت،  دايمًا شايفاه مهموم وحزين،  ومغلوب على أمره ومش عارف يحب بنت زيها تستحق الحب،  بس لأنك فرضتيها عليه واتعستيهم ....
 
  شهقة منفلته صدرت من تلك التي اخترقت كلمات نيرة التي بدت كالسهام قلبها، فنزف بشده بأدراك صاعق اكتنف حدقتيها مما جعلهما تدمعان، وقد صنمت موضعها للحظات وصمت سحيق ساد بينهما حينما انتبها لها، فاندلعت بأجواء كلًا منهما انفاس مشحونة بجذوة عذاب ونظرات كلًا منهما مسلطه على الآخر لثوانًا،  نظرات اسف من نيرة،  يقابلها نظرات عتاب من ظافر،  الذي سريعًا ما تركهما وتحرك خلف تلك التي هرولت باكيه نحو غرفتها،  تغلق الباب خلفها وتسقط منخرطه في بكاء دامي م نياط قلبه الذي وقف خارجًا بعينين تلمعان بالاسى يعافر لفتح الباب الذي اوصدته خلفها،  وهو يهتف بها بنبرة متوسله أن  تفتح له،  إلا انها أبت وزادت من نشيجاها تتجرع دموع قلبها كما تجرعتها ليالًا طويلة لم تهنأ بها وهي ترى جفاءه معها، فتهدج صوتها واختلط بالبكاء وهي تقول بانهيار وبصوت مزقته الشهقات المتتالية طاعنه فؤاده بنصلها المسنن :-
  - هي عندها حق في كل كلمه قالتها، أنت انظلمت بإجبارك على الجواز مني،  انظلمت لما سبت البنت اللي بتحبها وتجوزت وحده غيرها ما بتحبهاش ومستحيل تحبها، والنتيجة كانت تعاستك، كنت بكذب نفسي واقنعها اني هقدر اسعدك وانك هتحبني في يوم من الأيام بس أنا غلطت، غلطت وكنت انانيه لما فكرت في نفسي وفي قلبي اللي حبك ووجعه بتركك، وما اهتميت بقلبك أنت ووجعه وبالنهاية كنت انا الظالمة  ....

"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتمرد القدر"  بقلم دينا العدويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن