البارت الثاني والثلاثون

15.6K 634 54
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الثاني والثلاثون
🌺🌺

غُريبه بالدنيا وحيدة، ودياري بعيدة
أشتهي امنًا، اتوق لحبًا واطمئنانًا
الجئ إليك كوطنًا ، يمنحني سلامًا
فلا تغلق بابك وأصرف عني اعتلال قلبي
وشوقه لأنتماءً..
أماني جمّ والنفس ترجو، وأنت تقسو
والروح تهفو لعناق يمحي صقيع قلبي..
توالت الأحزان والخيبات، فثقلت كاهلي ورغبت بالاختباء منها والاحتماء،  فلما لا تخبئني بعيناك وتدعني أليك أنتمي ويكون قلبك موطني؛ انثر به أمانيا ألمخبأه وأحلامي الورديه بأميرًا وسيم ينشلني من ظلامي وخريف أيامي،
ينير روحي ويبهج قلبي وينثر ألوانه، فتتلاشى رمادية حياتي حينما تعلن لي أنك هو ....

**
أوقدت قهقهة نادر الساخره نيران الغضب بمقلتي أدم
الذي تجهمت ملامحه وهو يتابع هبوطه متوجهًا نحوهما
أمرًا أياها بجلف أن تكف عن طلبات الصغار خاصتها وتنضج وتأكل مثل الجميع ، فلم تحتمل جود سخريته تلك منها
وهدره بها  وضاقت من سرب الكلمات اللاذعة الذي يصوبها اتجاهها منذ التقى بها، فأجهشت في البكاء وهي تنهض عازمه على مغادرة هذا المنزل وهجر ذاك القاسي الذي لا يتوانى عن جرحها، وتحركت بسرعه اتجاه الخارج قائلة من بين نشيجها:-
- أنا لازم امشي من هنا حالًا، مش هبقى هنا ولا لحظه..

اجتاح جسده انتفاضه عقب حديثها وتحركها، هرع مسرعًا نحوها، يجذبها من أحد ذراعيها مانعًا لها من متابعة الحركة
هاتفًا بها بحده راسخه وعينين تبرقان بوهج الغضب الممتزج بالوجل من فقدان صغيره بفقدانها قائلًا:-
  - رايحه فين أنتِ اتجننتِ، انتِ مكانك هنا، وممنوع تطلعي من البيت...
  استدارت له وعينيها تضرب بها أمثال في القهر والألم الساكن فيهما، كأنهما اصبحا موطنهما،  وقد حفرت الدموع وجنتيها وتكومت كالتلال فوقها،  فتهدج صوتها وهي تجذب يديها منه في محاولة واهية للتحرر قائلة من بين نشيجها:-
  - أنا همشي من هنا يعني همشي من هنا، دا مش مكاني أبدًا، مكاني مع آسر وبس ..
هاله رؤية عبراتها والألم المرتسم على سيمائها،  وشعور بذنب لا يطاق اختنق به، واهتاج بصدره كوخيزات تدميه، 
إلا  ان كلماتها سريعًا ما دحدحت شعوره اللحظي بالشفقة على حالها وأشعلت الغضب بعينيه، وهي تنفي حقه بها،  فأن كانت زوجة الاخر فهي تحمل صغيره بأحشائها فهدر بها قائلًا :-
  - طول ما انتي حامل بأبني،  مكانك هنا جانبي،  لازم تفهمي أن أمانه متعلق بوجودك هنا قدام عينيا،  وأنا مش هسمح أنه يتأذى لمجرد أنك أنتِ أمه....
جرحها في الصميم بكلماته التي كانت كالنصال الحاده تغرس بقلبها، بينما هو استمر بجلدها وتصويب سهام كلماته اللاذعة قائلًا:-
-أم مدلعه كل تصرفاتها طفولية، معدومة مسئوليه، مش قادرة تستوعب وضعها ولا مراعيه لحملها بيه ومعرضاه للخطر بهوجائيتها وعدم أتزانها..
:-أدم لو سمحت
تلك الجملة التي نطقت من لسان أحدهن هي من أوقفته عن متابعه هدره بها وأيلامها بقسوة منتبهًا لما تفوه به من أحجار نتج عنها تهشيم قلبها تارك خلفه فراغ داخل صدرها التي شعرت به خاويا...خاوياً للغاية..وجهها الذي شحب،  عينيها التي باتت كبركتي من مرارة لن تنضب يومًا تأثرًا بكلماته وكم رغبت بالصراخ به، إلا أن صوتها خرج مهتز بنبرة كسيره نابعه من الألم والعلقم الذي نتج من حديثه المجحف بحقها تعد له، بل لهم بطفوليه لم تنتبه لها، ما تفعله حرصًا على صغيرها:-
  - أنا مش طفوليه ولا بأذى أبني، أنا بهتم بيه وبحبه، عانيت عشان يكون موجود جوايا، وكنت بسمع كلام هاله وأسر دايمًا،  وباخد علاجي في ميعاده،  وباكل كويس ومش بتحرك كتير،  انا قعدت أسابيع في السرير بس عشان أحميه لحد ما يكبر شويه ويثبت زي ما الدكتور و عمو سليمان طلبوا مني،  يبقى إزاى  مش بحبه وبأذييه!..
شفقه ارتسمت على محياه الجميع باستثناء تلك الحيه سوداء القلب التي كانت تناظر ما يحدث بعينين تبرقان سعادة ثم ما لبثت إلا  ثواني رأت فيها تبدل الوجوه بالشفقة المنصهرة فأصابتها بغليان في وريدها حتى الفوران...

"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتمرد القدر"  بقلم دينا العدويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن