الفصل السابع عشر

289 12 0
                                    

الفصل السابع عشر..............

صرت على اسنانها و قالت و هي تسير اتجاههما: "ما الامر ايتها الوسختان؟ ما كل هذه القذارة الا تتعلمن غسل افواهكن قبل التفوه بهذه الكلمات؟"
جائت فتاة اخرى تبدو قوية البنية و انضمت اليهن قائلة: "ابتعدي يا ابنة الساقطة"

اسرعت سعاد و جذبت احداهن من هندامها قائلة: "لو كان مجاهد هنا للقنكن درسا في الاخلاق.......... فهو يجيد معاملت الوقحات القليلات الادب"

جذبتها الاخرى من شعرها قائلة: "انا من سيلقنك درسا ايتها الغبية"
دفعت التي امامها و ابتعدت متراجعة و قد استشعرت انهن يخططن للنيل منها بكل شراسة.
قالت احداهن: "ا هاربة يا فتاة؟......... اتظنين اننا سنسكت على اهانتك لنا و تهديدك باخوك............ سنقتلع لسانك هذا"

اسرعن اليها و ركضت حتى حرفت طريقها عن مسار العيادة دون ان تنتبه اذ كانت مرعوبة من العراك بمفردها مع متوحشات دميمات يضمرن لها ضغينة.
التفتت خلفها لتجدهن يقتربن باصرار و كأن بينها و بينهن ثأر....... اسرعت بخطاها حتى تعثرت و ارتمت ارضا.
استندت على يديها و قالت بضعف: "ابتعدن عني.......... لا تقتربن"
هجمن عليها و صرخت طالبة النجدة و قاومت و هي تحمي وجهها و انهالن عليها بالضرب عنوة و كأنهن قاصدات ايذائها.

ارتمت على وجهها على الارض و ركلتها احداهن بظهرها بقوة حتى كادت ان تهشم عضامها.......
اشتدت قبضتيها على التراب و تطلعت بصعوبة الى بعض رجال الحراسة حيث كانوا يرون مايحدث و يديرون رؤوسهم الى الناحية الاخرى............ انهم متعمدين عدم انجادها و تبين لها انها مؤامرة مدسوسة!
ثلاثة نساء يتمتعن بقوة همجية و حقد اجرامي اذ يعملن لصالح ال مالك مقابل تعويضات مرضية.

صرخت راجية ان يتوقفن كانن يركلنها بارجلهن و كلما حاولت المقاومة زادت قسوتهن حتى شعرت بعلامات الاجهاض و هدأن تدريجيا و تركنها و ابتعدن......... كانت مستلقية على وجهها و تتحرك ببطء شديد و بصعوبة و تحاول النهوض دون جدوى.
.................................................. .................................

قال شعلان بحيرة كبيرة و انفعال: "كيف حصل هذا؟......... الا تستطعين وصفهن........... مضت ايام يا ابنتي و انت طريحة الفراش من فعلهن انا تقدمت بشكوى الى ال مالك و ابلغوني انهم سوف يتصرفون بالبحث عن اولئك النسوة.......... ما كل هذا الشر الذي يحصل؟........ كل هذا لان مجاهد يعمل لصالح ال مالك؟........ قلت له ان الناس ساخطة علينا و قلت له ان نتائج افعالك تعود علينا بالخطر و السوء"
ابعدت بصرها و قالت بضعف: "كانت مشاجرة لا اهمية لها و بسبب التمادي حدث الصدام بيننا........ لا انكر انني شتمتهن فجزء من الخطأ بدر مني لأني لم احتمل ما تفوهن به عن مجاهد"

خرج شعلان الرجل البسيط الطيب الحسن النية بكل من حوله من الحجرة و هو يهز راسه اسفا و يعاني مما يصيب بيته من ويلات منذ حادثة الحريق و سمعته يقول عند الباب: "اهلا بك يا ابنتي......... تفضلي"

دخلت عفاف و كانت تسير بعدم ثقة و كأنها خائفة من رؤية مجاهد و قالت بارتباك: "سعاد جئت من اجل رؤيتك عندما سمعت بتلك الحادثة فزعت اليك لاطمئن على وضعك"
ابعدت سعاد الشرشف و اعتدلت قائلة ببهوت: "تعالي يا عفاف جيد فعلت بقدومك انا بحاجة لرؤية احدا.......... تعالي و اجلسي قربي"
عفاف و هي تتأمل شكلها: "يا الله انت متعبة جدا و لازالت اثار الكدمات على جسدك......... لعينات حاقدات"
بقيت معها لبعض الوقت و قالت و هي تتطلع بالساعة: "علي ان اعود قبل حلول الغروب و لا اريد ان يراني مجاهد هنا........... عن اذنك"
نهضت و فتح مجاهد الباب و تغيرت ملامحه عندما رآها و خفض بصره عندما خرجت دون ان تنطق بكلمة ثم تطلع الى الباب الذي خرجت منه و بقي ينظر بعيون فيها الكثير من تعابير الاحباط و الحزن ثم التفت الى سعاد و قال بصوت بتوتر كبير: "انا.......... تزوجت بثينة بالسر.......... أنا................... أ"
توقف عن الكلام و تنفس بصعوبة ثم سار باتجاه النافذة و تنهد و هو يسند رأسه على النافذة و بقي صامتا......... كانت سعاد تراقبه بحزن حتى شعرت بارتجاف يده و هو يسندها على الجدار ثم التفت اليها و قال بصوت مخنوق: "ليت الرجال يستطيعون البكاء مثل النساء"
و تناول سلاحه و خرج من الحجرة بخطى سريعة وغير متزنة.
قطبت جبينها و فكرت بكلامه مليا......... تزوج؟...... و بالسر!
ياللكوارث المتوالية من قبل مجاهد على رؤوسهم............ ما ذنب عفاف المسكينة لتتعرض لمآساة بحياتها و ايضا ما ذنب تلك المدللة بثينة؟........ مجاهد مستحيل ان يكون احب تلك الثرية و الا لما بان عليه كل ذلك الحزن و الخذلان.
.................................................. .................................

كان الناس مجتمعين في هذه الامسية البسيطة و كان الاحتفال جميلا بالنسبة للناس كلهم لكن سعاد تعلم ان تلك العروس حزينة و غير راضية بذلك الزواج بداخلها الا انه مجرد قرار ناتج عن غضب الاثنين اذ ان ارتباط جميلة بيحيى كان بدافع الانتقام كلا من حبيبه.

التفتت سعاد و هي تتنهد عندما رأت فوزي مقبل و يتطلع الى الحفلة بتجهم و كان يحيى يبتسم ببهوت و هو يتطلع الى الناس السعداء و شعلان يضحك ملأ فمه مع علوان و بارتياح و هدوء و امينة منشغلة بتقديم العصير و الكعك مع بعض النساء المتآزرات في المناسبات.
كان مجاهد مستند على احد الاعمدة و يحيط جسده بذراعيه و يبتسم ابتسامة حزينة و هو يتطلع الى الراقصين من الشباب.
ابعدت سعاد بصرها عندما رأت احتقان عيني جميلة و كأنها مقاومة الدموع بصعوبة و زوجها الاخر مقتضب ومتوتر الحركة و بالكاد يصطنعان الابتسامة بين الفترة و الاخرى.
تراجعت هي و ابتعدت كثيرا عندما اعلنوا حضور داغر و بدأ الترحيب بقدومه و التملق له اذ حضر السيد النبيل لأعراس عوام الناس ليشرفهم و يمنحهم منحة ما.
ضمن العادة حضور احد اعيان ال مالك لاعراس الفلاحين و منحهم هدية قيمة و من العادة ان يفرحوا اصحاب العرس بتلك الزيارات لكن....... هنا استثناء......... فاصحاب هذا العرس يمقتون داغر و حضوره نقمة عليهم.

دخلت بزحام الناس و اقتربت من شعلان و كأنها تريد الاحتماء منه مع علمها ان من تحتمي به لا يساوي شيئا عند داغر.
فركت يديها بارتباك و هي تتذكر ذلك الموقف الذي حدث قبل شهر و كيف كان صعبا و قاسيا حينها.
امينة و بهمس: "سعاد اين انت شاردة الذهن؟......... الم انادي عليك مرارا؟"
التفتت اليها قائلة بامتعاض و خوف واضح: "لقد اتى"

انتهى الفصل

شئ من الندم لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن