الفصل الخامس و العشرون..................
ابعدت بصرها و شعرت بانقباض صدرها ما الذي يفكر به مجاهد يا ترى؟............. ا يخطط هو و رفاقه لمحاولة قتل داغر؟
وضعت يدها على جبينها و شعرت بالدوار ثم شعرت بألم و تقلصات في بطنها و ابطأت الخطى حتى التفت اليها مجاهد قائلا بسرعة و قلق: "سعاد؟"
كتمت اوجاعها و وضعت يدها على معدتها قائلة: "لا تقلق اشعر بألم بسيط بمعدتي كأني تناولت طعاما غير مناسب"
تأملها باهتمام ثم امسك كفها و قال بلطف: "على مهلك.......... اعلم انك مستاءة من بيت عمي و التوتر الذي نشأ بيننا مؤخرا و"
قاطعته بسرعة و هي تشعر بانهيارها و عدم قدرتها على الصمود: "ارجعني الى البيت بسرعة يا مجاهد انا متعبة جدا"
ساعدتها امينة في الاستلقاء على السرير قائلة بقلق: "اخبر فوزي بحالتك ربما تحتاجين الى الطبيبة؟"
هزت رأسها قائلة بيأس و خذلان: "لا......... دعيني ارتاح فقط......... من فضلكم اتركوني انام قليلا"
عندما خرجت امينة و اغلقت الباب وضعت رأسها على الوسادة و اغمضت عينيها مقاومة دموعها........... ما بداخلها من اخلاط مشاعر بدأت تؤذيها و تحبطها اكثر من اي شيء اخر ........... مشاعر الخوف الميول اليأس الخيبة الانتظار القلق من القادم الاحساس بالظلم و القهر الاحساس بالندم الاحساس بالشوق.
قتل داغر!.......... فتحت عينيها ببطء ان الذي يخطط ليل نهار لقتل داغر هو مجاهد اخوها من دمها و لحمها..... ا تدعو له بالنصر على عدوه الظالم ؟ ذلك الرجل الذي سلبها شرفها و عفتها و مستقبلها و كل حياتها و قهر ابوها و صدع قلب امها و افشل حياة اختها و تجبر و طغى و انتهك و قتل الابرياء امثال شاهين........... بالطبع ستدعو له بالنصر ليقتله و يريق دمه .......... ليموت داغر....... ستفرح كثيرا بموته...... وضعت يدها المرتجفة على وجهها و مسحت دموعها و هي تقول بشفاه مترددة و مرتجفة و بهمس: "ليموت داغر" و هزت رأسها رافضة ذلك.
في اليوم التالي كانت تتطلع خلال النافذة الى الطبيعة الجميلة و الناس الذين ينتشرون هنا و هناك و صوت ضحكات الاطفال و العابهم الشقية تملأ الاجواء و كانت تستمع الى حديث شعلان المتفائل و هو يقول بارتياح: "كأن الغمة بدأت تزول عن القرية لا تعرفي يا امينة كم انا سعيد بعملي و اصحابي مبتهجين جدا لرفع اجورنا و رجال ال مالك لم تطأ اقدامهم اراضينا كالسابق كما انهم يعاملوننا بالحسنى حتى داغر الذي كان لم يتوقف عن ازعاجي اظهر لي جانب اللين قبل سفره .......... كل ذلك تقدير لمجاهد............. حتى الناس بدئوا يفهمون سبب انخراط مجاهد و رفاقه بين صفوف رجال ال مالك........ ادركوا انه بذلك يبحث عن صالحهم........... الحمد لله يا امينة انا مرتاح لما وصلنا اليه............ جميلة في بيت اخي معززة مكرمة و سعاد كلها ايام و ترتبط بالطبيب فوزي خيرة الرجال و بهذا اكون اطمئننت على مستقبل البنات.................. فقط مجاهد انا قلق بشأنه اه منه من طفولته شقي و اشقاني معه" و ضحك وهو يقول مواصلا: "عندما اطمئن على مستقبل مجاهد و ازوجه اكون قد اديت رسالتي قبل ان اموت"
امينة و بسرعة: "الله يطيل في عمرك لترى احفادك يا شعلان لا تذكر اسم الموت امامي انا اتشائم من هذه السيرة"
شعلان و بضحكة متعبة: "العمر لم يبقى منه الا القليل يا امينة اشعر بتراجع صحتي يوما بعد الاخر........ قضيت معظم عمري مسالما و مبتعدا عن المشاكل كل هذا من اجلكم لأمن لكم حياة هادئة و مستقبل هانئ...... اردت حمايتكم بكل ما لدي خاصة عندما كبرن البنات و اتضح جمالهن للعيان كنت دائما اسير في الظل حتى ابقى و عائلتي بعيدا عن اعين رجال ال مالك و بطشهم لكن الذي الم بي في الآونة الاخيرة افعال مجاهد فعرض بيتنا لدخول رجالهم و رؤية البنات ذلك كان يحز بنفسي طوال الوقت كوني عاجزا عن منعهم و لطالما تمنيت ان اعطي بناتي لأخوتي حتى اسلم عليهن من عيون الغرباء لكن لم اكن احب ان اجبرهن على ذلك خاصة بعد ان شعرت بعدم رغبة سعاد باولاد عمومتها....... منذ كانت صغيرة و هي تردد ذلك و تهمس بأذني لا اريد الزواج من يحيى يا ابي" و ضحك مستمتعا.
امينة و ببرود: "الدكتور فوزي ابننا ايضا"
ابتسمت سعاد بحزن و هي تداعب بخصلات ضفيرتها المتدلية اسفل خصرها و هزت رأسها اسفا.
مسكين شعلان لم يدرك شيئا مما يدور حوله من مصائب لم يدرك مدى المنحدر الذي سقطوا به اولاده الواحد بعد الاخر لم يعلم ان مدللته سعاد تم انتهاك عرضها في الشارع على يد ابن علام لم يعلم انها اليوم تحمل باحشائها طفل من دماء ال مالك لم يعلم ان مجاهد ابنه الوحيد سقط في وكر الوحوش و يظن نفسه قادرا على النجاة بكل غباء لم يعلم انه ذبح قلبه و تزوج ابنة الد اعدائه معرضا رقبته للحز متى ما شمموا رائحة ذلك الخبر الخطير لم يعلم ان جميلة تموت كل ليلة و هي تنام في سرير يحيى و قلبها متعلقا برجل آخر ليس لها الحق حتى بالتفكير به لم يعلم ان امينة قلبها قد تقرح من الحزن على ما اصاب اولادها جميعا خاصة سعاد كل ذلك حصل و هو يظن انه اتم رسالته و اطمئن على مستقبل اولاده!في اليوم التالي و بعد الظهر طرق باب بيتهم و كانت سعاد وحدها في البيت فخرجت لتجد طفل ابن السابعة من العمر قال لها بسرعة: " هذا بيت العم شعلان؟............ انت سعاد؟"
اومأت قائلة بقلق: "نعم حبيبي هذا بيت شعلان"
الصبي و بصوته المرتفع: "العم شعلان اصيب بوعكة و ابي اخذه يرتاح في بيتنا و عنده الطبيب تعالي معي"
وضعت يدها على صدرها مفزوعة و قالت بسرعة: "انتظرني فقط اغير ملابسي"
غيرت ملابسها على عجل و وضعت الشال على شعرها بعدم اهتمام و اسرعت مع الولد و هي تفكر بوالدتها بالتاكيد لو عادت من فيلا علام ستصدم من الخبر........ يا الله ساعدنا و لا تفجع قلوبنا بأبي....كان لسان سعاد يردد بكلمات الدعاء لوالدها الذي كان صباح هذا اليوم ليس على ما يرام.اسرع الولد في شارع ضيق يبعد مسافة عن منطقتهم و تبعته و هي تقول بقلق: "لا تبتعد انتظرني"
عندما وصل الى بيت صغير وقف قربه و قال: "تعالي يا خالة"
و فتح لها الباب قائلا: "انهم في الداخل تفضلي"
دخلت خطوة و التفتت لتجد الصبي قد هرب راكضا........ قالت باستئذان: "مرحبا............. هل من احد هنا؟"
شهقت و التفتت بسرعة عندما اغلق الباب و خفقت اهدابها قائلة بصدمة: "داغر!"
و ابتلعت ريقها محاولة ان تتمالك انفعالها برؤيته............ ابتسم بفتور و هو يخطو اتجاهها ببطء......
قالت و الخوف قد تملكها و جعلها تشعر بالضعف اتجاهه هذه المرة لأنه اقفل الباب: "اساليبك ملتوية كعادتك"انتهى
أنت تقرأ
شئ من الندم لكاتبة هند صابر
Romanceوضعت سعاد يديها على اذنيها و هي مصدومة مما يحدث امامها و اجهشت جميلة بالبكاء و هم يهشمون الزجاج و يرمون بالكراسي و ادوات المطبخ............... خفض شعلان بصره و امينة احاطت كتفي ابنتها المفزوعة قائلة: "لا تخافي" و تعالت اصوات الصراخ و البكاء في الشار...