الفصل الثالث عشر

281 14 0
                                    

الفصل الثالث عشر..............

تلاحقت انفاسها و ضاق صدرها لم تعد قادرة على سماع اسم داغر......... وضعت يدها على بطنها و صرت على اسنانها............ لا يمكنها ان تبقى على هذا الوضع مستحيل.

عندما سكن الليل و كلا اوى الى فراشه اعتدلت و اتسعت عينيها ببريق اصرار مخيف........... راودتها فكرة مجنونة و نظرت الى جميلة لتجدها مستغرقة بالنوم فنهضت و بحثت بين اغراض مجاهد في الخزانة حتى تناولت مغلف فيه شفرات حلاقة و اتجهت به الى الحمام و اقفلته عليها ثم تهاوت على الباب و انهارت الى الارض و هي ترتجف.......... عليها ان تنهي حياتها و تخلص اهلها من همها و من الفضيحة القادمة بالايام المقبلة عليها ان تموت الان ما دامها فشلت بكل مساعيها سواء لقتل داغر او الاجهاض.

نظرت الى يدها و هزت رأسها فزعا مما ستقدم عليه و تطلعت الى الاعلى طالبة المغفرة من الله و العفو لأنها ستقدم على فعل محرم لكن مابيدها حيلة غدا ستضع والدها و اخيها بموقف محرج لتموت الان قبل ان يكتشفوا امر حملها و عارها لا معنى لحياتها بعد و هي تجلب كل يوم العار لأهلها و لنفسها..... أ سيسامحها الله على فعلتها؟
اغمضت عينيها و قربت الشفرة من وريد معصمها و تذكرت كل معاناتها فشجعها ذلك على الاقدام على الانتحار فجرحت يدها بقوة و سقطت الشفرة من يدها المرتجفة عندما شاهدت تدفق الدم من معصمها......... شيئا فشيئا شعرت بالموت يداهمها.

بعد مرور اسبوع.......... كانت تسير برفقة جميلة في احدى المزارع مبتعدتان عن البيت و تتجاذبان اطراف الحديث فكانت جميلة تتكلم عن معاناتها بحب فوزي و انتظار ان يفاتحها يوما بموضوع الارتباط و الزواج و كانت تتنهد بحسرة و اسى و هي تذكر اسم فوزي و تكاد تموت من صمته و تجاهله و كأنها ترمي باللوم عليها شعرت سعاد ان جميلة تعتبر ما حدث لها من حادثة مخدشة و فضيحة عائق يبعد بينها و بين فوزي الذي يعير للسمعة و الشرف اهتمام كبير و بالتاكيد عندما يفكر بالارتباط سيختار فتاة محترمة من عائلة ذات سمعة طيبة و كانت تهون عليها ببعض الكلمات حتى ترآى لها انها ترى عفاف مقبلة عليهما.

عندما اصبحت قريبة قالت بشحوب: "جيد انني رأيتكما هنا و ليس في البيت لأني اريد التحدث معكما بموضوع شخصي"

تبادلت سعاد النظرات القلقة مع جميلة ثم سألتها جميلة عما بها و عن سبب شحوبها و الهالات التي تحيط عينيها......... قالت ببكاء: "لم اعد قادرة على الصمت اكثر من ذلك............ لماذا يفعل بي مجاهد كل هذا لماذا ابتعد عني و لا يريد رؤيتي طيلة الايام الماضية"

سعاد و بسرعة: "مجاهد منشغل كثيرا بعمله و لا نكاد نراه لكن لماذا؟....... ماذا تريدين منه؟"

جلست على الارض و نظرت اليهن بعيون سوداء واسعة و قالت بنفاذ صبر: "انا و مجاهد نحب بعضنا منذ سنتين و اتفقنا على الزواج............ ما سمعته من ابي اثقل كاهلي انه يرفض بصورة قاطعة زواجي من مجاهد و كل ذلك بسببك يا سعاد لأنك لا تريدين اخي........ لقد جعل زواجنا مشروطا بزواجك من يحيى و الا سيذهب كلا الى حاله.......... لا استطيع الاستغناء عن مجاهد انا اعشقه حتى الموت....... و الذي يؤرقني انني اشعر بتغيره اتجاهي......... اشعر انه يتهرب مني.......... لماذا يا سعاد تعاندين يحيى متيم بحبك انه ابن عمك و محترم و طيب القلب.......... اقبلي به ارجوك و انقذي حبنا انا و مجاهد"
قطبت سعاد جبهتها و هزت جميلة رأسها بأسف.
عفاف و بتعاسة: "لا تنظرن الي هكذا لا تلومنني انا احبه........ احبه........ منذ سنتين و انا اقابله و كشفت رأسي امامه و لمسني و لمسته و الان بدأ يعذبني بتصرفاته غير مهتم بي و لا ابه لي اشعر كأنه يريد ان يتركني"

تنفست سعاد الصعداء و ابعدت بصرها و بقيت جميلة تواسي عفاف ببعض الكلمات حتى قالت الاخيرة باستغراب و هي تنظر الى يد سعاد الملفوفة بضماد: "ما بها يدك يا سعاد؟...... اهي مجروحة؟"

اومأت سعاد قائلة ببهوت: "نعم مجروحة"

و ابعدت بصرها باستياء و هي تتذكر ليلة الحادثة المؤلمة عندما اقدمت على الانتحار لولا مراقبة امينة لها لكانت في عداد الاموات.

امينة كانت قلقة و تراقبها عند الليل خوفا من ان تفعل بنفسها شيء و كأنها كانت مرتابة باقدامها على الانتحار فأنقذوها باللحظة الاخيرة و يا ليتهم تركوها تموت.

اقبل اليهن فوزي فجأة و القى التحية بلطف ......ابتسمن له مرحبات...... تأمل سعاد ثم جميلة و حرك عويناته قائلا: "ذهبت الى بيتكم لتوي.......... اضطررت ان ابحث عنكما"

ابتسمت سعاد و ضغطت على يد جميلة كأنها تقول لها تحرك رجل الجليد هذا و يريد ان يقول شيئا.
لما لاحظن اضطرابه اشرقت ملامح جميلة و قالت بعيون خضراء متألقة: "اهلا بك يا دكتور"
و شبكت يديها البضتين بانفعال............ قال بلطف: "جئت لأتحدث بأمر مصيري و هام جدا"
تبادلت سعاد النظرات مع جميلة التي بدت عليها مظاهر السعادة و قالت عفاف بهدوء: "علي العودة........... لا تنسيا الموضوع...... فكرا بأمري"

اومأت سعاد بابتسامة باهتة و بقيت تراقب عفاف و هي تشق طريق العودة و حزنت من اجلها فهي لا تفهم لماذا تصرف مجاهد بجفاء معها؟ الفتاة ما زالت صغيرة و سهلة الانقياد و واقعة بحبه لماذا يتركها حائرة؟

اعادت بصرها الى فوزي الذي كان مترددا و يبدو مرتبكا فابتسمت قائلة: "عن اذنكما سأتمشى قليلا"
امسك معصم يدها و نظرت بوجهه بسرعة و دهشة فابعد يده قائلا: "لا تذهبي...... الموضوع يخصنا جميعا"

بقيتا تتأملانه حتى قال بتركيز: "انه موضوع........... زواج"

مجرد تصريحه بذلك كادت سعاد ان تطير فرحا من اجل جميلة ها هو اخيرا سيطلب يدها و يعيشان بهدوء و سعادة فطالما انتظرت هذه اللحظة.
اما جميلة فارتبكت بشدة و بقيت صامتة.

قال بسرعة: "اعلم ان المكان هنا غير مناسب لكن.......... الامر هام......... انا مستعد ان اتزوجك يا سعاد و اتكفل برعاية طفلك"
كأن صاعقة اصابت رأس سعاد التي اتسعت عينيها المتألقتين بالوان فاتحة و التفتت الى جميلة بصدمة شديدة.
تحركت اهداب جميلة بسرعة شديدة و تحركت شفتيها بارتجافة خفيفة و تطلعت به قائلة بصوت خافت و مخنوق: "تريد......... تريد ان تتزوج سعاد؟"

فوزي و بشيء من الامل: "انتهت معاناتك يا سعاد سأدرأ الفضيحة عنكم و اتزوجك و نسافر من هنا.......... ستنتهي آلآمك و يبرأ جرحك و اعيد الحياة اليك كم سهرت و لم استطيع النوم منذ الحادثة الرهيبة كنت مستاء من اجلك و افكر بانقاذك من الضياع........... انا........ احببتك يا سعاد...... بداية تعاطفت مع مشكلتك وفي النهاية........... احببتك"
مررت جميلة يدها على جبينها ببطء و اغمضت عينيها........ خفضت سعاد بصرها و شعرت بالتعاسة و العذاب انها كارثة انها صدمة كبيرة لجميلة!

انتهى الفصل

شئ من الندم لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن