الفصل الثالث و الثلاثون......................
امسكت خصلة شعرها الطويلة المتدلية من تحت شالها الاسود و داعبتها برفق و هي تقول بنبرة هادئة و ناعمة: "ليست صدفة.......... لما علمت ان السيد داغر ابن الاكابر بكل هيبته و وجاهته و رجاله و خدامه جاء لزيارة هذه الارض الذي كان يعمل بها ابي الفلاح المسكين قليل الشان جئت لاطلب العفو و استسمحه مستغلة ما لي من مودة بقلبه حتى يعيد ابي الى عمله.......... خاصة انه سبق و وعدني ان اطلب ما شاء"
كان يتطلع بها ببهوت و عينيه تتجولان بوجهها حتى قال باستغراب: "لماذا تتحدثين معي هكذا؟"
رفعت بصرها و قالت ببرود و حزن: "لأن هذا ما يناسب مكانتي و مقامك"قطب جبينه و قال بنبرة هادئة: "لا......... انت مهمة عندي يا سعاد و لا يمكن ان اقلل من شانك مهما فعلت"
رمقته بنظرة عتاب و قالت مستخفة: "مهمة عندك!......من اي ناحية يا ترى؟"
قال وبدى ماخوذا بها: " اعلم انك مستاءة مني لكن لكل شيء حل.......... امنحيني فرصة معك........... ارجوك"
اسدلت اهدابها و شعرت بضعف قلبها امام كلامه رغم انها واثقة من كذبه فهي لم تعد تعرفه ابدا انه مراوغ كبير و يتلاعب بمشاعرها بجدارة لكن رغم ذلك تمنت ان تتوقف عن كل ذلك و تتراجع لكن كيف؟...... و من سيعذرها ان رفضت الاطاحة بداغر و من الذي سيتفهم موقفها؟......حينها سثبت لمجاهد انها تكن مشاعر بقلبها لداغر....... مجاهد لن يتقبل ذلك و لن يرحمها خاصة اذا انكشف امر الحمل سيقتلها بدون شفقة و لا تردد.
نظرت الى وجهه و بدى لها بغاية الجاذبية عندما قال بامعان: "ليعود شعلان الى العمل متى شاء........ انا صادق عندما قلت لك ان تطلبي ما تشائين و صادق بكل مشاعري اتجاهك............ منذ التقيتك اخر مرة و انا متعب جدا حتى انني لم اذق طعم النوم ....كل حياتي تغيرت يا سعاد و اصبحت لا اعرف نفسي و لا اتقبل اي امراة بحياتي منذ عرفتك............... سعاد...... لدي كلام اريد ان اقوله لك"
تطلعت نحو الفلاحين ثم الى الحراس و قالت بنبرة لينة: "ارجوك......... لا المكان و لا الوقت مناسب حتى نتكلم......... الكل يتطلع بي كثر الكلام في الاونة الاخيرة عن بيتنا و عن سمعتنا لما تفعلونه بنا امام اعين الناس ومن يدري ربما رجالك ينقلون كل صغيرة و كبيرة الى الشيخ علام و بالتالي سيشك بامرنا..... خاصة بعد موقفك من قضية اخي مجاهد و كيف منعتهم من تنفيذ العقوبة بحقه ذلك سيجعله يتسائل عن السبب وراء ذلك و سيسلط عليك من يراقبك و بالتاكيد لن يجد اقرب من رجالك ليعرف منهم كل شيء "
قطب جبينه و زم شفتيه و هو يتطلع بها حتى انها قلقت من نظراته ربما سيساوره الشك من كلامها المغرض و يستشعر الخطر منها!
قال بشيء من الحيرة الواضحة على محياه: " قد تكونين محقة لكن انا داغر الذي لا يهاب كائن من يكون و الشيخ علام يمنحني كافة الصلاحيات و يثق بقراراتي مهما كانت و الذي يتكلم عنك بسوء ابتر لسانه...... انا معك ان موقفي من اخيك اثار حفيظتهم لكن لدي اسلوبي الذي يقنعه دائما.. لا انكر اني بذلت مجهود كبير لاقنع اخوتي و الشيخ علام حتى يتراجعوا عن قرارهم بقتل مجاهد بحجة انه سيفيدنا و رفاقه في المجابهة القادمة مع بنو حجير واننا سنضعهم بوجه المدفع.......و رغم ان مجاهد مخطئا و يستحق العقاب لكنني اليوم سعيدا جدا بانقاذه لما رأيته في عينيك من نظرات الرضا...... فكرت ان قتله سيجعلك تكرهينني اكثر يا سعاد و لم احتمل تلك الفكرة......... لا اريدك ان تكرهينني ذلك يؤلم قلبي"
قالت بتردد و حيرة: "انا.......... انا لا اكرهك"
لاحت على شفتيه ابتسامة فاترة و قال بتحديق: "لا اصدق انك سعاد التي عرفتها! التي تقطع انفاسي بحدتها و سلاطة لسانها......... لو كنت اعلم ان مساعدتي لك ستغيرك هكذا لما تأخرت بتنفيذ اي رغبة لك و لاهلك"
أنت تقرأ
شئ من الندم لكاتبة هند صابر
Romansوضعت سعاد يديها على اذنيها و هي مصدومة مما يحدث امامها و اجهشت جميلة بالبكاء و هم يهشمون الزجاج و يرمون بالكراسي و ادوات المطبخ............... خفض شعلان بصره و امينة احاطت كتفي ابنتها المفزوعة قائلة: "لا تخافي" و تعالت اصوات الصراخ و البكاء في الشار...