الفصل الثامن و الثلاثون..............
ابتعدت المرأة بسرعة و وقفت عند الباب و ذلك الشخص يتقدم بخطى بطيئة جدا و هو يتوكأ على عكاز!
عباءة و عمة و يسند يده على عكاز؟ رفعت بصرها بالتدريج و انفاسها تتلاحق و تصبح مسموعة و ملامحها تتغير و شفاهها تتحرك ببطء لتنطق بهمس و بفزع و دموع : "داغر!"
كانت لحظات صمت و فراغ قاتلة و هما يتطلعان ببعضهما هو بملامح جامدة و هي بتعابير الصدمة و الذهول.
قال قاطعا الصمت بصوته ذا النبرة الحادة: "سيدك داغر"
تطلعت بوجهه و انزلت بصرها على جسده بالتدريج و هي لم تصدق انه امامها من جديد..... بعد اخر مرة رأته فيها ظنت انها لم تراه بعد.
شعرت بارتجاف قلبها بين اضلعها و هي تتأمل شكله...... انه متغيرا....... متغيرا جدا شكله متعب و قد نحف قليلا و ايضا تلك النظرة القاتمة في عينيه جديدة عليها تنطوي على غل و حقد كبيرين...... تلك القسوة التي تغطي تعابيره قد اخافتها منه كثيرا و اشعرتها بمدى ذنبها و خطئها معه.
ابتلعت ريقها و خفضت بصرها تحت نظرته القوية الثاقبة و تقدم اليها بخطواته البطيئة.......... نظرت اليه قائلة بدموع تتساقط من عينيها الحمراوين: "انا...... انا اسفة..... اسفة"
التفت الى المرأة الواقفة عند الباب و قال بلهجة آمرة: "اخرجي و اغلقي الباب"
اطاعته و اعاد بصره الى سعاد التي كانت تعيش لحظات من القلق و مزيج من مشاعر مختلفة تتصارع بداخلها و هي جالسة هكذا على الارض مقيدة اليدين و بحالة يرثى لها.......... انها اليوم تحت رحمته و ليس لها ان تجرب التحدي و الملاسنة و الثقة كما كانت تفعل دائما لقد سقط حقها اليوم بكل ذلك فهو ليس بداغر الذي كان يتغاظى و يتجاهل شتائمها و تجاوزاتها الذي كان يطلب منها نظرات الرضا و الود..... الذي يلاحقها بكل مكان متذرع بشتى الطرق و الحجج حتى يقابلها و يتطلع بوجهها بذلك الحب و الاعجاب و بريق الرغبة و اللهفة و الشوق بعينيه حتى بقمة قسوته و غضبه كانت تشعر بتلك النظرة الراغبة المتلهفة لها بعينيه و التي كانت تستمد منها قوتها و ثقتها و تمنعها عليه و جفائها له .
انه اليوم مختلف و ينظر اليها بنفور و توتر و حقد.
اعتدلت بجلستها و هو يقترب جدا حتى لامست عباءته ملابسها و قال بنبرة احتقار: "هذا الوضع الذي يناسبك يا ابنة الفلاح..... منذ البداية كان علي ان اتخذ هكذا خطوة بحقك............. لا اعلم ماذا دهاني حتى تصرفت معك تصرفات صبيانية تناسب السذج الاغبياء حتى وصل بي الحال الى ما انا عليه اليوم............ تصرفات لا تليق بداغر ابن علام ......... كان الاجدر بي ان اجلبك الي منذ البداية و احصل على مبتغاي منك شئت ام ابيت...... انت من فئة البشر الذين يستحقون الاذلال"
هزت رأسها رافضة كلامه و قالت بتردد: "انت لم تفهم شيئا...... انا"
و جفلت عندما قال بصوت مرتفعا: "اسكتي........ لا اريد ان اسمع منك شيئا عن ما حصل.............. طلبت رؤية خاطفك...... حسنا...... جئت و اتضح لك ان خاطفك هو داغر......... و انه لم يمت و انه وقف مجددا على قدميه و انه سيحرقكم حرقا........ ماذا تريدين الان؟"
أنت تقرأ
شئ من الندم لكاتبة هند صابر
Romanceوضعت سعاد يديها على اذنيها و هي مصدومة مما يحدث امامها و اجهشت جميلة بالبكاء و هم يهشمون الزجاج و يرمون بالكراسي و ادوات المطبخ............... خفض شعلان بصره و امينة احاطت كتفي ابنتها المفزوعة قائلة: "لا تخافي" و تعالت اصوات الصراخ و البكاء في الشار...