الفصل الخامس والستون

546 57 23
                                    

نظر قابرييل للمنضده الموضوعه بجواره ..تحديداً لتلك الصوره العائليه ..كان عدوه مالكوم واقفاً بهندام انيق وابتسامه وسيعه ..وابنته الكبرى واقفه معه بفستان لطيف مبتسمه بينما تمسك كف والدها..بينما كانت إليانور جالسه على مقعد بجواره ترتدي فستان انيق وعلى وجهها رسمت ابتسامه حزينه مزيفه ..كأنما اجبرت على ذلك..وعلى احضانها ذلك الطفل الغريب رافييل..يرتدي ملابس لطيفه ..كان يستطيع رؤيه السعاده في عينيه عديمه اللون ..هو لم يستطع حتى رؤيه مشاعره  فلماذا تبدو عينيه سهله القراءه؟؟
لقد كان سعيداً مع والده ..لكن اختفت تلك السعاده بمجرد موت مالكوم..نظر اليه ..الى وجهه مالكوم الملائكي..كيف استطاع صنع الطبيه على ذلك الوجهه واخفى مقدار قبح افعاله تحته؟؟
قبض كفه بقوه ..كم يتمنى ان يأخذ ذلك الاطار ويحطمه بالجدار !
دلفت إليانور ..نظر اليها قابرييل..كم اشتاق الى عيناها..الى عبقها ..الى وجهه..ابتسم ..وكأن رؤيتها خففت على اكتافه عبء حياته..قالت إليانور مخاطبه إليزا:
-(عزيزتي ..احضري  بعض الشاي لضيوفنا)
قاطعها قابرييل :
-(شكراً لكِ سيده ثيودور لكننا لن نطيل البقاء )
ثم اشار الى الأريكه الموضوعه امامهم:
-(تفضلي سيدتي..سنطرح بعض الاسأله فحسب)
تقدمت إليانور وجلست وبجانبها ابنتها ..قالت :
-(لقد سمعت..ان السيد كلاوس وجداً ميتاً في المدرسه)
قال قابرييل :
-(نعم لقد وجدناه صباح اليوم!)
قالت إليانور بأسف:
-(ارجوا ان ترقد روحه بسلام ..لابد انه عانى ..لتحترق روح القاتل في اعماق الجحيم!!ارجوك سيدي المأمور اقبض عليه وسلمه للعداله!!)
شعر قابرييل بلأسف ..كم تمنى ان تنتهي هذه التمثيلية الرسميه بينهما..قال وهو يخرج مذكره صغيره وقلم :
-(دعي هذا الامر لنا سيدتي..الان عليكِ ان تجيبي على اسألتي ..إين كنتِ ليله البارحه؟؟)
قالت إليانور وهي تفرك يداها بتردد:
-(صباح الامس كنت اتسوق  طوال الصباح..العملين في السوق يستطيعون تأكد ذلك..ثم بقيت في المنزل طوال الليل)
كتبت قابرييل كل هذا ثم  نظر الى إليزا وقال:
-(دورك الان ايتها الشابه)
قاطعته إليزا وهي تشبك يداها بحتجاج:
-(اعذني سيادتك ولكن هل تشك بنا؟؟ليس لدينا ضغينه اتجاه السيد كلاوس!!)
ابتسم قابرييل وقال راداً على هجومها:
-(انه مجرد اجراء روتيني فحسب..اننا نتفقد حجج غياب اهل القريه فقط!)
نظرت الى امها للحظات ثم اعادت النظر نحو قابرييل وقالت:
-(ذهبت لزياره قبر صديقي الراحل سام ..تستطيع ان تسأل العجوز بوب عن ذلك..ثم قابلت امي في السوق وعدنا الى المنزل معاً)
كتب قابرييل ذلك ثم نقر على دفتره للحظات وقال مباشره:
-(اين ابنك الصغير..نحتاج لستجوابه هو ايضاً!)
قالت إليانور:
-(في الحقيقه هو مريض ..انه طريح الفراش منذ البارحه..لقد بقيت معه طوال اليوم)
اضافت بستغراب:
-(لكنه طفل ..هل يحتاج الى استجواب؟؟)
رد عليها قابرييل:
-(لا احد معفي عنه ..طفلاً كان او عجوزاً!!)
اضاف:
-(سوف اصعد الى غرفته لاداعي لأن يرهق نفسه )
صعد الاربعه الى غرفه رافييل..طرقت إليانور الباب وقالت بصوت هادئ:
-(صغيري ..المأمور قابرييل يريد ان يتحدث معك بخصوص معلمك السيد كلاوس ؟!)
ثم يأتي صوت خافت من داخل الغرفه:
-(دعيه يدخل !)
ادارت إليانور مقبض الباب لتفتحه..كانت الاضاءه داخل الغرفه خافته لكن بستطاعتك رؤيه مابداخل..خطى  قابرييل اول خطوات داخل الغرفه ليقشعر جسده فجأه ..!
لماذا هذه الغرفه بارده جداً؟!
كان رافييل على سريره وغطى نصفه السفلي ببطانيه كبيره..بينما كان وجهه شديد الشحوب..و اسفل عينيه ظلال حمراء وشفتيه كانت جافه متشققه..بينما كانت قطرات العرق تلتمع على وجهه..هل هو بخير؟؟
قال وهو يلتفت على إليانور:
-(احتاج لبعض الخصوصيه )
نظرت اليه إليانور بستغراب فبتسم بتودد:
-(لو سمحتِ؟)
لم يكُن لإيانور اي خيار فتركت قابرييل ينفرد برافييل بعد ان أشار لمساعده بالإنتظار عند الباب..
اُغلق الباب ..التفت قابرييل على رافييل الجالس بهدوء على سريره..
تقدم وسحب كرسي المكتب ليجلس مقابل عيني رافييل..
ابتسم وقال:
-(ها نحن الان نتقابل مجدداً..يبدو ان القدر دائماً يجعل طرقنا تتشابك!)
ابتسم رافييل بدوره ليرد:
-(انت مُحق سيدي)
قال قابرييل وهو يفتح اوراق مذكرته:
-(على الارجح انك سمعت بالأمر ..لقد وجد مُعلمك ميتاً في مدرستك صباح اليوم!)
رد عليه رافييل :
-(انه خبر مؤسف ..ليرقُد بسلام!)
رفع قابرييل نظره عن مذكرته ليحدق بعيني رافييل عديمه اللون للحظات ثم رفع زوايه فمه اليسرى للأعلى وقال:
-(يبدو الحزن واضحاً من كلامك..على رغم انني سمعت ان علاقتك به كانت سيئه؟!
ما سر هذه الكلمات الحزينه لشخص أساء إليك؟؟)
قال رافييل وهو يجاريه:
-(انا حقا حزين لأجله..لابد انه عانى كثيراً!!)
قال قابرييل مباشره مع بعض التشكيك:
-(حقاً..لكن اتعلم..قبل ان يموت جاء إلي قائلاً ان هنالك من سيقتله..لقد كان خائفاً ويرتجف مثل عصفور صغير.وعندما سألته من سيقتلك..من تخاف منه الى هذه الدرجه؟
اتعلم بما اجابني؟؟)
صمت قابرييل للحظه بينما يراقب عيني رافييل لينتظر رده فعله ليقول بصوت اشبهه بالفحيح:
-(رافييل ثيودور..لقد قال اسمك لي..لقد قال انك ستقتله!!)
كانت عيني قابرييل لاتزال تراقب عيني رافييل..لما تلك العينين اللعينه لاتصدر اي رده فعل؟؟
مرت دقائق صمت كالدهر ..ليكمل قابرييل قائلاً:
-(رافييل ثيودور..هل قتلته؟؟)
في تلك اللحظه شقت ابتسامه عريضه وجهه رافييل الشاحب ببطء..بينما خرجت منها قهقهه خافته ليقشعر منها جسد قابرييل!!
كيف لطفل مثله ان يمتلك ابتسامه سفاح؟؟
ليقول رافييل :
-(لقد كان الامر ممتعاً ..لقد استمتعت وانا اقتله ..لقد افرغت مافي داخلي من كراهيه وحقد اتجاهه..انا سعيد انني استطعت تخليص العالم من امثاله!!)
ثم اضاف بعد ان اختفت ابتسامته:
-(هل هذا ما اردت سماعه مني ..حضره المأمور؟؟)
قبض قابرييل يده بقوه..بينما يعض شفتيه ليقول:
-(هل تظن ان هذا وقت للمزاح؟؟)
قال رافييل رداً عليه:
-(بل انت من تظن ان هذا وقت للمزاح..لقد كان السيد كلاوس يحتضر ..لقد كان سكان القريه يقولون انه جُن من كثره الاساطير التي يقرأها فظن ان الطفل الذي اعتاد ان يلقي اللوم عليه يحاول قتله حتى ايقن بذلك!!)
اتكأ رافييل على وسادته وقال وهو ينظر لسقف:
-(ارى ان ماحدث له هو عاقبه لأفعاله..لقد كان شريراً فاسداً..انا اشفق عليه!)
قال قابرييل بعصبيه:
-(شرير؟؟السيد كلاوس كان ضحيه لقاتل معتوه !!)
قال رافييل بسخريه:
-(ضحيه؟؟السيد كلاوس كان مجرماً واستحق العقاب!!)
ابتسم قابرييل بدوره ليقول بذات السخريه:
-(حقاً وماهي فلسفتك عن الخير والشر؟؟)
قال رافييل وهو يدير رأسه اتجاهه:
-(لاوجود لشئ اسمه خير؟؟جميع البشر اشرار من الداخل ..جميعهم يدعون الخير والمحبه بينما دواخلهم فاسده شريره!!
يجدون الشئ المختلف الغير مألوف عدواً!!
طالما هذا الشئ لا يشبهم سيظل مصدراً للخوف لديهم!!
يدعون الخير ظاهراً لينالوا اعجاب من الناس لكنه لو رأى شخصاً يعذب امامه سيدون عليه حتى ينال رضى من حواليهم ..السيد كلاوس خير مثال!
لقد جعلني ملاماً لأجل ساق إيفا حتى لايلقى عليه سخط السيد توماس فلقد كان عبداً عند امواله!!
ليس هذا فحسب بل جعل اصابع الاتهام علي لأكون انا الشرير في انظارهم..لأكون انا من دفعت إيفا من الرج لأكسر قدمها لانني اردت الدفاع عن نفسي ؟!
الازلت تعتقد ان السيد كلاوس ضحيه؟؟)
اضاف :
-(انا اكرهه السيد كلاوس لانه جعل حياتي جحيماً بلا مبرر ..لكن هذا لا يعني انني استطعت قتله ؟؟
فكر بعقلك جيداً حضره المأمور وإلا ستصبح محط سخريه الاخرين عندما يسمعون انك تشك في طفل مثلي؟؟)
لقد كان كلام رافييل العميق ملجماً له !!
كيف لطفل مثله ان يمتلك فلسفه سوداويه مثله؟؟
انه عاجز حتى عن النظر الى عينيه!!
سعل رافييل للحظات ثم استلقى على ظهره وهو يشد اللحاف عليه ليقول:
-(حالي هو حجه غيابي فأنا كنت مريضاً ليله البارحه ولم استطع الخروج لقتل السيد كلاوس فأعذرني لانني خيبت أمالك !)
اغمض عينيه ليقول بختام:
-(انا متعب للغايه ..من فضلك غادر احتاج لقسط من الراحه!!)
..
فصلين مكافأه لصبركم ع سحباتي🌚🌚
اسفه ولا تنسون تستمتعون 💗💗

المُطارد Where stories live. Discover now