صرخ منادياً أسمها مرارً ولكن الصمت كان مجيبه..لسبب ما هذا الصمت ارعبه! التفت حول المنزل ولكن الظلام منعه من رؤيه شي ..مما جعل قدمه تصطدم بجسم مجهول ويسقط ارضاً..نهض وهو يتألم.. ركز نظره نحو الجسم المجهول الذي جعله يتعثر ولكنه لا يرى شيئاً بسبب الظلام..لكنه يبدو مثل جذع شجره؟!؟! انقشع الغيوم السوداء لتكشف عن ضوء القمر لينير المكان ..شيئاً فشيئاً ادرك ان هذا الجسم المجهول لم يكن سوى جثه إليانور !!!! كانت تنظر الى السماء في عيناها بقايا دموع رفضت الانهمار.. كان قفصها الصدري مفتوحاً ليبدو كالاجنحه ..وداخلها فارغاً وبقايا اعضاءها الداخلية متناثره حولها!! زحف قابرييل على ركبتيه بألم نحوها..وهو يعجز عن التنفس والكلام من هول مارأه..حملها بين يديه كطفله..ربت على وجهها بخفه ..تناثرت دموعه على وجهها الجامد..هو يريد ان يتكلم ..هو يريد ان تخرج الكلمات من فمه..كل ماخرج منه هو دموع ساخنه اختلطت بدماءه رأسه المصاب..احتضنها..بقوه نحو صدره..وكأنه يعتذر عن تركها لتواجهه الشيطان وحدها! تذكرت الايام التي مضت..عندما كان يستلقي على فخذيها لتداعب شعره بحنان..وعلى وجهها ابتسامتها الدافئه ..كانت كلمه واحده منها تجعل حقولاً ذابله مليئه بالازهار الجميله.. هو مستعد لبيع روحه لأجل ابتسامه واحده منها!! نهض حاملاً إليانور مترنحاً وهو يتمتم: -(سـ..سـ..ساعدوني..عزيزتي إيلي..انها مصابه..انها تنزف..لااعلم اين اعضاؤها؟!ساعدوني!؟) كان يتخبط في مشيه ..و الدوار يعمي بصيرته..ليسقطه هو و جثة إليانور..نهض مجدداً وهو يمسح دماءه من على وجهه ودموعه..حمل اليانور بين يديه مجدداً..نظر الى وجهها الجميل انها تنظر اليه بسعاده..بينما ترتدي فستاناً ابيض جميل وطوق ازهار خلاب يزين رأسها ..طوقت بيديها عنقه وهي تبتسم بجمال ..نظر امامه ليرى الارض ممهده بفراش من ازهار بيضاء ..وامامه إليزا ..تلك المراهقه الشقيه كانت تبتسم..لأول مره يراها تبتسم بسعاده..كانت هي الاخرى ترتدي فستان ابيض جميل وبين يديها سلة مليئه بتلات ازهار تنثرها في الهواء لتعطي طابعاً رومنسياً دافئاً..! كان يرتدي بذلته البيضاء التي تمنى ان يرتديها دائماً عندما يتزوج إليانور.. مشى على ممر الورد ببطء و عاود النظر الى اليانور التي مسحت بكفها وجهه بلطف..لمست بجبينها جبينه فأغمض عينيه..ليسمع صوتها الجميل: -(نحن معاً ياعزيزي..نحن معاً..للأبد!) ابتسم.. غلفته كلماتها بدفئ تمنى دائماً الشعور به..ليسمع فجأة صوتاً اخر يعرفه؟! -(هل تظن انني سأتركك سعيداً؟!!!) انه صوت رافييل!!! ليسقط الغلاف الدافئ الذي كان يشعر به..لتضربه بروده الواقع..فتح عيناها ليصدمه وجهها الازرق الشاحب وعيناها الجاحظه والدماء الجافه في شفتيها..صرخ بهلع وهو يسقط إليانور من بين يديه على الارض..! ادرك ان مارأه كان حلماً..الان ..ما امامه هو الواقع..! ممر الازهار لم يكن سوى جثث متراكمه فوق بعضها!والازهار التي كانت تطير في الهواء لم تكن سوى شرارة النيران المندلعة في البيوت والاشجار! الصواعق كانت تضرب الارض والغربان كانت تنهش الجثث..! اقتربت الغربان من جثة اليانور وبدءت تنهش وجهها..صرخ قابرييل وهو يبعدها منها بيأس.احتضنها مجدداً وهو ينظر من حوله بهلع..وعبر الظلام رأى طفلاً..كان الوحيد الذي يقف على قدميه! الظلام كان حالكاً جداً ليرى وجهه فناداه بيأس: -(هل انت بخير؟ماذا حدث هنا؟لماذا الجميع ميت؟اقترب ايها الطفل لابد انك خائف؟!) لكنه لم يقترب ولم يسمع جواباً منه! فجأه سمع صوت اشبه بتفكك عظام..ليتحول ظل الطفل امامه لشئ اكبر ..واكبر..واكبر..ليمتد من رأسه قرون شيطانيه ..ويديه التفت حول السماء حتى بدء وكأنه يحمل العالم بين بيديه!! على وجهه لتمعت عينيه باللون الاحمر الذي يعرفه من رافييل..وامتدت ابتسامه حمراء ساخره عليه جعلت قلب قابرييل يتسارع هلعاً!! لتصل الى مسامعه صوت الوحش وصوت رافييل معاً ليقول: -(الان..انت لم تعد تمتلك شيئاً لتعيش لأجله..هكذا انتقمت منك!!) ليتقلص الوحش شيئاً فشيئاً وعيناه الحمراء لاتزال تراقب قابرييل..ليعود طفلاً كما كان ..لينسحب شيئًا فشيئاً..واختفى في الظلام تاركاً قابرييل متخبطاً في عالم الادراك..لقد انتقم رافييل منه..هو سلبه والده ..وهو سلبه كل شيء!!! ..... مرت سنين على حادثه القريه الصغيره..كانت النجده قد وصلت متأخره بسبب الاجواء العاصفه التي منعت من تقديم المساعده لتأكل النار القريه والجثث معاً..كان من الصعب التعرف على الجثث ..كان يوماً صعباً للجميع! اقيم الحداد على مدى اسبوعين كاملين على الموتى في الكارثه الغريبه..اصبحت القريه التي كانت مملوه بالحياة هامده في وسطها نصب تذكاري وضعت عليه كل صور السكان تكريماً لأرواحهم التي حاولت النجاة! الامر كان غريباً جداً على الجميع وحتى على المحققين؟! كيف ازهقت ارواح حوالي مئات الاشخاص دفعة واحده؟! وايضاً كان هنالك جثث بلا اطراف او رؤؤس؟! ماتفسير ذلك؟! الامر كان شاغلاً اذهان الكثير حتى بدءت تصدر الاقاويل؟ قيل انه غضب الشيطان؟وقيل ان السكان نبشوا قبر طفل ملعون؟وقيل انهم نقضوا عقداً مع احدى الشياطين فدمرهم؟وقيل انهم كانوا سحره في الاصل؟! الكثير من الاقاويل ولكن لا احد يعلم حقيقه الامر سوى شخص واحد..! كان هو الناجي الوحيد في القريه المنكوبه..اسعفه رجال الانقاذ وعالجوا اصاباته وبعد شفاءه بمده حاول المحققون استجوابه واخذ اقواله عما حدث ولكن كلامه بدء وكأن الجنون ضرب رأسه: -(انه بسبب رافييل..انه طفل المرأة التي احبها..لقد تعاقد مع شيطان..لقد قتل الجميع!) -(هل تقول ان الكارثه كانت بسبب..طفل؟!!) -(نعم لقد كان شيطان كوالده..لقد قتل الكثير قبل الكارثه حوالي ثمانيه اشخاص..لقد كان يأكلهم ويمثل بجثثم؟!) -(يأكل جثثهم؟..حسناً ماكان دافعه؟) -(لا اعلم..ربما اراد الانتقام من والده؟لا اعلم ..انه وحش..اقبضوا عليه واصلبوه على وتد..انه شيطان اقسم لك!!!) -(سيد قابرييل..لقد وجدنا جثه ابنك وكان رأسه مفصولاً عن جسده!!!) -(ابني؟؟لما تنسب هذا الشيطان لي؟!) -(هذه وثائق وجدناها في منزل السيدة إليانور التي كنت بجوار جثتها..انها محترقه جزئياً ولكن يمكنك قرائتها..مكتوب فيها ان رافييل هو من نسلك..!!!) فجأه كان الناجي قابرييل يصرخ محاولاً الاعتداء على المحقق بعد رؤيته للوثائق..اودع قابرييل في مصحه عقليه بعدها ليخرج منها بعد سنين فارغ العواطف..اصبح متشرداً بعدها..كان يمشي بلا هدف..وعيناه كانت خاليه من الحياة..ملابسه اصبحت مهترئه وطالت لحيته وشعره ليختفي وجهه الوسيم تحتها..هزل جسده الذي كان مثالاً للقوه ..اصبح الاطفال يرمونه بالحصاة وهم يغنون((مجنون ..مجنون))! مشى حتى وصل الى القريه التي اصبحت مركزاً سياحياً ليزور الناس نصب القرويين التذكاري ويشاهدوا اللوحات في المتحف التي كتب فيها تاريخ القريه والكارثه التي حصلت؟! وقت امام النصب و رأى صور القرويين بصمت..لم يكن يرى سوى صوره عائله ثيودور ! نظر لإيانور ..كم تبدو جميله في هذه الصوره..تمنى لو انه يراها مره اخرى..لو يستطيع لمس وجهها مجدداً.. رأى بجوارها مالكوم اللعين..وبجانب إليانور صوره إليزا ..تمنى لو انه كان والدها ليحتوي جموحها .. وبجوار مالكوم كانت صورته..! رافييل..! بوجهه الشاحب وكأن الدماء لاتصل لبشرته..وعيناه التي كانت بلا لون وبلا عواطف..لوهله شعر وكأنه يبتسم له..شعر ان الدماء كانت تغلي في داخله ..تمنى لو انه يمسك بحجر بيده ليهوي به على وجهه ليحطمه..!! -(اراهن انك تريد تحطيم وجهه؟!!؟) قالها الشاب الذي وقف بجواره؟! التفت قابرييل اليه ببطء..هذا الصوت ..هو يعرفه؟!هو يعرفه؟! ليتفلت الشاب هو ايضاً اليه لتتصادم نظراتهما؟!! لقد كان هو ..كان رافييل ..اصبح الان شاباً..كيف؟!قال المحقق انهم وجدوا جسده بلا رأس؟! ابتسم الشاب الذي كان يتردي ملابس انيقه ابتسامه خبيثه بينما التمعت عيناه التي كانت بلا لون باللون الاحمر الدموي الذي يعرفه ليقول: -(هل اشتقت إلي ..يا ابي!!!) كان قابرييل لا يزال يحدق فيه مصدوماً ..اكمل الشاب قائلا ببرود معاوداً النظر الى الصوره: -(من كان يصدق ان كل هذا حدث..لقد كانت هذه القريه مليئه بالحياة والان..مجرد متحف مليئ بالاكاذيب ونصب تذكاري قبيح!لكن ماحدث كان ممتعاً اليس كذلك؟ الدماء..والصرخات..والجثث..كان يبدو كمسرحيات تراجيديه !!) اعاد النظر لقابرييل و مد يديه نحوه وقال بفخر : -(لقد حققت هذه اليدان المستحيل..الامر اشبهه بالخيال ..من كان يعلم ان موتي كان سيجعلني بهذه القوه..انا فخورً جداً بذاتي الجديده وسعيدً كذلك..هل سأكرر فعلتي..ربما؟؟!!) قالها وكأن مافعله انجاز كبير استحق الثناء عليه..ادخل يديه في جيبه وقال وهو ينظر اليه: -(على ايه حال..كنت اراقب منذ اللحظه التي تركت فيها في الغابه..كان تدهور حالك يشفي غليلي..انا واثق ان رافييل لو كان حياً سيسعده ذلك ايضاً..حسناً الان علي توديعك..شكراً قابرييل..حبك لإيانور مهد الطريق لي لبدء انتقامي..لقد كنت منذ البدايه..بطاقتي الرابحه!!!) تجمعت الدموع في عيني قابرييل وانفجرت عروق وجهه غضباً ..امسك من تلابيب الشاب وظل يصرخ بجنون: -(سأقتلك يا رافييل..سأقتلك!!) تجمع الناس حولهم عندما ارتفع صوت صراخ قابرييل ليحلوا النزاع بينهم.. امسكوا بـ قابرييل وابعدوه عن الشاب..اعتذر احد الناس لشاب مبرراً انه هذا الشخص كان الناجي الوحيد وقد اصيب بالجنون لبتسم الشاب بشكل لبق وهو يرتب هندامه قابلاً اعتذاره..ليرى الناس وهم يسحبون قابرييل عنه وهو يصرخ عليهم قائلاً انه المتسبب في الكارثه ..ولكنهم كانوا متجاهلين إدعاءاته..ليختفي عن ناظريه..! اعاد الشاب النظر لنصب التذكاري..ضحك الشاب بشكل خافت وهو ينظر لصوره رافييل الطفل .. اخذ زهره بيضاء من سله الازهار الموضوعه بجانب النصب واخرج ورقه بيضاء من جيب معطفه وكتب بضع كلمات ووضعها بجانب صوره رافييل !؟ -((شكراً لتضحيتك بجسدك من اجل انتقامي وانتقامك ..سأحرص على استعماله بشكل جيد..الممتن لك الى الابد..فلاديمير!)) ليغادر المكان متوجهاً نحو قمه جبلاً عاليه.. وصل لحافه الجبل..ونظر الى الهاويه المطله على القرى ..كانت البيوت اشبه بألعاب صغيره متناثره في الارجاء..ليقفز من الهاويه محلقاً في السماء بأجنحته ..استقر وسط السماء..نظر نحو البشريه تحت قدميه بزهو و شر..لتحمر عيناها بدمويه ووحشيه!! ابتسم مكشرً عن انيابه: -(والان لنبدء لعبه المطارده والخاسر ..سيموت!!) .. بحمدلله اكتملت روايتي..شكراً لكل من دعمني وشكراً لكم لقرائها.. هذه كانت روايتي الاولى وان كانت هنالك اخطاء فاعذورني فيها..كانت هذه الروايه جزء من قلبي واستمتعت في كتابتها ونقلها لهم🥺💝
Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
