الفصل الثامن والسبعون

426 40 8
                                    

نظرت اليه إليانور وهي تسقط..كيف حولت تلك العيون البريئه التي كان يملكها لعيون مخيفه بارده!
لوهله ..بدء سقوطها كأنه حركه بطيئه..مما جعلها تتذكر شريط حياتها..من لحظه لقاها بـ مالكوم وزواجها مرغمه منه..ووقوعها في حب قابرييل..وانجابها اول اطفالها إليزا..كانت طفله لطيفه حيويه لكن عندما كبرت اصبح التعامل معها اكثر صعوبه ..واخيراً انجابها لـ رافييل طفلها الصغير العزيز..تذكرت كم احبته؟كم كانت خائفه عليه ان يعرف مالكوم انه يشبه قابرييل !!
تذكرت كيف كانت سمم طعام مالكوم خفيه..حتى اثر فيه اخيراً وقتله! كم سعدت بموته..تسطيع الان ان تبني العائله التي تريدها..جاهله انها دمرت عائله طفلها..هي لن تعترض على موتها الان لانها استحقت ذلك..كان جسدها يقترب سريعاً من الارض لتصطدم بشكل عنيف بالارض لينفجر جسدها كإنفجار البالون المليئ بالماء  مخرجاً دواخلها بشكل مقزز على الارض ..كانت عيناها لازالت تنظر الى السماء.. يبنما كانت قدماها ويداها وظهرها واضلاعها محطمه وبارزه بشكل مؤلم من تحت جلدها ..بصقت الدماء بعنف من فمها !
تذكرت للمره الاخيره..رافييل الرضيع بين يدها..يتثائب ببراءه..بشرته الناعمه ورائحه الاطفال التي احبتها فيه..امساك يديه الصغيره بطرف اصبعها العملاق بلطافه ..كم ارادت ان تعود لتلك اللحظه ..لتقبل خديه وجبينه..لتخبره انه طفلها الحبيب وقرة عينها..لتخبره للمره الاخيره ..انها تحبه!!
لتسقط اخر دموعها من عينها بعد ان اختفى لمعان الحياة منها!!
نزل رافييل الى الارض ..مشى بهدوء نحو والدته التي تفجر جسدها مخرجاً اعضاءها الداخليه في كل مكان! ارتعدت السماء مرسله المزيد من المطر الغزيز ..وقف امامها ..رأى عيناها ..كانت لاتزال هنالك دموع عالقه فيها..انحنى الى وجها..وبطرف قميصه الممزق نظف وجهها المتصلب الملطخ بالدماء..مسح بلطف اخر دموعها..نظر لها..!
لو انها..لو انها نطقت في تلك اللحظه..بتلك الكلمه..كلمه احبك ..كان ليسامحها على مافعلته!
لكنه..لا يريد سماع تلك الكلمه مره اخرى..هو لم يعد يريد الصفح بعد الان!!
شعر بالضعف..لكنه يجب ان يكمل..يجب ان يستمر ..نظر لجسدها المدمر..قال بضعف:
-(ماما..انا جائع..اريد آن أكل!!)
مد يده داخل جسدها..باحثاً عن مضغتها ..ليخرجها من داخلها..ثم امسكه بكلتا يده ونظر اليها..ثم نظر للقلب الصغير بين يديه..ثم فتح فاه لأقصاها ليتهمه بشرهه  والدماء تخرج منه!!
لقمه بعد لقمه من هذا القلب البشري..كان يستشعر المشاعر التي حملها ..خوف..سعاده..قلق..حب..حنان!
حتى انهاه تماماً..لكنه لم يشعر بالشبع!
لتنهمر دموعه وهو ينتقل لتناول عضو اخر منها..عضو بعد عضو..حتى فرغ ماكان بداخل اضلاعها..لكنه لا يشعر بالشبع..نظر ليداه الملطخه بالدماء التي لا تزيلها الامطار..حاول مسحها ولكنها لا تزال موجوده..ماء المطر لا يستطيع إزالتها ..حاول مسح فمه كذلك لكنها لاتذهب ..الخوف سيطر عليه..لقد مر وقت منذ شعر بالخوف لهذه الدرجه..امسك بيد والدته المتصلبه البارده ووضعها على وجهه..لكنه لوهله ..شعر بدفئها!
لكنه اختفى..امسك بيدها الاخر وشعر بدفئها كذلك ..لكنه اختفى ايضاً ..ليضع رأسه داخل قفصها الصدري الفارغ ليسمع فجأه صوت قلبها الذي كان فيه قبل ان يلتهمه!
شعر بالدفئ يغمره كاملاً..
تذكر الحنان والدفئ الذي كان يغمره عندما كان ينام بين يدها..ابتسامتها الحنونه ابعدت مخاوفه ..قبلتها اللطيفه ابعدت كوابيسه..لوهله ..تمنى لو انه لم يفلتها..تمنى لو انه سمع كلمتها الاخيره!!ليصرخ بكل قهر ..ليشتد رعد   السماء السوداء مع صرخاته..هو الان ..سيجعل العالم نادماً على اجباره على قتل والدته!!
كان اهل القريه لايزالون امام نصب التذكاري للضحايا حاملين بين ايديهم زهور بيضاء تأبيناً لأرواحهم التي قتلت بشكل وحشي ..
لتغير الجو فجأه..تجمعت السحب السوداء المحمله بالمطر التمعت البروق والرعود في السماء..
رغم المطر صمد القرويين ليكملوا طقوس العزاء..
بينما هم يسمعون صلوات القس كان هنالك طفل صغير قد جاء مع والدته للعزاء وهو يحمل بعض الازهار البيضاء في يده ويلعب بقدميه في الطين ..ليرفع رأسه وهو يشاهد المطر..ليلاحظ شئ غريب!؟
قال لوالدته:
-(امي..انظر هنالك انسان يطير!؟!)
قالت امه بهدوء:
-(ليس الان وقت اللعب..اكمل صلاتك لأرواح الضحايا )
ثم اضافت وهي تمسح على رأسه:
-(ربما هو طائر ؟)
لكنه ظل يكرر كلامه وهو يشير للسماء:
-(لكن امي هو يقترب منا!انه انسان؟!)
قالت وهي ترفع رأسها لترى ماتراه :
-(لا يوجد انسان يطير ان خيالك واسع..انه طائـ...!!)
لتصمت الام من صدمه ماتراه..كان هنالك رجل بجوارهم وقد لفت انتباهه حديث الطفل..ليرفع رأسه هو الاخر ليرى مايراه!!
-(ماهذا بحق خالق الجحيم؟!!)
قالها الرجل بصوت عالً عندما تحقق مما راه مارأه الطفل!!
ليلتفت الجميع اليه متسائلين..قال وهو يشير لسماء :
-(هنالك..شخص يطفو على السماء!!)
رفع القرويين ابصارهم الى السماء ليروا مايقصده !
كان بالفعل انسان يطفو فوق رؤوسهم ولكن معالم وجهه غير واضحه بسبب الظلام..كانوا مصدومين مما يرونه فكيف حصل هذا؟هذا مخالف للمنطق!
قال الطفل ببراءه:
-(انه بطل خارق!)
ليتمع ضوء من السماء فكشف وجهه الانسان الطائر!
صرخ احد القرويين:
-(انه رافييل!!)
كان بالفعل هو..يحلق بشموخ فوق رؤوسهم كبطل خارق يرتدي عباءة حمراء في القصص المصوره !
لكن ليس هذا مارآه القرويين..بل كان طفل ذو عيون براقه حمراء وجهه ملطخ بالدماء!
لطالما كان الخوف غريزه اسرع من الضوء..وهذا ماحصل..فهذا الذي يحلق فوقهم ليس بطلاً ينقذ المواطنون وينشر السلام..بل كانت هالته مميته..هو ينوي قتلهم!!
..
لا تنسون تعطوني رأيكم عن الفصل😉
انجوي💙

المُطارد Where stories live. Discover now