الفصل السابع والسبعون

449 43 25
                                    

دق..دق..دق..دق!!
قال قابرييل:
-(من الطارق؟؟)
دق..دق..دق..دق..دق..القرع يزداد قوه!!
نهض قابرييل ليفتح الباب..لكن إليانور امسكت بطرف معطفه راجيه:
-(لا تفتح الباب..ربما..ربما انه احد من القريه!)
امسك قابرييل يدها التي تمسك معطفه وقال بهدوء:
-(لاتقلقي..ربما انه احد الاطفال يحاول اللعب!)
ابعد قابرييل يدها بلطف وتوجهه نحو الباب ليفتحه..!!
لكن..لا أحد عند الباب؟
خرج قابرييل ليتفقد المكان ..لكن عليه ان يسرع لان المطر بدء بالهطول!!
لكنه لاحظ شيئاً؟
كان اثار اقدام غريبه على الارض الموحلة من المطر..كان اثار غريبه..كأنها اثار وحش مجهول فهذه من المستحيل ان تكون اثار انسان؟!
انحنى ناحيتها ليرى بعض البقع على الاثار..تلك..تلك دماء؟؟
سمع صوت خطوات من خلفه..لكنه لم يكن سريعاً بما يكفي ليلتفت..كانت الضربه قويه بما يكفي لتسقطه على الارض والدماء تسيل من رأسه ..وقف المجهول امام وجهه قابرييل..حاول بقدر الامكان ان يرفع بصره ليراه ..لكنه فقد وعيه !!
كان صوت الرعد قوياً..لقد تأخر قابرييل..كانت إليانور خائفه لدرجه انها لم تستطع ان تغلق الباب بعد خروج قابرييل بل ظلت في مكانها تنتظره..
التقطت اذنها صوت خطوات قادمه من بين صوت المطر والرعد..قالت :
-(من كان الطارق..هل هو احد الاطفال؟)
صاحب الخطوات يقترب لكنه لا يجيبها ..قالت مجدداً بشيء من الخوف:
-(قابرييل..من كان الطارق؟؟)
ليظهر صاحب الخطوات..لكنه لم يكن قابرييل بل رافييل!!
كان يعرج ..بينما الدماء تسيل من جروح طعنات إليانور.. وجهه متسخ بالطين ومحجر احدى عينيه فارغ وينزف..وشعره الاسود مبعثر وعالق عليه اوراق الاشجار والاغصان الصغيره !!
-(لقد عدت..امي!!!)
قالها مستنداً على الباب وابتسامه عريضه مشوهه ارتسمت على وجهه بسبب الدماء التي تسيل من فمه بشكل بشع!!
لم تستطع إليانور اغلاق عينيها من بشاعه منظر طفلها الذي بدء وكأنه بعث من الموت من جديد!!
-(كيف..طاوعك ..قلبك..على فعل هذا بي!؟)
قالها بينما يتقيأ دماءً من فمه..حاول ان يقترب منها وهو يعرج من شده اصاباته:
-(انا..انا طفلك ..انا ابنك الصغير..لما فعلتِ هذا بي؟)
كانت الدماء تسيل منه لتسقط على الارضيه..تعثر بخطواته الغير متزنه على الارض..حاول ان ينهض مجدداً لكنه تعثر بسبب الدماء الزلقه على الارض..رفع رأسه وبعين واحده نظر بتوسل لإيانور المتجمده من الخوف ..رفع يده ناحيتها تنشد مساعدتها:
-(ماما..انا خائف..انا لا اكف عن النزيف..وهذا..مؤلم للغايه..ساعديني!!)
تذكرت إليانور لسبب ما..اول خطوة خطاها رافييل عندما كان صغير..كانت قدميه الصغيره الناعمه تخطو على الارض بغير اتزان..ويديه الصغيره يمدها الى والدته ..وعيناه البريئه تنظر اليها..ويداها التي تحيط به لتحميه من السقوط !!
لكنها تذكرت ماحدث في الغابه لتقول وهي تسحب نفسها بعيداً عنه:
-(انت..انت لم تعد ابني..انت ..مسخ!!)
توقفت يد رافييل في الهواء متجمده..وعلى وجهه ارتسم الخذلان ..قفزت دمعه رغماً عنه..قال بعبره ألمته اكثر من جروحه :
-(لكنني ..ابنك..انا لست مسخ..ارجوكِ انظري إلي!)
ليمد يده من جديد ناحيتها لكن إليانور دفعت يده بعنف وجفاء وقالت :
-(لا تقترب..لا تلمسني ايها القذر المسخ!!)
كانت النظره على عيني والدته قاتله ..وكلماتها القاتله المؤذيه ألمته للغايه..كان مستعداً لمسامحتها على مافعلته له ولكن عيناها..النظره التي حملتها!!
كانت نفس النظرات التي نظر بها أولائك الاوغاد اليه!!
نظره الاستصغار والسخريه!!
تلك لم تكن نظرات امه..كانت عيونها تحمل نظرات حنونه دافئه دائماً..لكن هذه العينان ..كانت نظراتها قاسيه بارده!!
قبض يديه واستند على الارض لينهض.. بقوه استطاع الوقوف مجدداً على يديه!!
-(كيف..تجرؤين؟؟!!)
قالها بنبره عميقه مخيفه..لترى إليانور جروح رافييل التي سببتها تندمل ..والدماء التي تخرج منها تعود لمصدرها مجدداً كالمعجزه..وحجر عيناه ينمو من  جديد لتتكون منه عين يتوسطها بؤبؤ احمر غاضب!!
عاد جسده صحيحاً مجدداً وكأن طعنات سكينها والجروح التي سببتها لتقتله لم تكن!!!
هذا ما اكد لها كلام قابرييل..رافييل لم يكن سوى وحشاً!
وما أكد كلامها ايضاً هو حركه رافييل السريعه التي انتقل بها ليكون قباله وجهها !
حاولت إليانور الصراخ من خوفها لكن يد رافييل كانت اسرع من ان تفتح فكها لتطبق عليه بقوه !!
ثم بذات السرعه الهائله طار بها ليكسر سقف المنزل الذي كانا فيه محلقين في السماء العاصفه متحديًا بقدره الجاذبيه كالأبطال الخارقين ولكنه هذه المره لا يمثل دور بطل بل هو الشرير!!
في السماء السوداء العاصفه ..كانت إليانور تنظر الى الارض تحتها بهلع  وقدماها التي تتطاير مع اتجاه الريح متجاهله الدماء التي تنفجر من رأسها بسبب اصطدامهما الخارق بسقف المنزل ..ويداها تتشبثان بجسد رافييل ويده التي تطبق على رأسها!!
نظرت بعيني متوسلة الى رافييل حتى لا يفلتها..نظر رافييل اليها بدوره بعينين حمراء قاسيه غلفها سواد بياض عينيه.. قال بذات النبره العميقه الخشنه:
-(هذه فرصتك الاخيره لطلب العفو!!)
امسك عنقها بيده الاخرى ليفلت يده التي تمسك فكها مانحاً اياها فرصه للرد:
-(كيف..فعلت ذلك؟؟ماذا تكون؟؟)
رد عليها :
-(اعطيتك فرصه لنجاة وليس لتساؤل..اطلبي العفو قبل ان اتخلص منك!)
واشار بعينيه للارض ،قالت بعيون دامعه:
-(هل هكذا قتلت الاخرين..بهذه البشاعه والقسوه؟)
لم يجبها رافييل ..اكملت وهي تقاوم الريح العاصفه:
-(هل اجبرك والدك على ذلك؟هل جعلك تنفذ انتقامه من الاخرين بوحشيه لأخذ حقك!؟)
مدت يداها لتمسك كتفاها :
-(لا بأس..سوف اخبر قابرييل عن الامر..انا واثقـ..!)
قاطعها رافييل مزمجراً ليظهر انيابه الوحشيه:
-(حتى في حالتك هذه تفكرين به!!!انانيتك وتعطشك للحب دمر عائلتنا..لقد كنا متكاملين..متحابين..كنا عائله دافئه..حتى قررتي تدمير كل هذا !!)
قربها من وجهه وقال بينما قطرات المطر تبلل وجهه:
-(ألم تفكري ان بفعلتك تلك حطمتي حياة طفلك الصغير..لقد كان والدي كل حياتي..حتى قررتي تركه ومبادلة بمعتوه دخيل كان يحسد والدي على حياته!!)
ثم اضاف:
-(ابي لم يجبرني على القتل ولم يتلفظ به بوجودي قط..كل هذا القتل كان قراري واختياري..وقد استمتعت به حقاً!!)
ثم قال والسماء حولهما تبرق بضوء يعمي العيون:
-(والان كمان تخليتي عني ..سأتخلى عنك !!)
كانت إليانور صامته ..لم تصمت لعجزها عن الرد ..بل صمت لانها لاتستطيع ان تصف مامرت به له!؟
كانت مجبره على الزواج برجل لا تحبه..والعيش محبوسه في منزل معزول..وترك حبها الوحيد للأبد..والعيش تحت ضغط خوفاً من فضيه فاحشه عن خيانتها لزوجها الوقور ..قد تبدو اشياء عاديه في عين اي شخص ..لكن كانت ثقيله على نفسها!!
هي لن تبرر افعالها لان اسبابها كانت طفوليه ..لن تفعل اي شي..مد إليانور يدها لتمسح بحنان للمره الاخيره على وجهه ابنها الصغير الذي تحول لوحش قاسي بسببها..قالت محاوله مقاومه دموعها التي اختلطت بقطرات المطر:
-(انا..اسفه! انا حقاً..اسفه!)
ثم قالت مجدداً بنبره مرتجفه:
-(انا احبـ...!)
لم تكد تنهي كلمتها ليفلت رافييل يده عنها ليتركها تسقط للأرض مواجهه مصيرها!
.......
فصل مليئ بالمشاعر ..ارجوا ان تعطوني رأيكم بالفصل ولا تنسوا دعمي🥹🙏🏻
انجوي💙

المُطارد Where stories live. Discover now