_١٢_(بقاءٌ قسرى)

11K 526 19
                                    

عن خولة بنت حكيم ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
(( من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء، حتى يرتحل من منزله ذلك ))
[رواه مسلم] .
___________________________________

٠٣/٠١/٢٠٢٣
(بقاءٌ قسرى )

فى بعض الأحيان يكون النوم أفضل من الاستيقاظ، وسيلة نافعة للهروب من الضغط و المشاكل، على الأقل أثناء نومك لن يضايقكك سوى الكوابيس بينما فى صحيانك البشر و الحيوانات و كذلك الذكريات و ربما بعض الأشياء التى مازالت حاضرة فى ذهنك من كوابيسك المزعجة .

غريب أمر البشر ،بدلًا من التكاتف و العيش بهدوء و سلام نصارع بعضنا البعض لأجل البقاء ،و يختلف مفهوم البقاء من شخص لآخر لكن ماذا يحدث حين يتعارض بقاؤك مع شخص آخر؟ أتقتله؟
و إن كان الشخص الآخر ينتمى لك بالفعل ،فماذا ستفعل؟ أ تضحى بنفسك لأجله؟

___________________________________

تتحرك فى الغرفة ذهابًا و إيابًا، تنظر لجسده الممدد على الفراش و بجانبه والده، أيقوم بدور الأب الصالح الآن؟
ماذا عن ذى قبل ؟! ألم يكن والده؟
حين تركه و رحل، غفل عن عقله أن له طفل يدعى "غيث"، أراد أن ينعم بحياة آخرى، انساق خلف رغبته و نزوة لم تكن عابرة، ترك ماضيه و تعايش مع حاضره الذى بناه على أنقاض الماضى بحقارة شديدة.
هى من تعيل الأسرة، هى فقط فى حين كان ينعم هو بجوار زوجته و ابنته المُدللة من طرف الجميع.
دائمًا ما ينتظر الفرصة المناسبة ليظهر بدور الملاك البرىء، يتعامل و كأن لا ذنب له، و بالأساس يكمن جوهر ما يعانيه" غيث" الآن بأن له والد
"كسامح الحديدى"، متخاذل، صامت فى الأوقات التى يعد الصمت بها خيانة قسوى.

اطمأن عليه و أشار لها بالخروج معه، أغلق باب الغرفة و نظر لها، تكاد تجزم إن كانت النظرات تقتل فقد قتلها بنظراته الآن، و هذا ما جعلها تستشيط من الغضب و الإستنكار فى آن واحد!
أيلقى باللوم عليها فى حين أنه بعيدًا كل البعد عن ابنه؟!

"عملتى فيه ايه تانى؟ مش كفايه قوى لغاية كدا، إنا خلاص قررت أنه يرجع يعيش معايا أول ما يفوق هاخده و أمشي يا "منال"، و أنتِ هتفضلى لوحدك، دا اللى لازم يحصل، اللى زيك ميستهلشى غير كدا "
صدح صوته بكل تلك الكلمات و كأنه نهر لن ينضب أبدًا من كرهه و بغضه لها.

و طالعته بنظرة حانقة و كأنها لا تهتم بأى شىء تلفظ به، ثم هتفت فى النهاية بكل هدوء مريب:
اللى بتتكلم عنه دا مش لسه الطفل الصغير اللى عنده عشر سنين و تقدر تاخده منى بالعافية لمجرد أنه قال عايزك، طفل صغير مش عارف من عدوه من حبيبه ؟!
لا دا خلاص كبر يا "سامح"، تفتكر هيسيب أمه و يجى يعيش مع أبوه ؟!
يسبب أمه و يروح لمرات أبوه!
بطل تحلم و تعيش فى دور المثالية يا "سامح"، لا أنا و لا أنت يليق علينا الدور دا
بس عارف فى النهاية لو اختار هيختارنى أنا، أمه، فاهم يعنى ايه أمه ؟

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن