_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)

10.7K 446 105
                                    


بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
{قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ۝١ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ۝٢ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ۝٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ۝٤ }
صَدَقَ اللهُ العَظيمُ

______________________________________
٣١/١٢/٢٠٢٣
(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)

"بالأمس نقش أحدهم على جسدى، و اليوم أطلعنى أحدهم على نقوشه الخاصة، و بين كل نقش و الآخر...حياة سُلبت"

______________________________________

فتح الباب بعنف و هو يوشك أن يقذف بسُبة لعينة لنفسه على مشاعره الفاضحة و الأوهام التى تطارده فى صورة أحب الأشخاص لقلبه، و لكنها منحته ابتسامة اشتاق لها و جملة زعزعت كل ثباته المزعوم أمامها :
"وحشتنى عنيك، متغبش عنى تانى "
كررتها، نفس جملته السابقة حين كان بالمشفى و قابلها للمرة الثانية.
حينها لم يتمكن من الصمود و أدخلها عنوة للمنزل
مُحتجزًا إياها بين جسده و الباب المُغلق من خلفها، تعالت وتيرة أنفاس كل منهما و تعلقت أعينهم، و يبدو أخيرًا أنه ليس حلمًا بل واقع، هى حقًا بين ذراعيه.

بات صوت ضربات قلبه عنيفًا بشكل لا يمكن وصفه، و هى لم تكن بأفضل حال، و بين لحظات الصمت الطويلة و النظرات الخافتة من جانبها و الثاقبة من خاصته، صدح صوته فى النهاية بطريقة أشبه للهمس:
أنتِ هنا بجد؟! أنا مش بتخيل صح ؟!
حركت رأسها بتأكيد و قالت بنبرة رقيقة :
أنا هنا بجد
لكنه لم يصدق، ظن أن ما يحدث مجرد حلم آخر من أحلامه التى لا تنتهى، فقال و هو يحرك رأسه يمينًا و يسارًا:
مش مصدقك يا "رنا"، عقلى رافض يصدق
أجابته و هى تقف على أطراف أصابعها لتكون بمحاذاته قليلًا:
أعمل ايه عشان تصدقنى ؟ أقرصك مثلًا ؟!
لم يكن قريبًا منها بشكل كبير و لكن بعد كلماتها تلك ابتعد للخلف و هو يقول بسخرية :
لا خلاص كده أتأكدت أنك هنا فعلًا، أنتِ "رنا" اللى أعرفها

لاحظ حالتها أكثر ما أن ابتعد، ملابسها شبه مبللة بالكامل و أطراف أصابعها ترتجف بعض الشيء، لذلك قال سريعًا بقلق:
ثوانى هجبلك حاجه تلبسيها قبل ما تاخدى دور برد
التفت مُسرعًا باتجاه غرفته و لكنها أوقفته هاتفة باسمه بنبرة أطاحت به للمرة الثانية :
"غيث"
قابلها بنظراته مُنتظرًا أن تكمل حديثها، و لكنها صامته، فقط تطالعه فهتف هو متسائلًا بفضول :
فى ايه ؟!
ابتسمت بخجل و قالت و هى تخفض رأسها للأسفل تتحاشى الوقوع أسيرة لنظراته المعتادة :
مفيش، كنت عايزه أتأكد أنك قدامى فعلًا
تحرك قدمها بعشوائية و يدرك هو أنها تشعر بالخجل، أراد أن يستمتع بتلك اللحظة لأطول فترة ممكنه فاقترب منها أكثر و فى نفس اللحظة صدح صوت إحدى الدرجات النارية التى تمر فى نفس المنطقة :
واحشني و الله واحشني
و مين يقولك مين ؟
ده اليوم ف بعدك سنة
و ياعيني ع الصابرين
ما بتسألش ليه ؟ زعلان ولا ايه ؟
نتعاتب عاتبني
و ان كنت مخاصمني تعالي
تعالي و قولي تعالي
أصالحك بإيه ؟
كان السائق يستمع لتلك الأنشودة من خلال المذياع الخاص بدراجته، و دون أن تدرى وجدت البسمة تتراقص فوق ثغرها فقد فضحتها تلك الأنشودة فى أنسب وقت و ضاع هو أمام هذا المشهد متمتمًا بلوعة:
I burn for you
كست الحُمرة و جهها رغم أنها لم تستمع للجلمة كاملة و لكن طريقة لفظه بها أربكتها، و قال هو سريعًا بعدما انتبه لما تمتم به دون وعى :
آسف هجيب الهدوم حالًا
غادر سريعًا لغرفته يبحث بين خزانته عن ملابس تلائم حجمها، ظل لدقائق لا يملك أدنى فكرة عن أى قطعة قد تناسبها، فالفارق بينهما كبير و لكنه سحب ما طالته يده و خرج يناولها إياه.
أخذت تلك الملابس على استحياء و أشار لها بمكان المرحاض و قبل أن تدلف صدح صوت مذياع سيارة من الخارج هذه المرة و كانت الأنشودة تناسبه هو و كأنها تنم عما بداخله
"أول ماشفت عينيك حنيت
صوتك خطفني من الملكوت
و عرفت اني خلاص حبيت
و عرفت ان الحب له صوت"

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن