_٢٣_ (الإختطاف السعيد)

9.6K 455 181
                                    

٢٠/٠٦/٢٠٢٣
(الإختطاف السعيد)

"وكأن السير برفقتك دواء لكل داء أصبت به "
_غيث الحديدى

______________________________________

"وتمضى الأيام بين حُلوها ومُرها ويبقي فقط الأثر من احتضن ظلامنا وأضاء النور فى بداية النفق ولم ينتظر لنهايته"

فى صَبيحة يوم الجمعة
كانت "ديما" فى المنزل تساعد والدتها فى إعداد الإفطار فاليوم عطلة ،بينما كانت "وعد" فى المنزل المجاور تذاكر برفقة صديقتها إلى أن يتم انتهاء عمل الطعام ،فقدت مضت الأيام سريعًا و بدأ موسم الامتحانات ،اجتازا أربعة بصعوبة و تبقي مثلهم .

بينما كانت "الست منى "بالخارج تقابل شقيق زوجها الراحل و الذى أصر بشدة على تلك المقابلة رغم رفضها فى البداية و تحججها بالعديد من الأشياء ،لكنها رضخت فى النهاية حين قال تلك الجملة التى بدت لها غريبة و مخيفة
"لازم أشوفك برا البيت ،الموضوع يخص رنا "

وصلت"منى" بعد فترة لذلك المطعم الذى أرسل لها عنوانه فى رسالة نصية قصيرة ،و ما أن دلفت وجدته يقف سريعًا و يحرك المقعد لها كى تجلس ،ابتسمت بإقتضاب و قالت بعد أن أراحت ظهرها على مقعدها :
خير يا ابراهيم ؟ ايه الموضوع اللى ليه علاقه برنا ؟
تنهد "إبراهيم"تنهيدة عميقة ،فبمجرد أن رآها شعر بتوقف نبضات قلبه ،كم اشتاق لها لكنها لم و لن تبالى ،لذلك هتف بود :
مش هتشربى حاجة الأول ،أطلبلك عصير المانجا اللى أنتِ بتحبيه
حدجته"منى"بنظرة حارقة و قالت بحدة :
مش عايزه أشرب حاجة و لو سمحت أدخل فى الموضوع علطول ،أنا مش عايزه أتأخر على بنتى و أضيع يوم اجازتى
تلقى حدتها تلك بنفس راضية و قال مبتسمًا :
هطلبلك برده
طلب المشروبات ثم قال بعد أن رحل العامل المسؤل عن تسجيل الطلبات:
الحاج راشد تعب امبارح و اتنقل المستشفي
ردت عليه دون تأثر فهذا الأمر آخر ما تهتم به حاليًا:
ربنا يشفيه يا ابراهيم ،بس مش دا اللى جايه عشان اسمعه
أخذ"إبراهيم" نفسًا عميقا ثم بدأ فى سرد ما يعرفه :
بابا كتب فى وصيته نص أملاكه باسم رنا يا منى
بس المصيبة اللى ورا الفلوس ،كتب فى وصيته كل حاجة حصلت و الصور اللى اتبعت لحسام قبل ما يموت موجودة كمان
اتسعت حدقيتها بذهول ،لا تصدق مدى شر ذلك الرجل ،فكلما زاد عمره زادت حقارته و وضاعته ،وجدت نفسها تقول بغير تصديق و استنكار و هى تغطى وجهها بكفي يديها :
لا مستحيل يعمل كدا ،هو وعدنى
حزن "إبراهيم "بشدة لرؤية ملامحها الحزينة تلك و لكن لا يمكنه سوى قول الحقيقة فأكمل حديثه مسترسلًا بألم :
هو اللى قالى كدا يا منى ،قبل ما يتحجز فى المستشفي ،حالته بتسوء كل دقيقة و خلاص الدكاتره بيقولوا مجرد وقت مش أكتر
بس متخفيش أنا مس هسمح بدا ،لا يمكن أعرض بنت أخويا للصدمة دى ،كفايه كل اللى مرت بيه
أغرورقت عيناها بالدموع و هى تقول بأسى و ذعر:
أنت عارف أنى بريئه يا ابراهيم و مليش ذنب فى موت حسام ،أنت أكتر واحد عارف بحبه قد ايه
رغم جملتها الآخيرة و التى أصابت فؤاده مباشرة بسهم قاتل ،لكنه حاول التماسك كى ينهى تلك المقابلة و قال :
عارف يا منى ،عارف
بس متقلقيش أنا هتكلم مع المحامى و هحاول أقنع الحاج أنه يرجع عن اللى فى دماغه ،حتى لو اضطريت أحرق الوصية دى كلها ،بس الميراث مفيش تغيير فيه ،رنا بنت أخويا حقها النص و محدش هيقدر يمنع دا
ابتسمت "منى" فى بداية حديثه و اطمأنت لبعض الثوانى المعدودة و لكن ما أن أنهى حديثه حتى صاحت هى بحنق و غضب من تلك العائلة :
مش عايزين منكم حاجه ،سبونا بس نعيش حياتنا من غير وجودكم يا ابراهيم ،فلوسكم دى عمرها ما كانت جنه ،بالعكس دى نار حرقتنا زمان ،بس أنا مش هسمح بدا تانى ،ابعدوا عنا
رد عليها سريعًا متسائلًا بلوعة :
حتى أنا يا منى ؟
ردت عليه سريعًا بينما كانت تهم بالنهوض و تحمل حقيبتها :
أنت على عينا و رأسنا يا إبراهيم ،أى حد من عائلتك لا ،أنا اسفه بس أنت عارف مجلناش من وراكم غير المصايب و واحدة ورا التانية
أومأ برأسه متفهمًا و قال بإقتضاب :
تمام يا منى
رمقته بنظرة خاطفة ثم نهضت و اتجهت لخارج هذا المطعم ،لحق هو به بعد أن دفع بعض القطع النقدية ،لكنها كادت تتعثر بأحد الموظفين فأسرع "إبراهيم" يحيط بها و يمسك كف يدها و يقول بذعر و خوف :
حاسبى
تنفست الصعداء ما أن وجدت نفسها مازالت واقفة مستيقمة ،لم تسقط على الأرض ،لكن شعرت بيده تحكم قبضتها على خاصتها و عينيه تنظر لها بنظرة تعرف مخزاها الصريح ،فدفعهو حبظة و هى تصرخ :
أنت اتجننت يا إبراهيم ،فوق أنا مرات أخوك
هرولت "منى"سريعًا مبتعدة عنه ،بينما وقف هو يتابع أثرها و يصحح حديثها بألم :
أرملته يا منى

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن