البداية ( في إحدى المصحات النفسية)

46.1K 947 16
                                    

صدع صوت صرخاتٍ عالية من إحدى الغرف في المصحات النفسية، جاء على أثره كل من في المستشفى من أطباء وممرضين..
كانت تصرخ بصوتها المبحوح وتمسك بيدها قطعه حاده من الزجاج وتهدد بها كل من يقترب منها في زُعر وخوف، صرخت بهم:

- ابعدوا عني مش عايزه حد هنا!! اطلعوا برا

أقترب منها أحد الأطباء وقال:
- أهدي .. صدقيني محدش هيقرب منك بس أبعدي اللي إنتِ ماسكاه ده!

قالت بغضب عارم:
- مستحيل المره دي محدش هيقدر ينقذني .. خلاص كل حاجه انتهت

وفي تلك اللحظة جاء صوت من خلفهم يقول:
- هيهون عليكِ تسبيني وتمشي؟

تغيرت نظراتها فجأة ونظرت إتجاه مصدر الصوت لتجده أمامها، ابتسمت بفرحه وأمل وتركت قطعة الزجاج من يدها ثم ركضت نحوه بسرعه وارتمت في أحضانه وكأن شيئاً لم يكن! قالت:
- كويس إنك جيت .. خرجني من هنا خليني أمشي

- طبعًا

ثم نظر إلى أحد الأطباء فجاء بسرعه وحقنها بحقنة مهدأ فارتخت بين يديه ولكنها ظلت تنظر إليه بعيون غارقة بالدموع، حملها بين يديه ووضعها على سريرها ثم جلس بجوارها للحظات ولم تُزاح عيونها عنه حتى همست له قبل أن تغمض عيونها:

"عاصي"

                           ***
في مكانٍ آخر، تململت في سريرها بملل وفتحت مقلتيها بعد محاولات كثيرة لتغط في النوم ولكن بدون فائدة، زفرت بضيق و نهضت من مكانها وجلست على سريرها للحظات ثم اتجهت إلى مرآتها ونظرت إلى انعكاسها لوهله وتأملت ملامحها، عيونها الواسعة ذو اللون العسلي المائل للون الزيتون الأخضر والرموش الكثيفة وبشرتها الصافية مع هذا الأنف الحاد الصغير وشفتيها الرقيقة والمميزة جدًّا للونها الوردي الطبيعي، كان وجهها ليس بالممتلئ أو الرفيع كان رقيق كما يحوي به من ملامح ذات جمال هادئ، أطالت النظر إلى نفسها حتى قالت:
- لازم أنفذ كل حاجه النهاردة!

ومع تلك الجملة ظهر إصرار كبير في نظراتها، حينذاك خرجت من غرفتها بهدوء واتجهت إلى غرفة شقيقتها وفتحتها بهدوء ثم اقتربت منها وهي نائمة، ظلت تطالعها بنظرات خاوية حتى أخرجت عود كبريت من جيبها واشعلته!! تململت أختها في سريرها وفتحت عيونها لتجد هذا المشهد أمامها فانتفضت مكانها بخوف وقالت:
- رحيل إنتِ بتعملي إيه

فردت الأخرى بلسان متثاقل:
- يا ترى النار دي لو وقعت على الأرض .. إيه اللي هيحصل؟

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن