٩- قلبي كالفراشة..!!

2.5K 128 7
                                    


وقبل أن يتكلم الطبيب ظهر أحد عند باب الغرفة وصاح:
- رحيل!!

فالتفتت بغضب وعينين تخرج منهم النيران، لتنظر أمامها بصدمة كبيرة وقد ارتخت يدها عن السكين قليلاً لتسقط من يدها، وتقول:

- إنتِ!

وكانت الواقفة أمامها هي نفسها "نور"! تحركت "رحيل" بسرعه ثم وقالت أمامها قائلة بعينين يكسوهم الحقد والكره:

- إنتِ اللي عملتي كده فيا! إنتِ اللي عملتي كل ده !!

ثم ضربتها بقوة في صدرها وقد عادت الأخرى خطوتين إلى الوراء أثر تلك الضربة، ولكنها لم تهتم لتقول "نور" بصوتٍ مرتجف:

- ممكن نمشي من هنا الأول!

لم تعطي "رحيل" أهمية لكلامها وقالت بعينين مُتسعتين يكسوهم الحقد وبضربات مستمرة للأخرى:

- بس رغم كل محاولاتك دي فشلتي! وبنتي لسه عايشه وهرجعها!

طالعتها "نور" بذهول وصدمة قائلة:
- إنتِ عرفتي منين!!

وقبل أن ترد الأخرى أكملت كلامها بخوفٍ:
- يبقى هما كمان عرفوا!

قالت "رحيل" بغضب:
- هما مين! مين وعايزين مننا إيه

فقالت "نور" برجاء وهي تسحب "رحيل" إلى الخارج:

- بالله عليكِ خلينا نمشي وأنا هقولك كل حاجه
فصرخت بها الأخرى:

- مستحيل ابعدي ايدك دي عني!

فاتجهت "نور" مسرعة إلى الشرفة لترى مجموعة من الرجال يدلفون إلى المستشفى فانتفضت إلى "رحيل" قائلة:

- لازم نمشي دلوقتي

فقالت "رحيل" بنفس إصرارها:
- وأنا مش هتحرك من هنا غير لما أعرف بنتي فين!

فصرخت "نور" قائلة:
- بنتك معايا! أنا هاخدك ليها اوعدك والله بس خلينا نمشي

فتغيرت نظرات "رحيل" وظهر بعينيها شيء من الخوف، وقد خافت من تصديق هذا الأمل الكاذب الذي انبعث بداخلها، فقالت بصوتٍ وهن:

- إنتِ كدابة أكيد متعرفيش مكانها

فطالعتها "نور" بقلة حيلة ثم قالت:
- لو فضلنا هنا لحظة كمان هياخدوني وساعتها مش هتعرفي توصلي ليها أنا الوحيدة اللي أعرف مكانها

فقالت "رحيل" بتوجس:
- هما مين دول؟

ليدخل في تلك اللحظة إحدى الرجال عليهم، فنظرت إليه "نور" بتأفف قائلة:
- دول..

ثم اتجه إليها مُسرعًا وامسكها من ذراعها بعنف، وطالع "رحيل" بنظرة مرعبه حتى تشعر بالرهبة منه، ترقرقت الدموع في عيون "نور" رُغمًا عنها وهي تنظر إلى "رحيل" بلومٍ، ثم التفت الرجل وهو يسحب الأخرى خلفه عنوة، حتى صرخ بألم حين شعر بضربة قوية على رأسه! وسقط على الأرض فاقداً الوعي، نظرت "نور" إلى "رحيل" بعيونٍ مفزوعة لتجد الأخرى تحمل شيئاً يشبه العصى ولكنها حديدية ونزلت بها على رأس الآخر، نظرت إليها "رحيل" بحدة قائلة:

- لو طلعتي بتكدبي عليا وبنتي مش معاكِ، أنا اللي هسلمك ليهم بأيدي

فابتسمت "نور" وهي تقول:
- صدقيني مش هتندمي

ثم أمسكت يدها وتحركت بها خارج الغرفة، وبالخفاء استطاعوا من الوصول إلى موقف السيارات، نظرت "نور" حولها بتوجس وفكرت في طريقة للخروج وكذلك "رحيل" وأثناء تفكيرهم هذا قد رآهم أحد بقية الرجال، واتجه إليهم مُسرعًا ولكنه كان على مسافة واسعة عنهم، فتحرك الاثنان بخوفٍ بخطوات متخبطة، حتى وقفت إحدى السيارات أمامهم! وظهر منها "عامر" الذي قال:

-  اركبوا بسرعه!

فصاحت به "نور":
- مستحيل! أنت هتسلمنا ليهم

فصرخ بها الآخر بزجير:
- قولت اركبوا مفيش وقت!!

نظرت "نور" خلفها بقلق ثم حولت نظرها إلى "رحيل" وتحرك الإثنان واستقلوا سيارة "عامر" وانطلق هو بها، وبعد تحركه واختفاءه من الإرجاء، أخرج هذا الرجل الذي كان يركض نحوهم، هاتفه واتصل بـ "رشدي"، وعندما رد عليه قال:

- رشدي بيه البنت هربت

فقال "رشدي" بنبرة غاضبة:
- إزاي يعني هو مش عامر قال إنها في المستشفى! هربت إزاي

رد الرجل:
- والله ما أعرف فجأة في عربية ظهرت ركبوا فيها وجرت بيهم، ملحقتش أخد ارقام العربية حتى

قال الآخر بنفس النبرة:
- جرت بيهم؟؟ ليه هي مكانتش لوحدها

- لا كان معاها بنت تانية

فقال "رشدي" بغيظ:
- أنت بتستهبل! مين هيساعدها يعني

و صمت قليلاً ثم قال بهدوء غريب:
- ولا تكون ..!
قال الرجل:
- تكون إيه يا باشا؟
وكان جواب الآخر هو إنهاء المكالمة في وجهه! ثم جلس يفكر في طريقة لحل كل ما يحدث هذا..

                             ***
سعى إلى إنهاء عمله في أسرع وقت، ثم خرج من شركته فوراً واتجه إلى المديرية، حيث يوجد "عز الدين"، وعندما وصل دلف إلى مكتبه وجده يجلس مع "يوسف" ويتناقشون في إحدى القضايا، وقف "عز" ناظراً إلى "عاصي" بترحاب وانتظر من الآخر أن يبدأ بالحديث، فقال "عاصي" بعد فترة من الصمت:

- في معلومة عرفتها النهاردة لازم أقولك عليها

فقال "عز" قبل أن يُكمل الآخر حديثه:
- بنتك لسه عايشه..

فتغيرت نظرات "عاصي" وطالعه بنظره مبهمة، فاكمل "عز":
- عرفت الصبح

رد "عاصي" بنظرة شاخصة:
- عرفت منين؟

- من مكالمات رحيل اللي أنت بطلت تركز لها، مش عايز أتدخل بينكم، هي هتحكيلك كل حاجه بلاش تعرف مني التفاصيل، بس عايزك تعرف إن من ساعت الحادثة دي ما حصلت وأنا قالب الدنيا، حتى أنت ورحيل متراقبين من غير ما تحسوا

صمت "عاصي" لفترة حتى يستوعب تلك الكلمات التي سمعها، ثم قال:
- أنا مبقتش فاهم حاجه! إيه كل اللي أنا فيه ده مين عدوي مين اللي عايز يهدني وليه!!

قال "عز" بتنهيدة:
- فاضل وقت بسيط وأعرف الشخص ده، بس من هنا لوقتها لازم تتعامل بحذر في كل حاجه وكذلك رحيل، وخلي بالك من رحيل جداً علشان بتتصرف بطريقة مش مدروسة ممكن توديك في داهيه، هي فين دلوقتي ؟

رد "عاصي" بشرود:
- في البيت

- متأكد؟

قالها "عز" وهو ينظر إلى "عاصي" بتمعن فسرى الشك في أوصال الآخر ليقول:
- أنت مراقبها؟

- مراقبها وبأكدلك إنها دلوقتي مش في البيت

زفر "عاصي" بضيق وتسرب شيئاً من الغضب بداخله فقال بغيظٍ:
- تمام

قالها ثم خرج من المكان، وبعد خروجه بلحظات أتته رسالة من "عز الدين" بها تحركات "رحيل" في تلك اللحظة! فزاد هذا من غيظه ليتمتم بكلماتٍ غاضبة ثم استقل سيارته وتحرك بها، وكان يخطو على خطوات رحيل حسب موقعها المرسل إليه من "عز"

                            ***
وبعد عودتها إلى بيتها شعرت بشعورٍ غريب، وخصوصاً كلما تذكرت نظراته حين قال لها «لو خرجتي من الباب ده، ملكيش رجوع هنا تاني» لا تعرف من تزوجت وعقدت قرانها، هل تزوجت "فارس" المُحب لها، الذي قد اختارته كأب لأولادها قبل اختيارها له كزوج، أم تزوجت هذا الخائن المخادع الذي يشك بها كلما تنفست، شعرت بتعب شديد اجتاح جسدها، فذهبت لتنام قليلاً متجاهله سؤال "أمينة" المستمر حول عودتها..
دلف "فارس" إلى البيت التي تبقى فيه شقيقته ليجدها نائمة، فلم يرغب في ايقاظها، فجلس على الأريكة في غرفة المعيشة حتى استيقظت هي بعد مدة ليست طويلة، وعندما وجدته اتجهت إليه بحماس وقبل أن تتكلم قال:

- جهزي نفسك علشان خارجين

طالعته "آية" بذهول قائلة:
- ليه رايحين فين؟!

- لماما، لازم تتصالحوا النهاردة، كده كده أنا كلمتها أمبارح يعني أكيد فهمت الدنيا

ظهرت بعيونها رهبة قوية لتقول:
- طب ليه مش قولت نستني شوية

- داليا عرفت كل حاجه وفاهمه غلط، فاهمه إني بخونها ولازم توضحيلها الصورة كلها

قالها بهدوء فشهقت هي بتفاجئ قائلة:
- أنا مكنتش أعرف إن كل ده هيحصل! طب وعملت إيه 

قال "فارس":
- مصممة تطلق ورجعت بيت أهلها

فقالت الأخرى وهي تقف مكانها:
- أروح لها طيب افهمها الدنيا

قال الآخر:
- لا! أنا هاخدك دلوقتي وتروحي تصالحي ماما بعدين هاخدكم انتوا الاتنين وتروحوا لداليا، وبمجرد ما تفهم سوء التفاهم هعملها اللي هي عايزاه

وبالفعل أخد "آية" إلى بيت والدته وتمت المصالحة بصعوبة فيما بينهم، ثم أخبرهم بالوضع الذي حدث بينه وبين "داليا"، فخرجوا جميعاً متجهين الى بيت "داليا"، وفي الطريق اتصل هو بـ "أمينة" وشرح لها الوضع الذي حدث لأنه يعرف صمت الأخرى، فاستعدت لاستقبالهم ودقت باب غرفة ابنتها فلم ترد عليها، وفي تلك الأثناء رن جرس المنزل، فذهبت هي لاستقبالهم لأن "بدر" كان نائماً بهدوء بعد تناوله لعلاجه، دلف "فارس" ومعه والدته وشقيقته، ثم جلسوا في انتظار "داليا" حتى تخرج لهم، ولكن غياب الأخرى قد طال، فقالت "أمينة" بإحراج:

- معلش تلاقيها نايمة بس

ثم نهضت وحاولت أن تفتح بابها مرة أخرى ولكن بدون فائدة، شعر "فارس" ببعض القلق فنهضت معها ودق الباب بقوة ولكن نفس النتيجة، حتى استأذن "أمينة" في كسره للباب لتوافق الأخرى فوراً، فدفع الباب بقوة عدة مرات حتى انكسر ودلف الاثنان، ليروا ما لم يتوقعوه، وهو انهيار الاخرى على الأرض مع نزيف قوي قد لوث ملابسها..

                           ***

صرخت "نور" بـ "عامر" الذي يقود السيارة في طريق مجهول بالنسبة لها قائلة:

- قولتلك نزلنا هنا!

تجاهل كلماتها حتى أبتعد تماماً عن المستشفى ثم توقف بالسيارة في مكانٍ هادئ، وأغلق أبواب السيارة جيداً ثم التفت لينظر إلى "نور" و "رحيل" التي تجلس بهدوء بجوارها، فقال لـ "نور":

- هو إنتِ ممكن تهدي وتفهمي

فصرخت به:
- لا!! أنت كداب وهتسلمني لابوك في الأخر علشان يقتلني، هو اللي بعتك أما عرف إن البنت لسه عايشه صح!

فنظرت إليها "رحيل" بحده وعينين واسعتين، قائلة:
- يعني إيه مش فاهمه ؟!

وقال "عامر":
- أنا في صفك مش هأذيكي، حاولي استوعبي ده بسرعه قبل ما تلاقي نفسك واقعه بجد، النهاردة لحقتك بكره ممكن ملحقش، لو كنت عايز اسلمك ليه كنت سلمتك في اللحظة اللي أنا لقيتك فيها، لكن أنا معملتش كده وكذبت عليه لحد ما شك فيا أنا، أنا اللي عرفته مكان المستشفى فعلاً بس علشان كنت ضامن إني هلحقك قبل ما يوصلك

فصرخت به "نور":
- وأنت بتعمل كل ده ليه، بتعصي أوامر أبوك ليه! قررت تساعدني ليه

فقال الآخر بهدوء:
- علشان حاسس إنك صادقة، وأبويا هو اللي بيكذب

فتغيرت نظراتها قليلاً، وقالت بتهكم:
- رشدي عبد المجيد بيكذب وأنا اللي صادقة، والله؟

وعندما قالت اسمه شعرت "رحيل" بشعورٍ غريب و كأنها قد سمعت هذا الاسم قبل ذلك، حاولت أن تتذكر أين سمعت هذا الاسم قبل تلك المرة ولكنها فشلت، فنظرت إلى  "نور" قائلة بغضب:

- أنا ميهمنيش كل اللي بتتكلمي فيه ده، أنا عايزه اروح لبنتي!

فقالت "نور" بهدوء:
- لا يهمك، لأن رشدي هو السبب في كل اللي حصل وبيحصل ولسه هيحصل

قالت "رحيل" بنفس النبرة:
- كل اللي يهمني دلوقتي بنتي! هي فين

فنظرت "نور" إلى "عامر" بخوفٍ، وعندما لاحظ تلك النظرات فتح السيارة وترجل منها والتف إليها وانزلها هي أيضاً وتركوا "رحيل" بمفردها، تحرك بها قليلاً ثم وقف أمامها، وظل يطالعها للحظات ثم قال:

- حاولي تثقي فيا يا نور، والله ما هعمل حاجه تأذيكي

فقالت بعيونٍ ترقرقت بهم الدموع:
- إيه الفرق بينك وبين أبوك يعني، أكيد كل ده خطة منكم علشان تعرفوا البنت فين وتقتلوها هي كمان زي ما قتلتوا ابويا وأبو عاصي، عاصي اللي بيكره أبوه لحد دلوقتي وفاكر إنه واحد ندل ومدمن ميعرفش كل اللي عمله علشان يبعده عن شر رشدي، بس معرفش يبعدني أنا، أنا اللي وقعت في غدره كل السنين دي

ظل يطالعها بعيونٍ قلقه، ثم أمسك يدها برفق قائلاً:
- حقك تقولي كده، لأن الدنيا امتحنتك كتير بس صدقيني ده مش امتحان، أعمل إيه يثبتلك إني مش هأذيكي بالعكس أنا عايز أساعدك والله عايز أساعدك

فقالت هي:
- طيب ووالدتك؟ مش هتجيب حقها

فصمت قليلاً ثم قال:
- أمي كان منهجها التسامح والحب، على الأقل أنا فهمت واستوعبت ده بدري وهعمل بيه، حتى لو أبويا قاسي مسيرة في يوم هيفهم إنها مش بتمشي كده

ظلت تطالعه بعينين دامعتين، نصفاً منها يريد الوثوق به، والنصف الآخر يود الفرار خوفاً، نظرت في ملامحه بتمعن، وإذ بهما شيئاً قد بعث بها السكون، فشدّدت قبضتها على يده قائلة:

- بلاش تأذيني، أنا بقيت بني ادمة هشة أوي بسبب كل اللي شوفته أقل حاجه هتكسرني..

فابتسم لها وأومأ برأسه..

وعند "رحيل" قد اتصل بها "عاصي" لتنظر إلى الهاتف برعب، وقد عملت أنها اذا اغلقت الهاتف بعد هذا الاتصال سوف يبعثر الوسط حتى يصل إليها، فحاولت أن تهدأ ثم ردت عليه قائلة:

- الو

قال "عاصي" بهدوء:
- إنتِ فين؟

سعلت بتوتر ثم قالت:
- في البيت هكون فين يعني؟

صمت "عاصي"، الذي كان على بعد خطوات واسعة من السيارة التي تبقى فيها، وأردف:

- تمام أنا كنت بطمن عليكِ بس، أنا احتمال أتأخر شوية النهاردة

فشعرت هي ببعض الطمأنينة، ثم تحدثت معه قليلاً واقفلت الخط بعدها، وفور انتهائها عاد الإثنان إلى السيارة مجددًا، وصمتت "نور" قليلاً ثم قالت:

- عامر هيوصلنا للمكان دلوقتي أنا قولتله العنوان

فأومأت "رحيل" برأسها وشعرت بضربات قلبها التي تعلو أكثر فأكثر حتى كادت أن تكتم أذانها عن العالم الخارجي، وكان "عاصي" خلفهم بسيارته ولكنه حاول بقدر الإمكان عدم لفت انتباههم له، ومع اقتراب المسافة كان قلبها يدق بقوة أكبر، حتى وصلوا إلى إحدى البنايات القديمة، كانت مجرد بناية بالنسبة لهم، ولكن لم تكن كذلك بالنسبة لـ "عاصي" الذي نظر إلى المكان بصدمة وانفاسٍ محبوسة، إنها نفس شقة أبيه القديمة! شعر بأنفاسه المتخبطة وقلبه الذي ينبض بجنون، ثم انتبه قليلاً عندما وجد "رحيل" قد ترجلت من السيارة بتوتر وخطوات غير متزنة ومعها فتاة ورجل آخر ولكن كل تركيزه كان مع خاصته، دلفت "نور" إلى البيت ودقت على الباب، حتى فتحت لها امرأة كبيرة في السن ولكن ملامحها طيبة، وعندما وجدت "نور" أمامها أخدتها في أحضانها سريعاً قائلة:

- اخس عليكِ يا نور، كده تسيبيني كل ده لوحدي، وإيه التعاوير اللي في وشك دي إنتِ جرالك إيه!

فقالت "نور" بهدوء:
- أنا كويسة يا تيتا متقلقيش

وقبل أن تُكمل حديثها، قاطعهم صوت بكاء..
بكاء رضيعة صغيرة كالفراشة، ولكن الفراشة الحقيقة كانت في قلب "رحيل" الذي قد رفرف أثر سماعه هذا الصوت، إنه نفس البكاء الذي سمعته في غرفة العمليات، شهقت بقوة كادت تقتلع حلقها به و قالت بصوتٍ مبحوح وكأنها تشعر بالاختناق:

- بنتي!!

ثم ركضت بداخل البيت تبحث عيونها بجنون عن قطعة روحها المفقودة، ودلف خلفها "عامر" و"نور" ثم أغلقوا الباب عليهم، تركوها تبحث عنها حتى انتبهت أذنها أن الصوت يأتي من الغرفة المجاورة لها، فتحركت برجلين ثقيلتين وكأن الأثقال قد تعلقت بهما، وفتحت الباب بهدوء ثم نظرت إلى السرير الذي ينتصف الغرفة لترى رضيعتها الصغيرة، لترى قطعة من قلبها، وروحها إذا تشكلت في شيءٍ صغيرٍ كهذا، اقتربت منها ونظرت في وجهها ولأول مرة، وكانت الصغيرة تبكي بصوتٍ عالٍ، عالٍ لدرجة أنه قد وصل صوتها هذا لـ "عاصي" الذي كان يقف أمام باب المنزل!

توقعاتكم ؟؟ آراءكم ؟؟
ايه اللي حصل مع داليا؟؟
ايه علاقة رحيل بـ رشدي؟؟
رأيكم في الأحداث لحد دلوقتي 👀♥️♥️

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن