- هنروح لدكتورة أمل علشان نتأكد في حمل ولا لا، مش هستنى تحاليل
وقتذاك هبَّت من مكانها قائلة بفزعٍ:
- نعم!!
رد الآخر بذهول من ردة فعلها:
- مالك في إيه ؟!
أسرعت هي بقولها:
- مفيش بس اشمعنا قررت دلوقتي، ما أنا قولتلك لسه مش متأكدة
تحرك نحوها "عاصي" بهدوءٍ، وظل ينظر إليها بشرود حتى قال:
- أنا عارف إنك مش حامل، لأنك مستحيل تكوني حامل في الفترة دي أساساً، أيا كان اللي بتعمليه من ورايا إيه هعرفه، بس أنتِ لازم تروحيلها، من بعد الحادثة دي مروحتيش لأي دكتور، على الأقل اطمن عليكِ
اخرستها كلماته، فنظرت إليه بصمت وأومأت برأسها، ثم تحركت وبدأت ثيابها واستعدت للذهاب معه، وكذلك استعد هو ونزل الإثنان متجهين إلى العيادة، وفي تلك الأثناء جاء لـ "عاصي" اتصال من الشركة، رد عليه لتقول الموظفة:
- استاذ عاصي بفكر حضرتك إن بكرة في كذا انترفيو بخصوص وظيفة السكرتارية ولازم حضرتك تكون موجود
رد عليها بعدم تركيز قائلاً:
- والـ HR فين؟ خليه يشوف الاكفأ ويوظفه
فقالت الموظفة بهدوء:
- بس حضرتك مانع الموضوع ده خصوصاً في وظيفة السكرتارية بعد اللي زميلنا رامي عمله، حضرتك قولت إن المتقدمين للوظيفة دي حضرتك بنفسك اللي هتعملهم انترفيو علشان تختار المخلص قبل المتمكن
وقتذاك تذكر "عاصي" كلماته تلك، فقال لها مُتذكرًا:
- أيوة نسيت، تمام هاجي الشركة بكرة بإذن الله
وبعدها أنهى المكالمة ونظر للجالسة بجواره بتوتر، ولكن برغم غضبه منها لم يهون عليه أن يتركها هكذا فأمسك يدها وابتسم لها فهدأت هي قليلاً وطالعته بابتسامة جميلة، وتحرك الإثنان إلى العيادة..
***
- أنا كنت دكتورة..
وقتذاك نظر إليها بتفاجئ وتشتت، من الكاذب إذا هي أم والده؟
ولكنه أختار أن يظل معها إلى نهاية الطريق، حتى يعرف من الصادق ومن الكاذب، فأحضر لها ورقة وقلم وكتبت له اسماء الأدوية والأدوات التي سوف تحتاجها في عملية الخياطة ودثرت يده جيداً بالقماش حتى توقف النزيف، وفي خلال عشر دقائق كان يجلس أمامها مجددًا بعد أن اشترى لها ما تحتاجه، تعاملت مع يده باحترافية غريبة! ليست مجرد متدربة بل طبيبة متمكنة في مهنتها، كان ينظر إليها بهدوء وحاول أن يدقق في ملامحها التي أخفتها الجروح، ولكن برغم كل تلك الجروح ما زالت محتفظة بجمالها الهادئ، وبعد فترة قصيرة انتهت، لتنظر إليه وهي تقول:
- أنا خلصت
فقال "عامر":
- إزاي دكتورة زيك يكون مصيرها كده!
فابتسمت هي بحزن قائلة:
- إني دكتورة هو اللي خلى مصيري كده
طالعها باضطرابٍ، غموضها هذا يدفعه نحوها أكثر، يشعر وكأنها تعبث بعقله، فقال:
- ارتاحي دلوقتي، بس أنا شايفك أحسن النهاردة حتى الجروح اللي في وشك هدت عن الأول
وقبل أن يهرب من مكانها أوقفته حين قالت:
- أنت مين؟ وساعدتني ليه
فقال الآخر بهدوء:
- أكيد مكنتش هسيبك مرميه في الشارع كده، أنا عامر
طالعته بشكٍ، وقالت:
- يعني وقت ما أكون عايزه أمشي، هتخليني أمشي ؟!
رد عليها بهدوء:
- لو عايزه تمشي من دلوقتي هوصلك للمكان اللي إنتِ عايزاه، بس الأحسن إنك تتصلي بحد من أهلك، إنتِ أخت عاصي القاضي بجد؟ ولا تشابه اسماء ؟؟
شعرت ببعض الطمأنينة من كلماته، ولكنها شعرت بغصة في قلبها لتقول بصوتٍ مرتجف:
- أنت تعرفه منين؟!
فقال "عامر" بهدوء:
- معرفهوش شخصياً، بس سمعت عنه كتير وأول ما قولتي اسمك جه في بالي علطول
حاولت أن تغير الموضوع فقالت:
- فين عيلتك؟ وافقوا إزاي أنهم يستضيفوا واحده زيي في بيتهم حتى لو علشان يساعدوها؟
رد عليها الآخر:
- أنا عايش لوحدي أهلي عايشين في السعودية
فانكمشت على نفسها رُغمًا عنها، وقتذاك قال مُتهكِّماً:
- مش هاجي جنبك أكيد يعني مش لازم تخافي كده، أنا بس محتاجك تثقي فيا وتقوليلي أساعدك إزاي ؟
فأكملت هي بنفس ارتجافها:
- مش عارفه المفروض أثق فيك واقولك الكلام ده ولا لا، بس هختار إني أثق فيك من قبل ما أعرفك، عاصي أخويا من بابا، بس هو ميعرفش حاجه عني من يوم ما اتولدت أساساً علشان كده مينفعش أروح له، من قبل ما نتجمع حتى أخدت منه حياة..
صمت "عامر" وحاول أن يوزن كلماته حتى لا يتلعثم لسانه أمامها، فقال:
- أنا مش فاهم حاجه، بس مين اللي عمل فيكم كده
أنت تقرأ
رحيل العاصي
Romanceقلبي يكسوه الغضب والعصيان إتجاه كل شيء، لتلك الضحكات العالية التي تصدر منكِ، وتلك الحركات العفوية التي تفعلينها فتخربي كل شيء، ولتلك النظرة اللامعة التي تظهر بعينيكي كلما نظرت اليكِ، ولكنكِ تمكنتي من نزع هذا العاصي الذي يسكن بداخلي لتحققي ما لم استط...