١٠- ليس ثقيلاً، إنه أخي!

2.6K 133 9
                                    

وفتحت الباب بهدوء ثم نظرت إلى السرير الذي ينتصف الغرفة لترى رضيعتها الصغيرة، لترى قطعة من قلبها، وروحها إذا تشكلت في شيءٍ صغيرٍ كهذا، اقتربت منها ونظرت في وجهها ولأول مرة، وكانت الصغيرة تبكي بصوتٍ عالٍ، عالٍ لدرجة أنه قد وصل صوتها هذا لـ "عاصي" الذي كان يقف أمام باب المنزل!
كانت تبكي وكأنها تلومها على غيابها عنها كل تلك الفترة، شهقت "رحيل" ببكاء ثم دثتها في حضنها أكثر، وعندما دثتها في أحضانها واستمعت الصغيرة إلى أصوات قلبها واستنشقت رائحتها هدأت تماماً، وشعرت بالسكون، ظلت تستنشق رائحة ابنتها باشتياق ودموع، حتى سمعوا صوت دق خفيف على الباب، شعر الجميع بالخوف وبالأخص "رحيل" التي تمسكت بابنتها بهلع، تقدم "عامر" وفتح الباب بحذر ليرى "عاصي" أمامه يطالعه بامتعاض، ثم زج الباب ودلف إلى البيت عنوة، و بحث عن "رحيل" حتى وجدها في إحدى الغرف فدلف إليها، ولكنه توقف مكانه عندما أصبحت تطالعه بخوفٍ وشددت قبضتها على الصغيرة وقد تشنجت كل عضلاتها، كان يطالعها بعيونٍ مُتفاجئة، ثم أقترب منها حتى وقف أمامها ليجدها تنظر إليه بعينين خائفتين، ويدين ترتجفان بفزع، وانفاسٍ مخطوفة مع شهيقها القوي، وجبينها المتعرق والاحمرار الذي قد ضرب وجنتيها، لم يتخيل يوم أن يراها بتلك الحالة، أين رحيل!
مدَّ يده وأمسك يدها، ثم عانقها هي والصغيرة بصمت ليستقر الإثنان في أحضانه، ثم ربَّت على رأسها، لم يتحدث في أي شيء، فقط يربّت عليها، وقتذاك انتظمت أنفاسها، وهدأت يديها من الارتجاف، وشعرت بهدوء قد اجتاح روحها، وعندما شعر بسكونها ابتعد عنها قليلاً، فقالت هي بخوف:

- هتزعق صح؟! بالله عليك ما تكسر فرحتي ببنتي

صمت الآخر للحظات ثم ترقرقت الدموع بعينيه رُغمًا عنه وهو يقول:
- وبنتي أنا كمان..

ثم مدَّ يده برفقٍ وحمل الصغيرة بين يديه، ظل ينظر لها برهبة، ثم دقق بملامحها ليرى كم هي جميلة، ولاحظ أنها قد ورثت الكثير من ملامحه ولكنها عندما فتحت عيونها بنعاس وتلاقت عينيه بعينيها ضحكت الرضيعة بمشاكسة، فضحكت "رحيل" هي الأخرى ليقول "عاصي" بعينين دامعتين:

- أخدت عيوني وضحكتك

اردفت "رحيل" ببكاء وصوتٍ مبحوح:
- دي بنتي بجد صح، يعني أنا لقيت بنتي مش كده هي بين أيدينا أنا مش بحلم، اضربني بالقلم كده

فقال "عاصي":
- أنا هضربك بالقلم فعلاً بس مش دلوقتي، يتقفل علينا باب بس

ثم قبّل صغيرته في وجنتها ودثرها في أحضانه ومسح عينيه من أثار الدموع، وأمسك يد "رحيل" ثم خرج من الغرفة ليرى "نور" وبجانبها "عامر" وتلك العجوز وكان جميعهم ينظرون إليه بترقب، ولكن قبل أن يتكلم "عاصي" تقدمت إليه "نور" قائلة:

- ممكن أتكلم معاك لوحدنا، بعد أذنك

فطالعها بقسوة قائلاً:
- إنتِ السبب في كل ده، إنتِ اللي وصلتينا للنقطة دي

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن