أمسكت "ليلى" بيدها وقالت:
- مستحيل أنتِ كمان هتيجي معانا
قالت "رحيل" و"عاصي" في نفس الوقت:
- نعم؟!!- أيوة مالكم؟ يلا يا خالوا أنا جوعت بقى
نظر "عاصي" إلى الواقفة بجواره بطرف عينه قائلاً:
- هي متقدرش تيجي معانا عندها شغل كتير
فردت "رحيل" مُسرعة:
- بالظبط كده فعلاً عندي شغل كتيرقالت "ليلى" بتأفف طفولي:
- أنا مليش دعوة أنا عايزه رحيل معانا مش هتحرك من مكاني
زفر "عاصي" بقلة صبر ثم حمل ليلى بين ذراعيه وتحرك بها قائلاً:
- أنا مش فاضي للعب العيال ده يلا
ظلت "رحيل" واقفه مكانها بذهول مما حدث في تلك اللحظات وتسرب الحزن إلى قلبها بسبب منظر تلك الطفلة، وصل "عاصي" إلى سيارته فأنزل ليلى وصعدت إلى المقعد المجاور له وقد توقفت عن بكائها ولكنها لم تتحدث بأي كلمه، تنهد "عاصي" باختناق لأنه لم يود أن يتصرف هكذا وخصوصًا مع ليلى ولكن لم يكن أمامه حل آخر، صعد بجوارها وقبل أن يتحرك بسيارته تسمر مكانه حين قالت:
- أنا مش بحبك .. أنت زي ماما بالظبط
طالعها "عاصي" بعيون متسعه وقال:
- طيب ليه الكلام ده دلوقتي!
ترقرقت الدموع في عيونها مجددًا لتقول:
- مش عايزه أتكلم معاك أنا عايزه أروّح البيت مش عايزه أخرج ولا أروح في حته
رد عليها بذهول من موقفها هذا:
- كل ده عشان موافقتش رحيل تيجي معانا!! ده إنتِ لسه عرفاها النهاردة
نظرت له الصغيرة ذات الخمسة أعوام بعيون تكسوها الدموع وتفوهت ببضع الكلمات التي جعلته في حالة يرثى لها قائلة:
- رحيل لما حضنتني حسيت إن ماما هي اللي بتحضني، أنت ليه جيت شيلتني من حضنها كنت خليني شوية
طالعها "عاصي" بصدمه من كلماتها تلك، هل الصغيرة تفهم مدى عمق تلك الكلمات التي تفوهت بها، ولِما لا تعرف قيمتها فقد عاشت كل لحظاتها منذ أن جاءت إلى الحياة، لم تعلم ما هو شعور احتواء الأم، كانت تسمع أصدقائها في الروضة وهم يتحدثون عن أمهاتهم ولكنها كانت تجهل هذا الشعور برغم وجود جدتها في حياتها ولكنها لم تملأ هذا الفراغ، لم تشعر بهذا الدفء والسكون إلا عندما عانقتها "رحيل" بخوف، ظلت تنظر إلى "عاصي" بدموع ثم أبعدت بصرها عنه، أحسَّ الآخر وكأن قبضةً قوية قد أمسكت بقلبه أثر تلك النظرات، ثم ترجل من سيارته بدون أن يتحدث وعاد إلى الشركة ولاحظ أن "رحيل" كانت تتابعهم من نافذة مكتبه فصعد إليها، وعندما شاهدته يأتي باتجاهها وقالت:
أنت تقرأ
رحيل العاصي
Romansقلبي يكسوه الغضب والعصيان إتجاه كل شيء، لتلك الضحكات العالية التي تصدر منكِ، وتلك الحركات العفوية التي تفعلينها فتخربي كل شيء، ولتلك النظرة اللامعة التي تظهر بعينيكي كلما نظرت اليكِ، ولكنكِ تمكنتي من نزع هذا العاصي الذي يسكن بداخلي لتحققي ما لم استط...