١٦- يا ملاكي!

2.5K 96 13
                                    

ولوهلة لم يقدر على كبح كلماته، فقال تاركاً العنان للسانه:
- طبيعي تاخد صفه، مش أخته!
وكان رد الآخر صادماً بالنسبة لـ "عامر" حين قال:
- أخته ؟! وأنت عرفت منين
ضحك "عامر" باستخفاف، لا يصدق تفاجئه هذا، فقال:
- ده على أساس إنك متعرفش، كنت هصدقك لولا الجملة اللي قولتها في المستشفى والله
فتغيرت نظرات "رشدي" وأبعد يديه عن "عامر" وهو يقول:
- انت بتتكلم كده ليه؟ أنت مركز إنك بتكلم أبوك بالطريقة دي
فقال الآخر بنفس طريقته:
- مركز، بس بلاش تلومني على طريقتي وأنت مكنتش صريح معايا من البداية، أنت كذبت عليا وعملت كل ده مع نور بالذات علشان عارف إنها أخته، أنت كنت هتدمر حياتهم
فرد عليه ببرود:
- وحياتنا اللي ادمرت بسببهم ؟
- مين قالك أنهم السبب!! السبب مات خلاص هما مالهم بكل ده، نور ذنبها إيه يحصل فيها كل ده، ذنبها إيه علشان تعمل فيها كل ده ما هي بني ادمة، حتى لو ليك حق عندهم مش مبرر يخليك تفكر بس إن أخت تدمر حياة أخوها وتقتل مراته وأبنه، أنت إزاي كده!
قال جملته الأخيرة وسعل بألمٍ، وعلى غير المعتاد لم يتحرك "رشدي" من مكانه، حتى ليأتي ببعض المياه بل تركه يسعل هكذا، حتى نهض هو بنفسه وارتشف القليل ثم نظر إلى أبيه بفتور، وقد تجاهل "رشدي" ما حدث حين قال:
- ده الكلام اللي غسلوا بيه دماغك في المستشفى صح
فقال بصوتٍ مبحوح أثر السُعال:
- هما قالوا، لكن أنا عندي عقل بيفكر وبيشوف الصح من الغلط، وده غلط يا بابا
ابتسم "رشدي" ببرود ثم استند على السرير وهو ينهض قائلاً:
- مفاضلش غير العيال تيجي تحاسبني، بس مش مشكله مصيرك ترجع لعقلك وتشوف الأمور صح، البت دي شكلها لعبت في إعدادات دماغك كويس يا إما عرفت توقعك، ولو وقعت فعلاً هتبقى عبيط لأني حذرتك منها قبل كده
فتغيرت نظرات "عامر" نحوه قائلاً:
- وهو أنا علشان بدافع عن الحق يبقى حبيت البنت! علشان بقولك حرام اللي عملته فيها أبقى وقعت مش فاهمك
وقتذاك طالعه "رشدي" بامتعاض ثم قال وهو يخرج:
- لما تفوق لنفسك وتعرف أنت بتتكلم مع مين هبقى أرد عليك، يا خسارة تربيتي وتعبي فيك، لو أمك كانت عايشة كل ده وشافت عمايلك كانت اتكسفت منك
وترك الأخر وعقله يصور له الآلاف من السيناريوهات عن ماضية الحقيقي، ومدى قُربه من هذه العائلة..
حتى شعر بخطواتٍ متواطئة أمام غرفته، فنهض بهدوء بدون أن يصدر صوت، وخرج من الغرفة متجهاً نحو الغرفة التي تحوي مكتب أبيه، ولكنه توقف فجأة قبل أن يدلف حينما سمع كلمات "رشدي" التي قد أصبحت كالهمسات من كثرة انخفاضها:
- مين اللي وصل لشهادة الميلاد؟
رد الطرف الآخر ليزداد غضب "رشدي" قليلاً ليقول وهو يستمع للآخر:
- هو أنا مش قولت اخفوا الورقة دي!! إيه الصعب في كده، هو إيه اللي مش بالسهولة دي أومال أنا دافعلكم فلوس قد كده ليه؟! اعرفلي على الأقل مين أخدها، اعتقد من حقي أعرف مين تاني غيري يعرف إنه مش ابني
وبرغم معرفته لتلك الحقيقة من أفواه "عاصي" إلا أن سماعها من أفواه "رشدي" يختلف تماماً، بشكل أكثر قسوة وألم..
***
- أنتم تعرفوا بعض ؟!
وظل الإثنان ينظرون إلى بعضهم وقد ظهر في نظراتهم شيئاً من الخوف والقلق، وتلعثم لسان الإثنان فلم يتفوهوا بأي كلمة..
وقطع شرودهم هذا خروج "عاصي" من الغرفة، وعندما وجد هذا المشهد أمامه طالعهم بشيئاً من التعجب، حتى قال:
- في حاجه ولا إيه؟
نظروا إليهم بنطرة خاطفة، ثم تداركت "إيمان" الموقف سريعاً حين ضحكت بتهلُّل وهي تنظر إلى "شادي" قائلة:
- الدنيا صغيرة آه بس مش للدرجادي، مش مصدقة إني شوفتك بعد المدة دي والله عامل إيه!
أبتسم "شادي" بقلق وقال:
- بخير الحمدلله، إنتِ بتعملي إيه هنا؟
وقتذاك رد "عاصي" قائلاً:
- أنتم تعرفوا بعض؟
ردت عليه "مريم" بقليلاً من الغيظ، أو يصح القول إن عينيها كادت أن تتأكل من الغيظ:
- والله نفس السؤال اللي قولته من شوية ومحدش رد عليا!
فاتسعت ابتسامة "إيمان" بشكل مزيف ثم قالت:
- أنا وشادي قرايب، يبقى ابن بنت خالة ماما
فابتسمت "مريم" بغيظ أكبر قائلة:
- يا شيخة!! ده أنا اتخضيت من صدمتك فيه أول ما شوفتيه في إيه، ما وارد يعني تشوفي قرايبك في أي مكان
قالتها بدون تركيز حتى شعرت بوخزة ضعيفة من "شادي" في خصرها، فانتبهت حين قال بضحك:
- مريم بتهزر معاكي بس غير كده أنا كمان تفاجئت لما شوفتها
ثم نظر إلى "عاصي" وقال:
- طبعاً مش هوصيك عليها بقى علشان محدش يقول بقى ليها واسطة في المكان
ضحك "عاصي" بتهلُّل وقال:
- من غير ما تقول والله، غير كده إيمان شغالة معايا فترة كده لحد ما البيزنس بتاعها يرجعلها، وبعدين تخش معايا شريكة في مشروعي اللي جاي أنا وعدتها بإذن الله
فاتسعت ابتسامتها رُغمًا عنها وهي تستمع لتلك الكلمات، فقال "شادي" بأمل هو الآخر:
- بجد ينفع؟! طب إزاي
- دي بتاعتي بقى، المحامي بتاعي شاطر أنت عارف هو هيخلص الدنيا بإذن الله
فضحك "شادي" وهو يقول:
- طب ياريت بجد، شكراً والله أنا هنتعبك معانا
وقتذاك ضرب على ذراعه بخفة ويعلو وجهه ابتسامة لطيفة، ثم عاد إلى مكتبة مجدداً، نظرت "إيمان" إلى "مريم" بابتسامة بشوشة وقالت:
- اجيب لحضرتك حاجه تشربيها أي حاجه؟
فابتسمت "مريم" رُغمًا عنها بسبب لطافة الأخرى معها، فابتسمت وهي تقول:
- عايزه نسكافية، ممكن نحضروا سوا عادي واهو اتعرف عليكِ حبة إيه رأيك ؟
فأكملت بنفس الابتسامة:
- طبعاً ده يشرفني حضرتك اتفضلي!
وبادلتها "مريم" نفس الضحكة، ولا تنكر أنها قد شعرت بكثيراً من الراحة اتجاه تلك الفتاة، طريقتها اللطيفة، ووجهها البشوش، مع روحها الهادئة دفعها للحديث معها أكثر، فتلاشى ما تكوَّن بداخلها من غيظ وحلَّ مكانه الود، حتى وصلوا لنهاية لقائهم، فدلفت "مريم" إلى "عاصي" ومعها "شادي" لتتحدث معه بخصوص شيئاً ما، وظلت "إيمان" في مكتبها حتى شعرت بدخول أحدهم فنظرت اتجاه الباب، كانت تتوقع دخول "شادي" ولكن تلاشى توقعها عند دلوف رجلاً ما، جيد الهيئة مهندم إلى درجة كبيرة، نهضت من مكانها بترحاب قائلة بابتسامة:
- اتفضل أقدر أساعد حضرتك؟
ورُغمًا عنه أبتسم حين وجدها تبتسم هكذا، ثم قال وهو يتقدم نحوها:
- إنتِ لسه جديدة؟ اسمك إيه؟
- أيوة، اسمي إيمان
ردت عليه بهدوء فتابع هو:
- علشان كده، لا أنا مش جاي في شغل جاي زيارة عادي لعاصي احنا صحاب من زمان، هو فاضي دلوقتي ولا مشغول ؟
فقالت بأسف:
- للأسف عنده حد مهم دلوقتي، ممكن حضرتك ترتاح هنا تشرب أي حاجه لحد ما يخلص
لم ينكر أنه قد شعر ببعض الانجذاب نحو تلك الضحكة اللطيفة والردود المرتبة، فدفعه فضوله للجلوس معها، ولا ينكر أنها جميلة بالفعل، يكاد يجزم أنها من أرق الفتيات التي قد رآهم طيلة حياته، ثم أجرت مكالمة بسيطة وبعد دقائق أحضر له أحد العمال فنجان قهوة، وظل الصمت يسود المكان حتى قال:
- اشتغلتي في حته قبل كده؟
نظرت إليه ثم قالت بهدوء:
- أيوة، شركة الإيمان للديكورات
فقال بضحكة لطيفة:
- أيوة أسمع عنها، كانت صدفة لذيذة إنك تشتغلي في شركة اسمها على اسمك مش كده
ردت هي بنفس الابتسامة:
- لا ما هي مكنتش صدفة، دي كانت شركتي
اتسعت عينيه بذهول قائلاً:
- بجد! طب شاطرة والله أنا سمعت عنها كلام كويس
وقتذاك تلاشت ابتسامتها وقبل أن يُكمل كلامه، تذكر أنه لتلك اللحظة لم يخبرها باسمه فقال:
- أنا بشمهندس ياسين، اتشرفت بيكِ جداً يا آنسة إيمان
فابتسمت بهدوء، لوهلة أرادت أن تخبره أنها ليست آنسة وقد سبق لها وتزوجت، إلا أنها لم ترى داعي لأياً من تلك التفاصيل..
وفي المكتب عند "عاصي"..
نهض "شادي" معارضاً بعد سماعه لكلمات "مريم" وخصوصاً حين قالت:
- أنا مش فاهمه انت معترض ليه، بالعكس أنا كنت فكراك أول حد هيفرح بقراري ده، ولا إيه يا عاصي؟!
رد "عاصي" بملامح هادئة وصوتٍ متزن:
- والله أنا شايف إن مريم عندها حق، ووجودها في الشغل هيفرق جداً في شخصيتها، وهيساعدها كتير أنها تتحسن كفاية إنها تحس إن ليها حياة عملية
زاد جنون "شادي" ليقول:
- أنا مش معترض على شغلها بالعكس ده أنا اللي حطيت الفكرة في دماغها، بس مش هنا! تشوف أي مجال تاني غير ده، غير كده مش عايزها تتحط في زاوية إنها اشتغلت بالوسطة علشان أختك
فقال "عاصي" بذهول:
- واسطة إيه يا شادي ؟! الشركة دي بتاعت مريم زي ما هي بتاعتي، ده هي تفضل فيها وأنا اللي أمشي أنت بتقول إيه ؟!
سكت "شادي" بتوتر، وقد انتهت حلوله لإبعاد "مريم" عن تلك الشركة، ولم يبقى أمامه سوى أن يساندها ويوافق على قرارها، ويقبل قربها من "إيمان" زوجته الأخرى!!
قال "شادي":
- تمام اللي تحبيه
طالعه "عاصي" بعدم فهم ولوهلة لم يقدر على تفسير ما يدور في عقل الآخر، وخصوصاً عندما وجد أن كلماته الذي يقولها غير مقنعه بالمرة، وقد وعد نفسه أن يصل لعقل "شادي" ويعرف ما الذي قد سلبه تفكيره..
***
- أنا عرفت إنك أخت عاصي، بنت عمي محمد اللي محدش يعرف عنها حاجه..
فطالعتها الأخرى بخوفٍ وزاد انقباض قلبها فكاد يقتلها من كثرة القلق، ولكنها ردت على غير المتوقع حين قالت:
- حقك تعرفيه كل حاجه، بس مش من حقك تخليني في البيت، قوليله بس خليني أمشي من هنا قبلها، مش هقدر أواجه مبقاش عندي طاقة لحاجة، خليني أمشي..
نظرت إليها للحظة ثم ركضت نحو الباب حتى تفتحه ولكن قبل أن تصل إليه توقفت حين قالت "رحيل":
- وليه خمنتي إني هقوله علطول؟ لما أفهم منك الأول
فقالت الأخرى بنفاذ صبر:
- تفهمي إيه بالظبط؟ غير كده إنتِ عرفتي منين أساساً
فقالت الأخرى:
- من الصورة اللي متعلقة في صدرك، شوفتها يوم الحادثة لما كنتِ هتتصابي، واللي عايزه افهمه، مادام إنتِ عارفه إنه اخوكِ، ليه عملتي كل ده من الأول!
نظرت إليها "نور" بشرود، ورُغماً عنها غرقت في بحورٍ من التفكير، لتقول بغير وعي:
- كله بيلومني، كله شايفني وحشة، لكن محدش شاف أنا بحاول قد إيه علشان مبقاش وحشة فعلاً..
ثم نظرت إليها وقالت:
- طول عمري كنت منبوذة من ناحية أمي، مكنش ليا غير بابا وتيتا، حتى بابا كان دايماً بيخبيني عن الكل علشان مظهرش وابوظ الدنيا، بس قولت مش مشكله يكفي إنه معايا، لحد ما دخل في فترة انتكاسة قبل ما يموت وهو كمان سابني وماما ما صدقت سافرت ومشوفتهاش من وقتها، أنا حاولت أكون إنسانة كويسة، ركزت في دراستي عن أي حاجه، ولما قولت إني نجحت وحققت حلمي، الدنيا وقعتني على جدور رقبتي علشان افوق فجأة وأنا في السجن بسبب رشدي، وبقى رخصة خروجي بس إني ادمر حياة أخويا، ولو أنا معملتش كده كان حد غيري هيعمل كده برضو عادي
ثم بكت رُغمًا عنها وهي تقول:
- أنا مختارتش حاجه يا رحيل، أنا اتجبرت! نفسي تفهموا ده، حتى لما جاتلي الفرصة حاولت أصلح كل حاجه أهو، مع إني أكتر حد دفع التمن هنا على حاجه أنا مليش دخل بيها
ترقرقت الدموع بعيون "رحيل" وهي تقول :
- طب ليه مقولتيش الحقيقة من قبل كده، أول ما بابا اتوفى ليه مروحتيش لعاصي
فابتسمت بتهكُّم وهي تقول:
- ده على أساس إنك مش عارفه جوزك؟ ده مش بعيد كان يولع فيا وقتها
صمتت، قد هربت الكلمات عن لسانها، وتلاشى ما بداخلها من غضب، اردفت "نور" بصوتٍ مهتز:
- عارفه يا رحيل، أنا علطول كنت حوالين عاصي، كنت ببص عليه من بعيد، مريم الوحيدة اللي كانت مختفية بالنسبالي معرفش ليه، وعارفه حكايتكم من البداية كمان، مع إني كنت عارفه إنه مستحيل يقبلني، كان عندي أمل ولو بسيط إنه يحبني بس ويعترف بيا، صدقيني مكنتش عايزه الأمور توصل لكده
ووقتذاك تذكرت شيئاً ما لتقول:
- أنتِ مواليد كام؟
طالعتها بذهول بسبب سؤالها هذا، ولكنها ردت قائلة:
- ٢٠ سبتمبر ١٩٩٨، بس ليه؟
لتتسع عينيها بتفاجئ، ثم تحركت في المكان بتوتر وهي تردد:
- في حاجه غلط! إزاي
فقالت "نور" بتعجب:
- حاجه غلط إيه مش فاهمه!
وقطع حديثهم هذا صوت رنين هاتف "رحيل"، فاتجهت إليه وكانت تظنه "عاصي" حتى وجدت رقم "حنان"، فردت عليها قائلة:
- لقيت الحاجة يا ماما معلش نسيت أرد عليكِ
فابتسمت "حنان" وهي تقول:
- لا يا حبيبتي ولا يهمك أنا قولت اطمن عليكِ بس
ردت الاخرى:
- حاولي متطوليش في غيابك بقى وحشتيني
فقالت بصوتٍ مبتهج:
- هانت يا حبيبتي خلاص أيام وهرجع تاني، أشوف وشك على خير
ثم أنهت المكالمة وأغلقت الهاتف تماماً حتى تركز في دعائها أثناء جلوسها في الحرم المكي الشريف، دعت كثيراً، وكانت الحصة الأكبر من الدعاء لأبنائها، وعندما انتهت نظرت إلى صديقتها الجالسة بجوارها، فوجدتها تطالعها بذهول هي أيضاً، فقالت "حنان" بضحكة:
- مالك يا ثريا بصالي كده ليه؟
فقالت ثريا:
- ربي يسامحني إني سمعت دعائك لأولادك بغير قصد مني، بس لفت نظري اسم نور الهدى اللي قولتيه مع عاصي ومريم فاستغربت، شكلها غالية عليكِ بس أصلي أول مرة اسمع اسمها
لمعت عينين "حنان" بضيق عندما قالت تلك الكلمات، ولكنها ردت بابتسامة:
- نور الهدى ملاكي اللي هياخد بأيدي للجنة، تؤام مريم بس نزلت ميته، هي اللي نزلت الأول بعدين مريم، مكنوش شبه بعض، وقتياً وأنا في العملية قالوا ماتت علشان كانت ضعيفة، وطبيعي يحصل كده في حالات التؤام، الدكتور قالي كده وأنا رضيت بالله وصدقت، ولما صحيت كان محمد دفنها ملحقتش ابص في وش بنتي حتى، بس مريم هونت عليا الدنيا وما فيها، ورضيت بقضاء ربنا، وكل ما افتكر وقلبي يوجعني أصبر نفسي إنها هتاخدني على باب الجنة، بس لما أموت واشوفها هتبقى عروسة كبيرة وهاخدها في حضني
اتعست عينين "ثريا" وهي تستمع لكلماتها، ثم قالت بصوتٍ مختنق:
- أنا أول مرة أعرف الموضوع ده يا حنان! ازاي تخبي عني حاجه كده
فابتسمت حنان وهي تقول:
- محدش غيري أنا ومحمد يعرف الموضوع ده، ولا حتى مريم كانت تعرف إن ليها أخت ماتت، تعرفي، ساعات بيني وبين نفسي لما كنت بشوف سلمى صاحبة مريم بنتي وهي جنبها، بسرح وكنت أتخيل نور اللي جنبها، أنا حتى كنت مسمياها نور من قبل ما تتولد واتفقت أنا ومحمد على الاسم ده، يمكن اختارت اسمها قبل مريم، بس رب الخير لا يأتي إلا بالخير وأنا راضية يارب، بس غصب عني اوقات بقى
ربَّتت "ثريا" على كتفها برفق قائلة:
- ربنا يجمعك بيها في الجنة يا حبيبتي
فابتسمت الأخرى، وفتحت مصحفها وبدأت في تلاوة آيات من القرآن الكريم لتسكِّن الألم الموجود بصدرها..
وعند "رحيل"..
حاولت أن تهدأ وأن تنظم تفكيرها في تلك اللحظة، فنفضت فكرة تاريخ الميلاد هذا، وفكرت في طريقة لاقتراب "نور" من أخيها، أو على الأقل طريقة معينة تخبره بها عن حقيقتها، حتى فكرت بصوتٍ عالٍ:
- لو الأزمة اللي ما بين عاصي وباباه اتحلت، مش هيكون عنده مشكلة معاكِ، لأنه هيبقى رابطك بيه وكل ما يبصلك هيفتكره، يعني إحنا لازم نحل موضوع بابا الأول
قطعت "نور" كلماتها حين قالت:
- خلصتي؟ عاصي عرف حقيقة إن بابا اتغدر بيه من رشدي أساساً يعني بنسبة كبيرة معندهوش مشكله مع بابا، عاصي مشكلته هتبقى معايا أنا، أنا رمز خيانة بابا لمامته، حتى لو هو اتقبلني، مامته مستحيل تقبل تبص في وشي حتى، أنا ثمرة خيانة جوزها
فقالت "رحيل" بتأفف:
- يا ستي بلا ثمرة بلا شجرة، أنا دايماً عندي فكرة وحل لكل حاجه أهدي بس، وبلاش تبقي عاملة زي أخوكِ كده وتكسري مقاديفي
فصمتت وتركتها تفكر على راحتها، وقبل أن تمر بضع ثوانٍ صرخت "رحيل" قائلة:

- أنا جالي فكرة هتصلح كل حاجه!!

توقعاتكم ؟؟ آراءكم ؟؟👀

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن