٣٠- مساندة فارقة

12.6K 504 11
                                    

حينذاك بكى "منصور" للحظات ثم قال بصعوبة:

- وأنا رايح الجنينة لقيتها مرميه على الأرض وحواليها دم شكلها وقعت من شباك الاوضة بتاعتها، أنا طلبت الإسعاف يارب تكون عايشه

وبعد كلماته تلك تجمدوا جميعاً مكانهم، وكأن هناك قوى خفيه تمسك بأجسادهم فمنعتهم من الحركة..
وكان أول من تحرك منهم هو "عاصي"، وبعده "رحيل" التي شهقت بخوف و"حنان"ثم "سلمى" وظلت "مريم" مجمدة مكانها لا تقدر على الحراك، تحرك "عاصي" بجنون حتى وصل إلى الجنينة وبحث بعيونه عنها حتى رآها مكومه على وجهها على الأرض ورأسها ينزف دماً بغزارة، ولم يشعر بنفسه إلا وهو ينتشلها من على الارض ليظهر وجهها أمامه والذي كان غارقاً بالدماء، شهقت "رحيل" بفزعٍ ثم أمسكت رأس "ليلى" بسرعه وضغطت على الجرح، كانت "حنان" تبكي بفجعة و"عاصي" ينظر لها بعيون مجمدة، يشعر وكأن الحياة قد تجسدت في شكل كابوس مرعب لا يعرف كيف يهرب منه، لماذا تتلذذ بأن تجعله يذوق العذاب بشتى الطرق.. لماذا؟!
وبعد دقائق وصلت سيارة الإسعاف وأخذت "ليلى" وصعدوا جميعاً معها وبقيت "سلمى" في البيت من أجل "مريم"، وعندما وصلوا إلى المستشفى دخلت "ليلى" إلى العمليات فوراً..
جلس هو أمام الغرفة ووضع رأسه بين يديه ولأول مره يشعر بكل هذا العجز، حتى عندما كانت "مريم" في تلك الأزمة لم يشعر بكل هذا العجز، مشاعر كثيرة لا يمكن وصفها من الألم والقلق والخوف والندم..
جلست "رحيل" بجواره وأمسكت يديه وانزلتهم عن رأسه لتجد الدموع قد ترقرقت بعيونه ووجهه قد تلوث بدماء "ليلى" التي كانت على يديه، وقد أصاب عينيه الاحمرار، أخرجت منديل من حقيبتها ومسحت الدماء عن وجهه برفق وكذلك عن يده، نظر لها "عاصي" بعيون دامعة وقال:

- هي هتعيش صح

ابتسمت "رحيل" برفق وقالت:

- هتعيش، ليلى متقدرش تسيب خالها وتمشي

قال بلا وعي:
- كانت غرقانه في دمها وهي بين أيدي، أنا السبب لو كنت جنبها مكنش حصل كده أنا وعدت نفسي إني احميها من كل حاجه حتى من
نفسها..

أدمعت عيون "رحيل" فحركت يدها وربَّتت على كتفه وقالت:

- أنت ملكش ذنب في حاجه بلاش تعاقب نفسك ده قدر ونصيب وهي هتبقى زي الفل خليك قوي وأنا معاك صدقني هنعدي كل ده

ابتسم لها "عاصي" بحزن ثم نهض من مكانه واتجه إلى والدته وجعلها تهدأ قليلاً، وبعد ساعة ونصف خرجت لهم إحدى الطبيبات من غرفة العمليات واتجهت إليهم بوجه عابس، اتجهوا إليها وقال "عاصي" بقلق:

- ليلى كويسة؟!!

صمتت الطبيبة للحظات ثم قالت:

- للأسف الوقعة كانت قوية جدًّا لبنت في عمرها، فيه كسر في أيديها ورجلها وبسبب الخبطة حصلها نزيف داخلي في المخ، إحنا الحمدلله عرفنا نسيطر على الوضع بس احتمال كبير يحصل مضاعفات وطبعاً مش هنقدر نعرف هي إيه غير لما تفوق للأسف لو فاقت..

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن