١٤- قلبي المرتجف!

3.1K 112 6
                                    

قبل بداية الفصل، محتاجة رأيكم في حاجه مهمة جداً بما إننا داخلين على رمضان كل سنه وأنتم بخير وصحة يارب، حابين الرواية تتوقف خلال شهر رمضان ونكمل بعد رمضان بأذن الله؟ لأن في رمضان لازم نكون متفرغين لعبادة ربنا بالأخص وأنا مش حابه روايتي تكون سبب في إنها تلهيكم عن أي حاجه، لكن رأيكم يهمني أكيد ياريت كل اللي متابع الرواية يعرفني في الكومنتس، قراءة ممتعة❤️

فقال ضاحكاً:
- كل ده علشان ساعدتك قبل كده!

فقالت هي:
- لا علشان أنت إنسان كويس، ومستحيل أقبل إنك تتأذي كده أو تدخل في طريق مفيش منه رجوع وأنت ملكش ذنب

فاتسعت ابتسامته ولكنها تلاشت عندما انتبه لـ "عاصي" الذي كان يقف خلفهم منذ فترة واستمع إلى حديثهم !! فالتفتت إليه "نور" بفزعٍ وانتظرت حتى يتكلم فقال:

- ليه أنت ساعدتها في إيه قبل كده؟

فتنهدت "نور" براحه، قائلة:
- عامر ساعدني لما كنت هربانة من رشدي وخباني بعيد عنه، كان ممكن يسلمني ليه بس هو معملش كده، علشان كده واجب عليا إني اساعده في أزمته دي

فنظر إليه طويلاً، وتذكر ما حدث مع "عز الدين" في غرفته قبل قليل، وكان كالآتي ..

دلف "عاصي" إلى غرفته قائلاً:
- وصلت لحاجه؟

فابتسم الآخر وهو يقول:
- الناس تدخل تقول سلام عليكم مساء الخير أي حاجه

فجلس "عاصي" أمامه بوجهٍ عابس، وأردف:
- عز أنا مش فايقلك، وصلت لحاجه؟

فأكمل "عز" بابتسامة:
- لحاجات مش حابه بس، كان عندك حق

فانتبهت جميع حواسه واتسعت عينيه وهو يقول:
- مش ابنه؟!

- وكان سبب في موت أهله هو كمان

قالها "عز" وصمت بعدها، وكأن الكلمات قد أبت الخروج من شفتيه، وعندما طال صمته، قال "عاصي":

- كمل، عمل إيه فيهم

ظهرت نظراتٍ من الحيرة بعيون "عز" وهو يقول:
- الباقي وماتوا إزاي مرتبط بماضي رشدي القذر، كان هربان عندهم من ناس عايزين منه فلوس، ده في بداية طريقة قبل ما يوصل ويكون في المستوى ده، لحد ما الناس دي اتهجموا عليهم ووسط اشتباكهم اتقتل الاتنين وهما ملهمش ذنب، وهو هرب، وبعد ما عرف إن قرايب الولد رفضوا يتكفلوا بيه وأنه اتحط في ملجأ اتبناه لأنه مبيخلفش وصعب عليه في نفس الوقت، مش غريبة إنه معندهوش عيال غيره أساساً، وقال بكره يستفاد منه بالطريقة وأهو صدق فعلاً، خرج هو ودخل التاني

وقتذاك اتسعت عينيه برهبةٍ، ولوهلة رفض عقله تصديق ما قاله، فأردف:

- أنت متأكد من الكلام ده! عايز دليل

فظل يطالعه بثبات، ثم فتح أحد الادراج المجاورة له وأخرج ورقةٍ ما، ثم مدَّ يده إليه، فأمسكها الآخر ودقق بها كثيراً حتى اكتشف أنها صحيحة تماماً وعائدة إلى "عامر"، فقال "عاصي":

- هي صح ومفيهاش حاجه، بس عايز تقنعني إنه مش مطلع ليه شهادة تانية وبطاقة كمان باسمه، هو مش هيغلب أكيد

فقال "عز" بهدوء:
- وأنا أقدر اثبتلك إن الشهادة اللي في إيدك دي مظبوطة عن أي شهادة هو ضاربها، ودي اللي معتمدة في السجل، بس كون إني أوصلها كان صعب جداً شبه مستحيل، ده معناه إن رشدي كان عامل حساب يوم زي ده من زمان

فصمت "عاصي"، ونظر إلى "عز الدين" وقد فهم الآخر المغزى من تلك النظرات، فقال:

- هو كده كده في صفنا، بس أنت بتفكر في إيه؟ اوعى تكون بتفكر تقوله!

فقال "عاصي" بهدوءٍ مريب:
- لا أنا مش بفكر، أنا هقوله فعلاً، مقدرش أضيع الفرصة دي من أيدي، عارف إنه هيتصدم أكيد ده أبوه، بس هيشكرني بعد كده إني فوقته

فقال "عز" باستنكار:
- هتقوله أهله ماتوا إزاي ؟!!

فأسرع  "عاصي" قائلاً:
- أكيد لا! هقوله حادثة أو أي حاجه متقلقش، بس أنت عرفت إن رشدي مش بيخلف منين؟

فقال "عز" بهدوء:
- أنت مستقل بيا ليه؟ عرفت وخلاص بقى، بس أنا عايزك تركز على مشكلتك الأساسية دلوقتي، رشدي اللي عايز ينتقم منك على حاجه أنت ملكش ذنب فيها أصلاً، أنت أدرى واحد بأبوك هل ممكن يقتل أو يكون سبب في موت حد فعلاً؟

فكر "عاصي" للحظات ثم قال بشرود:
- هو مكنش بني آدم وحش للدرجادي، بس الإدمان ممكن يخلي الإنسان يعمل أي حاجه، مش بيخلي الواحد في وعيه أساساً، مش هعرف أقولك رد أكيد

قال "عز":
- طيب بلاش تقول لعامر دلوقتي، ممكن ميتقبلش الحقيقة

- سيبها على ربنا

قالها وهو يتحرك من مكانه، فـ زفر الآخر بضيق، وقد علم أن طالما استقر شيئاً ما في عقل "عاصي" من المستحيل انتزاعه منه، فتركه يتحرك كما تهوى به نفسه..

عند "عاصي"..
قد لاحظت "نور" شروده هذا فلوحت بيدها أمام عينيه لينتبه لها، قائلة:

- هنمشي ولا؟

فأومأ برأسه ثم ودعت "عامر" وخرج الإثنان وعادوا إلى البيت، ودلفت هي إلى غرفتها فور عودتها، وتركت "عاصي" مع "رحيل" بمفردهم، ليقول لها ما حدث، وقد عارضت هي فكرة أخباره لـ "عامر"، ولكن كعادته قد سدَّ أذنيه عن كل الكلام، ولم يسمع إلا صوت نفسه، حتى تحرك في المساء بعلم "عز الدين"، ودلف إلى زنزانة "عامر"، ليستيقظ من نومه بتعب، وظل لحظاتٍ حتى استوعب أن من يقف أمامه هو "عاصي"، فنهض من مكانه بتثاقل، ووقف أمامه، طالعه "عاصي" بعينين مُتسعتين يكسوهم الشفقة، ثم قال:

- إزاي قدر يعمل كده فيك، إزاي هونت عليه، وأنت ليه تعمل في نفسك كده

فقال "عامر" بصوتٍ مبحوح:
- علشان أبويا

فألقى "عاصي" كلماته مثل الأحجار على قلب الآخر:
- بس أنت مش ابنه..

نظر إليه الآخر للحظاتٍ ثم قال:
- أنت جاي ليه؟

فقال "عاصي":
- علشان أقولك إنك ضحيت للشخص الغلط، الشخص اللي كان سبب في موت أهلك أنت كمان، ولما اتحطيت في ملجأ صعبت عليه علشان كده اتبناك واعتبرك ابنه، أبوك الحقيقي اسمه وائل منصور، ووالدتك اسمها سحر عماد، ولو مش مصدقني أمسك

ثم مدَّ يده إليه بوثيقة، نظر إليه بعيونٍ مُتسعة، وخاف من أخذها فقال بتوتر:
- أنت كداب

ظل ممدداً بيده الحاملة للوثيقة، فمدَّ يده إليه بعد ثواني وأخذها ليرى أنها شهادة ميلاده، وظل يدقق بها يتمنى أن يرى خطأ ما، ولكن لا يوجد، الشهادة صحيحة تماماً، فترقرقت الدموع في عينيه، وبعد ألم اليومين الماضيين، لم يبقى لديه أي طاقة يبزلها، فاستسلم إلى ضعفه ووهنه ليسقط على الأرض فاقداً إحساسه بالدنيا..

                            ***
وبسبب حالتها الصحية وصعوبة الحمل عليها، لم تعود إلى بيتها فور خروجها من المستشفى، بل عادت الى بيت أبيها فوراً، وظل "فارس" بجوارها وسط دعاء "أمينة" لهم أن يبعد الله عنهم كل شر، ولكن ما لا تعلمه أن هذا الشر كان متجسد في هيئة بشرية، وخصوصاً تلك الحية التي استشاطت عندما وجدت أخيها سعيداً في حياته، برغم تعاستها هي، فظلت هي أيضاً بجوارهم، ولكنها كانت تخطط لكل ما ستفعله في الفترة القادمة، حتى بدأت لُعبتها..
ومنذ رؤيته في المستشفى أصبحت تشرد كثيراً، ليس حباً فيه بل تفكيراً في خطط الدنيا التي تفاجئهم باستمرار، وعندما لاحظت "آية" شرودها هذا اقتربت منها قائلة بمكر:

- اللي واخد عقلك

فنظرت إليها "داليا" بتوجس قائلة:
- ما تحاسبي في كلامك في إيه!

فقالت الأخرى بضحك:
- في إيه مش مستاهله كل ده، مين غير فارس هياخد عقلك يعني إنتِ فهمتي إيه؟

وبسبب ظهور التوتر على محياها حاولت أن تهدأ قليلاً، فتابعت "آية":

- ولا كنتِ بتفكري في اللي اسمه حازم ده، بس أنا مش جاي معايا كلامك يا داليا ما تحكيلي بجد في إيه، إنتِ من ساعة ما خرجتي وأنتِ مش على بعضك

فقالت هي بهدوء:
- يا بنتي والله ما في حاجه، زي ما فارس قالك كان زميلي في الكلية بس، واقفلي السيرة دي بالله عليكِ علشان لو فارس بس سمع اسمه بالغلط بيعمل مشاكل

فصمتت لوهلة، ثم قالت بخبثٍ:
- غريبة يعني، مع إنه مقالش كده
وقتذاك نظرت إليها برهبةٍ قائلة بعيونٍ قد اتسعت من الخوف:

- ليه هو قال إيه ؟! وقال لمين أصلاً

فتابعت "آية" بهدوء:
- أهدي بس قالي أنا الكلام ده، في المستشفى لما خرجت من الاوضة علشان أروح الحمام وقفني وسألني عليكِ كان قلقان عليكِ أوي، وكان خايف يتكلم بالقلق ده قدام فارس علشان عارف غيرته عليكِ، بعدين قال يخربيت الظروف اللي منعاه عنك، أنا مفهمتش الكلمة دي وقتها بصراحه

فاتسعت حدقتيها أكثر لتقول:
- إنتِ أكيد بتهزري مستحيل، عيب عليكِ والله

فأسرعت "آية" قائلة:
- أنا مالي يعني أنا بحكيلك اللي حصل صدقي أو متصدقيش خلاص يا ستي أنا غلطانه

ثم لبست رداء الحزن ونهضت من مكانها بضيق، لم ترتاح "داليا" لتلك الكلمات، وقد علمت أنها تكذب بسبب معرفتها الجيدة لـ "حازم"، كانت تفهم نظراته أكثر منه، وعندما نظر إليها يومها، كانت نظراته خاوية من المشاعر، فقط تلك النظرة اللطيفة الذي يقدمها لكل الناس، وحمدت ربها أن قلبه قد تعلق بغيرها، وها هو قد رُزق بحياةٍ جديدة، لتضيف إليه فرحه تراها به لأول مرة، وشيئاً ما بداخلها أخبرها ان تلك الحية، سوف تفعل شيئاً ما بينها وبين زوجها، فنهضت رويداً رويداً من على السرير، وخرجت تبحث عن "فارس" الذي قد أتى لهم منذ قليل، وبعد ثوانيٍ من البحث وجدت الإثنان في شرفة المنزل، وتتحدث "آية" مع "فارس" الذي استشاط غضباً منها، فأول ما جاء في بالها، هو كلمات "آية" فلم تشعر بنفسها إلا وهي تركض نحوهم بهلعٍ، وعندما لاحظ "فارس" ركضها هذا انتفض نحوها وقال:

- قومتي ليه مش قولنا ترتاحي!

فقالت هي بتوتر:
- بتتكلموا في إيه؟

فابتسمت "آية" باستفزاز قائلة:
- بنتكلم عليكِ حسيتي ولا إيه؟

تنهد "فارس" قائلاً:
- ولا حاجه مش عايز أشغل بالك آية بتهزر
- لا قولي في إيه؟!

قالتها بإصرار، فأكمل هو:
- الأستاذة عايزه ترجع لجوزها تاني، جوزها اللي كان سبب في كل اللي هي فيه دلوقتي، علشان رجع وقالها كلمتين رضاها بيهم عايزه ترجع وتنسى كل اللي فات

فتنهدت "داليا" براحه وقبل أن تتكلم شعرت بوخزة قوية في جنبها فتأوهت رُغمًا عنها، فأسرع إليها الآخر قائلاً برجاء:

- ممكن ترتاحي بعد أذنك! يلا علشان أروح آية كمان كفاية عليها النهاردة تعبتك بكلامها

وقبل أن ترد سحبها من أيديها ودلف بها إلى غرفتها، ثم دثرها في فراشها وخرج، وترك "آية" حتى تودعها قبل ذهابها، فاتجهت إليها الأخرى بابتسامة ساخرة قائلة بصوتٍ خفيض:

- كنتِ فكراني بحكيله عن حازم ولا إيه؟ متقلقيش أكيد سرّك في بير معايا مش هيعرف حاجه عن الموضوع ده، بس إنتِ كمان فكري يعني

توقفت عند تلك الجملة قائلة بتساؤل:
- أفكر؟ مش فاهمه أفكر في إيه ؟!

- في حازم

قالتها بنبرة هادئة، فاستشاطت "داليا" لتقول :
- إنتِ اتجننتي في دماغك! حازم إيه اللي أفكر فيه أنا واحده متجوزة إنتِ مستوعبه إنتِ بتقوليلي إيه، لو أنتِ تقبلي على نفسك تفكري في واحد تاني وأنتِ متجوزة دي بتاعتك لكن أنا عمري ما هبقى كده!

تفوهت بتلك الكلمات بغضبٍ، فطالعتها الأخرى بحاجبٍ مرفوع، وقد تغيرت نظراتها إلى الكره والحقد وقالت:

- طب يا ستي متشكرين، بس الكلام ده وجعني خلي بالك، مش هنساه وهرد عليه كمان عيوني

ثم نهضت من مكانها ببرود، تاركه الأخرى تستشيط غضباً..
                            ***
فتح مقلتيه ليجد نفسه مستلقى على ظهره وبجانبه بعض الأجهزة الطبية، وبعد لحظات اتضحت الرؤية أمامه ليجد "عاصي" وبجواره "نور" التي قد استقرت نظرة القلق بعيونها، وعندما فتح عينيه اتجهت نحوه قائلة بقلق:

- أنت كويس؟ حاسس بحاجه

وبعد ثواني استطاع الشعور بقوته، فاعتدل في جلسته ونظر إلى "عاصي" طويلاً، ثم قال:
- عايز دليل تاني إن رشدي مش أبويا

وبرغم تأكده من الحقيقة إلا أنه رفض تصديقها، فقال تلك الكلمات، فأردف "عاصي" بدون تفكير:

- تحليل إثبات نسب، أو تلاقي الورق اللي بيثبت إن رشدي مش بيخلف أصلاً

فاتسعت عيون "عامر" قليلاً، وبسبب الثقة التي تكلم بها زاد إحساسه بحقيقة ما قاله، ومع بعضٍ من ذكرياته القديمة مع "رشدي" وشعوره المستمر بأنه في مكانٍ لا يتناسب معه، ترقرقت الدموع في عيونه رُغمًا عنه، ولكنه مسحها بعنف ونظر أمامه بعينين يكسوهم الاحمرار، فتحرك "عاصي" وجلس بجواره، ثم قال:

- من أول ما شوفتك وأنت مش جاي معايا آه، بس ده ميمنعش إني جنبك وهفضل واقف في ضهرك في أي حاجه هتعملها

ضحك "عامر" بسخرية قائلاً:
- هو أنت شايفني عيل صغير قدامك هتضحك عليا بكلمتين؟ أنت كل اللي يهمك تدمر رشدي مش أكتر، وأنا مش كوبري علشان توصله!

فضحك "عاصي" بتهلُّل وقال:
- بجد والله؟ عايز بس أقولك إنه  بيك من غيرك يا عامر هعرف أوصل لرشدي واجيب حقي منه، يعني أنا ولا ليا مصلحة معاك ولا نيلة، تقدر تسميها جدعنه، مش هقدر أشوفك في الوضع ده واسيبك كده، زي اللي أنت عملته مع نور برضو، برغم إنها كانت شبه عدوتك أنت ورشدي في الوقت ده مقدرتش تقف مكانك من غير ما تساعدها ومشيت ورا ضميرك، بلاش تاخدها بحساسية كده، خلينا نفتح صفحة جديدة ونبدأ على نضيف

ثم مدَّ يده إليه ليصافحه، ظل يطالعه للحظات، ثم مدَّ يده هو الآخر وصافحه، وابتسم ابتسامة صغيرة، ثم نظر إلى "نور" ليجدها تبكي بتأثر فضحكوا على منظرها، وما أن ترك الإثنان أيديهما، وابتعد "عاصي" عنه بخطوات، دق الباب دقة خفيفة ثم فُتِح ليطل عليهم، "رشدي" الذي دلف بغرورٍ، فانتفضت "نور" بخوفٍ واختبأت خلف "عاصي" وانتظرت ما سيفعله..

آراءكم؟؟ توقعاتكم؟؟

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن