٢- نظرة أم طعنة؟!

3.2K 134 46
                                    

فطالعته هي بقلقٍ واضطراب، وهربت الكلمات عن لسانها حتى قالت:
- أنت بتراقبني يا عاصي!

رد عليها وكأنه لم يسمع كلماتها الأخيرة:
- قولت من أمتى بتخبي عليا حاجه، بلاش تغيري الموضوع

فقالت هي بصوتٍ مرتجف:
- مش بغير الموضوع، بس موصلتش إنك تراقب مكالماتي كده، فين خصوصيتي؟!!

صمت الآخر وظل يطالعها بترقب لأنه قد تفهم محاولاتها تلك في تغيير الموضوع، ابتسمت هي بتوتر لأنها أدركت أنه قد فهم ما فعلته، فتحركت من مكانها وجلست بجوار قائلة:

- أنت عارف إني مش بخبي عليك حاجه، بس أنا المرة دي لما خبيت كان علشانك والله، والموضوع طلع صغير مش مستاهل أصلًا

وقتذاك رد "عاصي" قائلًا:
- ده على أساس إنك صدقتي فعلاً موضوع شركة المياه اللي عز قالك عليها؟

طالعته بعينين مُتسعتين وقالت:
- أنت عرفت منين!! عاصي أنت بتسمع مكالماتي!!

فصاح بها الآخر:
- أيوة بسمع المهم منها بس، عشان عارفك مجنونه واللي بيطلع في دماغك بتعمليه، أي حاجه تخصك مش بتدخل فيها، لكن أنا عارف أفعالك الطايشه وأنا مش هستني لما توقعي نفسك في حاجه تاني

فقالت "رحيل" بذهول:
- تقوم تسمع مكالماتي!! أنت شايف دي طريقة يعني

رد عليها الآخر بهدوء:
- أولًا بلاش توصلي الموضوع لكده، أنا مش بتجسس عليكِ، بس لما لقيت رقم غريب متصل بيكِ وبعدها إنتِ اتصلتي بعز الدين قلقت! طبيعي كنت أسمع المكالمة عشان أفهم في إيه، وبالمناسبة أنا عارف بموت شريف من قبل ما عز يقولك

طالعته "رحيل" مطولاً، كانت تطالعه بقلة حيلة وضيق ولكن عشقها إليه قد عرف طريقه في تلك النظرات، كانت تشفق على نظرة القلق والاضطراب المتواجدة بعينيه، فما كان منها سوى الجلوس بجواره والإمساك بيده بحنوٍ ثم قالت:

- أنت ليه بتعمل في نفسك كده، ليه مش عايز تعيش في سلام

صمت الآخر للحظات ثم طالعها قائلاً:
- عشان طول ما إحنا في الدنيا دي مفيش سلام، الدنيا اوحش بكتير من العالم الوردي اللي موجود في دماغك، إنتِ قولتيها قبل كده أنا وإنتِ عاملين زي الأبيض والأسود مش شبه بعض، إنتِ الحلم وأنا الواقع، إنتِ السعادة وأنا الحزن، إنتِ مش بتشوفي غير النقطة البيضة الصغيرة اللي في الصورة لكن أنا بشوف السواد اللي حواليها بس

ردت "رحيل" برفق:
- عارفه، أنا أكتر واحده فاهمه يعني إيه قسوة الدنيا يا عاصي، بس عارف إيه اللي كان بينقذني كل مره، ضحكتي وتفائلي ده، موت أهلي قدامي كان كفيل إنه يدمر حياتي بس أنا معنديش اختيار الهزيمة كان لازم أقف على رجلي علشانهم حتى، لو فضلت تفكر بالطريقة دي هتتعب أكتر ما الدنيا هتتعبك

 رحيل العاصي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن