دخلت أم صقر للمطبخ
وعينها تتنقل بالمكان
وجلست على أول كرسي وهي تناظر أم سراج وأم لؤي منشغلين بالطبخ والسوالف
التفتت لها أم سراج واستغربت جلستها : بغيتي شي ؟
هزت رأسها بالرفض : لا ، بس ناشب بحلقي ماجد اجي اساعدكم قلت اجلس هنا لين تخلصون
أم سراج هزت راسها وصدت عنها وهي تكمل شغلها
أم لؤي ابتسمت: ايه زين عطاك الله العافية قطعي السلطة
أم صقر ضحكت : قطعيها أنتي حبيبتي ما جيت أشتغل هنا
أم لؤي : كلها خيارتين وطماطتين وخس مو ذبيحه شدعوه
أم صقر : إيه زين دامها كذا سويها أنتي ، جاية عشان ماجد ماجيت عشان اشتغل لأحد
أم سراج التفتت لأم لؤي وعشان تمنع الشّر : خلاص أقطعها أنا أقطعوا الشر
أم لؤي : حنا أهل ومابيننا رسميات دامنا مجتمعين الكل يساعد ويحط يده ، أما تجين وتجلسين وتنقدين على الصغيرة والكبيرة وتنقلين كلام وفوقها تثقلين علينا الجلسة لا تجين بلاها
وقفت أم صقر وبحدّه : تخسين وتعقبين مب أنا اللي أطلع كلام عنكم ، من زينكم عاد ومن زين جمعاتكم محد فيها طايق الثاني ! أجي بهالبيت عشان ماجد وبس ولا أنتو مو وجه قعده
ضحكت أم لؤي : الله والخاطر اللي مداريته من ٢٠ سنه
تجين عشان تسمعين السوالف هنا واي مشكلة تصير مايجي يومين الا هي حديث الجماعة كلهم كله من وراك وكلنا نعرف هالشي وساكتين ما نبي المشاكل معاك لكن لا تحديني أضرب أحترام الكل بعارض الجدار وأطلع حرّة السنين فيك
أم صقر : ل.
سكتت من دخلت عليهم أم فهّاد وهي تهش لهم بعصاها : بس بس ! كبار اللي بأعماركم عندهم أحفاد وأنتم هنا تتهاوشون كأنكم بزارين أمس ؟ مافيه احترام لصاحبة الييت ولا لأزواجكم اللي جالسين بالصالة ؟ عيب استحوا
'
بوقت قهوة المغرب
مجتمعين أهل ضيّ
نزلت فنجالها وهي تعتدل بجلستها وترفع رأسها لهم : إيه صح تخيلوا ! صدفه غريبه مرا
فهد اللي كان سرحان وعينه على فنجاله من جلس
ولإنه سمع صوتها وشاركت بسوالفهم رغم إنها من جلست كانت ساكتة ركّز معاها بكل حواسه
أبو عادل : يازين هالصدفة اللي خلتنا نسمع صوتك الليلة
ها وش عندك ؟
ضحكت وهي تمسك يد رؤى اللي كانت بتاخذ الفنجان وسحبتها لحضنها : مديري بالدوام تتوقعون مين يكون ؟
عقدت حواجبها سماح : مين ؟ لا يكون من الجماعه فشله
ضحكت وهي تهز رأسها بالصدفة : لا لا بس أسمه نفس اسمي !
أبو عادل : شلون ؟ اسمه ضي !
ضي : لاااا ، اقصد اسم العايلة
سراج فهّاد مدري فهد سعد الجامح ! تخيلللوا
ناظرت سكوتهم ونظراتهم لبعض : ولما قلت له عن هالصدفة ضحك وقال إن عنده عم إسمه ماجد ! يمه صدفة تخوّف
سماح بهت لون وجهها من سمعت الإسم وصدت بنظراتها لأمها اللي كانت تهمس لها : هدّي
تنقّلت عينها بين جدتها وأمها وخالها
والتوتر والصمت اللي حطّ عليهم كلهم
وجه سماح اللي إنخطف لونه من إنذكر الإسم
ومحمد اللي صد بعينه عنها وبلع ريقة وسكت وهو مايسكت عادةً إلا ويعطي لسوالفها أجوبه
استغربت من نظراتهم وسكتت وهي تنزل راسها لجوالها وتنشغل فيه وتحاول ما تعطي مجال لأفكارها
وقفت سماح بيدين راجفه
دخلت أقرب دورة مياة وسكرت الباب
تسارعت أنفاسها وحبست دموعها لكن ما قدرت
خـافّت
من طرأ الإسم على بالها إرتعبت
وكل ذكرياتها قبل ٢٤ سنة عادت عليها
بيتها وزوجها وحياتها اللي انقلبت بليلة
رجعتها لبيت أهلها وسنواتها الأولى وتعبها وتخطيها لكل العقبات
الاسـم وحتى وإن كان شبه مو أكثر
يدمّر كل شي ظنت إنها تخطته
'
وقفت ضيّ وهي تعدل حجابها وتطلع من البيت لكوفي
" ضي الليالي "
وصلت ودخلت وهي سرحانه وجلست على أول طاوله قريبة للباب
تركت جوالها وهي تنزل راسها على الطاولة
ثواني ورفعته وهي تتنهّد من جت الموظفة تسألها عن طلبها ، ورجعت تجهّزه لها
بينما وجد ما إنتبهت لها لإنها كانت تشتغل داخل
كان التوتّر واضح عليها
تضغط على أصابعها بإستمرار وتضرب الأرض برجلها
وتقضم شفايفها وتناظر لكل مكان بدون تركيز وواضح تفكيرها ما كان معاها
عقد حواجبه وهو يرتشف قهوته ويشوفها
سكت باستغراب لإن عينها مرّت عليه مرات كثيره ومع ذلك ما إنتبهـت له ولا لوجوده
وحتى طلبها اللي وصل وانحط على الطاولة ما ناظرت فيه
مرت عشر دقايق على وضعها هذا
لين وصلها صوت وجـد : ضي !
رفعت رأسها ضي وهي تقوم وتحضنها بكل قوتها
عقدت حـواجبها وجد باستغراب وهمست : بسم الله ضي وش فيك ؟
ما ردت عليه ضي ومازالت حاضنتها
كانت تحاول تلقّى شي يلملم الشتات اللي حاسّه فيه والفراغ اللي إنطرح برأسها واسئلة مالها أجوبه
ابتعدت عنها وجد وهي تمسك كفوفها وتشد عليها وتجلس معاها : شفييييك تكلّمي ؟
ضي تنهّدت : ما فيه شي ، بس كذا حسيت محتاجه أضمك
وجد : تكلمي أقول !
وجد : تكلمي أقول
ضحكت ضي وهي تسحب يدينها وتأخذ قهوتها : مافيني شي جوجو ! يمكن هرمونات أو شي ماعرف
وجد عرفت إنها تكذب وتنهدت : أفهمّك تراني ، بسبب خالد صح ؟ ضايقك اليوم الصباح جيته وهديته ؟
ضي : فوق ما تتخيلين ! كيف بتحمل الشهرين هذي
أنا شفته مره وحده وبغيت أموت من ضيقي وجد ما أقدر أتحمل، كيف يمسك يديني ويبتسم لي ويناظر لي .. زي ما كان يناظر لي زمان ! صوته ونبرته اللي ترقّ لما يقول أسمي
أشوف منّه كل هذا أشـوف بعينه حبه لي زمان بس
سكتت وناظرتها وجد : بس ؟
ضي بلعت غصّتها : بس ماعاد القلب متلهّف لكل هذا !
وجد : حبيبي إذا حاسه إنك مو قادرة على الإنتقام ولا انك تعيشين تحت هذا الضغط كله تراجعي ! راحتك أهم بالنهاية كل شي قاعده تسوينه لرضاك أنتي
ضي هزت راسها بالرفض: ٤ سنين راحت من عمري ما لقيت فيها أجوبه لأسئلتي ! تركني حايره .. وأنا بخليه يعيش شعوري ، ينام معاي ويصحى بدوني ، مليون سؤال ومايلقى إجابة وحدة
يعيش جاهل أسبابي وجاهل مصيره معاي وليه تركته وليه وليه وليه مليون ليه مالها جواب بخليه يحير مثلي وأكثر
كانت تتكلم بتوتّر وبسرعة وبدون توقف
دلالة على عصبيّتها وغصبها المكبوح طيلة هذي السنوات
دمعت عيونها وشهقت بقوّه
ما قدرت تكتم دموعها أكثر
رجعتـه حتى وإن كان قلبها ما يحمل له شعور
رجعته مؤلمه وبعثرتها
غطت عيونها وهي تصد عن نظرات وجد
وجد كانت تفهمها ، وتعرف إنها ما تبي أحد يجلس بقربها وهي تبكي
لذلك قامت وهي تبوس راسها وابتسمت لها وراحت تكمل شغلها
وضي إنهارت ولا قدرت توقف دموعها
ما بكتها من وقت طويل
وكـ عادتها
اذا بكت لأي سبب كان ، ما تسكت بسهوله
تبكي لين تنتهي طاقتها
'
كان بالطاولـة اللي بقربها
وسمع كل كلامهم، ومصدوم !
ضي من عرفها كانت هاديه وذكيّه وبين عليها العقلانيه والنضج
فكرة الإنتقام ورد الصاع اللي سمعها بين حديثهم غيرت نظرته من علاقنيه إلـى طائشه، مين ينتظر ٤ سنين عشان ينتقم ؟
ما كان مقتنع بالفكرة إطلاقًا وتمامًا تغيرت أفكاره نحوها
كان يفكر يكبّر المشروع معاها وتكون شريكته بالشغل لإن كان يشوف الذكاء والدهاء التجاري فيها
وبعد طيشها هذا تراجع للخلف وأيقن إنه كان قرار مستعجل وقف وهو يأخذ جواله ومفتاح سيارته وكان بيطلع من المكان
وجوده ومروره من قدامها كلّه ما إنتبهت له ضي اللي كانت منزله راسها وتمسح دموعها المنهمره بين كل لحظة والثانيه
دخل خالد وصادفة سراج على الباب
ناظر له سراج وعرفه لكن خالد يجهله
ابتسم له وهو يناظر بين الطاولات وشافها جالسة لوحدها وحانيه راسها
تقدم بسرعه وهو يسحب الكرسي اللي قدامها ويجلس فيه
وهمس : ضي
رفعت رأسها وهي تمسح دموعها وشهقت من شافته
خالد : بسم الله عليك ! شفيك حبي ؟
بلعت ريقها وهي تعدل حجابها وتأخذ منديل تمسح دموعها وهمست : مافيني شي ، أنت ايش جابك هنا ؟
خالد : جاي لك
تنهدت وهي توقف وتأخذ شنطتها وجوالها : بغسل وجهي واجي لك
قامت من عنده وراحت
سراج اللي من شاف دخول خالد تراجع عن الخروج ووقف يطلب قهوه من جديد
لما شافها تدخل دوراة المياة لحقها وكأنه رايح هو لدوراة المياة بس كان مقصده يشوفها
وانتظر لين شافها بتطلع وتقدّم .. كأنها صدفة
؛ ضي .. عسى ماشر ؟
رفعت رأسها وهي تشوفه وعقدت حواجبها من سؤاله : كل خير
ناظر لطوالتها وخالد وهمس : شفته جايك بالدوام والحين بعد ، وبكل مره تكونين منزعجه .. إذا يضرك تراني بالخدمه
هزت رأسها بالرفض وهمست : لا ، خالد خطيبي
وتركته وهي تتقدم للطاوله بعد ما التفت لهم خالد وجلست وهي تشرب من قهوتها
خالد : من هذا اللي قاعد يكلمك ؟
ضي : مديري بالدوام
خالد : ويعني ؟ شيبغى
ضي : يرقمني
خالد : ضي لا تستهبلين ! وش يبي منك هذا
ضي : وش يبي يعني ؟ سلّم علي بس
خالد : خويك هو يسلم ؟ وش علاقته
تأففت وهي تسحب شنطتها وبتقوم : اوف منك
مسك يدها وهو يجلسها : خلاص أجلسي ما بسأل .. اجلسي نسولف
ضي : شلون عرفت اني هنا
خالد : اعرف انه اكثر مكان تزورينه لإنه لصاحبتك
ضي : ايش عرفك انه لها ؟ تعرف مكان دوامي وتعرف كوفي صاحبتي وحتى عارف اني جايته بهذا الوقت ! كيف
ابتسم خالد وتنهّد : أنتي حسبالك جاهلك وجاهل وضعك كل هالسنين ؟ حافظك تراني وأعرف عنك كل شي
سكتت ضي وهي تنزل راسها تمنع وقوع عينها بعينه
خالد : غضبّك ما ينطفي ! ليه
بلعت ريقها لإنها واضحة وواضحة مشاعرها قدامه : مافيني غضب اتجاهك عشان ينطفي
خالد : فيه والله ، أدري بس وافقتي على الخطبة لإن باقي تحبيني بس زعلانه مني كثير .. أوعدك كل شي بيتعدل وماراح اخليك تندمين إنك خطيتي معاي هالخطوه
هزت راسها وهي تتصنع الابتسامه
ابتسم معاها : والحين علميني ليه كنتي تبكين ؟ متهاوشه مع أحد ؟ ولا شفيك
ضي هزت كتوفها وهي تناظر لوجد اللي تناظر فيها وتحدّق بغضب : مافيني شي يعني .. مدري ضايق خلقي بس
خالد هز راسه : شكل رضاك صعب ، بتعب معاك