نزلت من السيارة اللي وصلتها تناظر البيت ومتردّده بالدخول، مر إسبوعين من أخر مرة تكلمت فيها معاه وما تدري هو بأي حال
وكيف بتصير علاقتهم بعد اليوم ؟
ما سأل عنها رغم إنها كانت تنتظره، تنتظر تبرير توضيح ومبادرة
لين صحت على نفسها و إستوعبت موقفها،
تنهّدت بثقل تخاف من صدّه ومن إنه يردها عنه، ما تتحمل تشوف خسارة جديدة وبالأخص هو
غمضت عيونها بشتات من تداخل وتزاحم أفكارها وتقدمت تطلع مفتاح الشقة من شنطتها ودخلت تتقدم بخفّة تشوف فوضى المكان كأن يسكنه أطفال
عقدت حواجبها تسكر الباب خلفها ومشت ترفع صوتها : سلمان ؟
ما لقت رد وتقدمت تدخل الغرفة تشوفها مبعثره أكثر وملابسه طايحه بكل مكان ومفرش السرير والمخدّة بالأرض، ما لقت له أثر بالبيت وتأففت تجلس بالصالة تناظر الفوضى اللي تسبّب فيها
أخذت جوالها بتردد تتصل عليه أو لا، لكنها تركته وقامت تنظّف البيت تنتظر رجعته
جلست بعد ما أذن المغرب وسوت القهوة تتركها على الطاولة بالصالة والبخور ودخلت تاخذ شاور
لبست فستان بيت هادي ورتبت شعرها وجلست بالصالة تنتظره، أول مرة يعتريها التوتر والخوف منّه بهالقد
لكنها تجاهلت ترددها وخوفها، لإنها تخاف من إن تبقى بينهم فجوة أكبر من خوفها من مواجهته
مرّ وقت طويل وغفت عينها جالسة بالصالة تنتظره
دخل سلمان بأخر الليل وعقد حواجبه يشتمّ ريحة بخور وعطر بالبيت والأنوار شغاله ما توقع إنها تكون موجودة
نزع جزماته وتقدم للصالة وإرتخت ملامحه يشوفها جالسة بالصالة نايمه بفستانها والقهوة على الطاولة، وواضح كانت تنتظره
سكن يناظرها لثواني وتنهّد يصد بنظره ورمى مفاتيحه على الطاولة وفزّت من الصوت تجلس ورفعت نظرها له لثواني وهمست : سلمان
التفت ما يناظرها ودخل للغرفة يسكر الباب خلفة
ناظرت حولها تستوعب نومتها وأخذت جوالها تشوف الوقت متأخر وتأففت تدخل تغسل وأخذت القهوة للمطبخ
دخلت عليه الغرفة وعقدت حواجبها تشوفه مطلّع شنطة سفر ويحط فيها ملابسه وما ناظر فيها
تقدمت تاخذ التيشيرت اللي من يده : سلمان وش قاعد تسوي ؟
سلمان مسح وجهه بيده يلتفت لها : أخذ أغراضي وبطلع
وجد : يعني ما بتتكلم معاي ؟
سلمان أخد التيشيرت منها : لا، أنتي ببيتك والأكيد ما تبين تكونين مع شخص خطط يأذي أخته ما بضيق عليك أنا بطلع
وجد : سلمان ! اجلس نتكلم لا تصير بزر
سلمان عصّب يرمي التيشيرت : وش نتكلم فيه وجد أنتي خليتي فيها كلام ينقال ؟
وجد : كنت معصبة مصدومة ما أقصد والله، سلمان
قاطعها يجلس على طرف السرير يناظرها : اسبوعين وجد مرّوا ولا مرة اتصلتي ولا سألتي ولا إعتذرتي، المعصب والمصدوم ويقول كلمة غلط ما يقصدها يعتذر بعدها بساعات، إذا مرّة يومين،أنتي طلعتي من البيت ولا رجعتي
سكتت تناظره ورفع نظره لها يخفض صوته : بأكثر وقت كنت أحتاجك فيه، فكرتي بضي وبنفسك وبكرهك لأمي بس ما فكرتي بزوجك أبد ولا بموقفي اللي منحط فيه !
دمعت عيونها تناظره تتقدم له تحضنه وهو جالس، تدري إنها أغلطت وأنفعلت بالكلام بوقتها لكنها ما قوت ترجع تعتذر وتصلّح غلطها، ما تعرف تعتذر بالكلام ولا تخوض نقاشات حسّاسه وتخوفها نهاية النقاش وين بتوديها
سكت سلمان يغمض عيونه ما وده يبعدها عنه ولا يصدها لإنها جته بنفسها لكن ما ينسى إنه عاش إسبوعين صعبه عليه بدونها ما أختارت توقف معاه
ابعدها عنه وتنهدت تشوف صدّه تهمس : يعني بنصير كذا خلاص ؟
لف يناظرها وميلت راسها تمسك كفّه : نخسر بعض من أول مشكلة ؟ من أول سوء فهم ؟
سكت يناظرها وهزت راسها : هذي ما راح تكون أخر غلطة لي ولا أسوء كلمة تطلع مني ولا أكبر مشكلة بيننا إذا من أولها بتصد عني وتهرب وترفض الصلح كيف بنكمل ؟
سلمان : تعبان وجد تعبان، خذلتني أمي وصدمتني وللحين ماني مصدق اللي حصل وإنها الحين بين جدران السجن إنحكم عليها وبأصعب موقف علي تركتيني أنتي ماعليّ من كلامك اللي قلتيه ولو إنه أوجعني،
سكت يناظر ملامحها تختنق بدموعها وكمّل كلامه : ما تحبيني ولا تثقين فيني ومكانتي عندك ولا شي وهذا ماهو كلامي ولا أقوله من زعل وعتاب هذا الصدق لإن لو عكس كذا ما تركتيني كل هالوقت
شافته يطلع من الغرفة وجلست على السرير تحس بإختناق وبكت من سمعت باب الشقة يتسكّر بقوة
'
جالسة أماني ترضّع سيف الصغير بحضنها ولفت على سماح : خالتي ودي أطلع لبيتي
ناظرتها سماح : ليه ما أرتحتي هنا ؟
هزت راسها أماني بـ لا : لا والله خالتي شلتي عني هم ما قصرتي بس أهل سيف أمه وخواته بيجوني قلت صعبه يجوني هنا أخاف يزعلون ويتحسسون، ومنها أنا استقر خلاص
هزت راسها سماح تناظر سيف وابتسمت من فتح عيونه ولفت عليها : اللي يريحك أكيد بس بصير معاك ماني تاركتك لحالك
أماني تركت الرضاعة وسدحته ولفت على سماح : الله يسعدك مستحيل أنسى وقفتك معاي شلتي عني كثير
ابتسمت سماح تهز راسها ووقفت : بجيب لك اكل تاكلين قبل تنامين
تنهدت أماني تشوفها تطلع من الغرفة ولفت على سيف تناظره نايم،
مرّ أسبوعين وكم يوم على وفاة سيف، وما قتلها موته كثر المتسبّب بموته، كل ما تتذكر تكره نفسها وكل شي حولها وودها لو تلحقه
-
" جالسة أماني بالصالة فاتحه فيلم تتابعه وسيف بالغرفة، فزّت على صوته من إرتفع يناديها وطفت الفيلم دخلت عليه تشوفه جالس على السرير وبيده ملفّات واليد الثانية صورة تقدمت بإستغراب : وش فيك ؟
سيف أخذ بالصورة اللي بيده ورماها عليها يرفع صوته : هذي أيش أماني ؟
ارتخت ملامحها تنحني تاخذ الصورة تشوف صورتها مع سلطان يوم عقد قرانهم قبل سنوات طويلة، رفعت نظراتها له وإعتلى صوته : مالي قدر ولا مكانه ولا احترام ؟ ببيتي حافظة صورتك مع طليقك ؟
سكتت من صدمتها تناظره وأخذ الملفّات يرميها بينهم : عشان كذا ما سمعت منك كلمة أحبك ؟ تحبينه للحين ؟ تبينه ؟ دامه بقلبك ليش تزوجتيني ؟
عضت شفتها بخوف لإن أول مرة أحد يصارخ بوجهها بهالطريقة وأول مرة تشوفه معصّب ويصارخ : سيف لحظة إسمعني
سيف : وش أسمع يكفيني اللي شفته، يكفيي اللي شفته خاينه أنتي
توسّعت حدقة عينها تهز راسها بـ لا : لا والله ما خنتك سيف والله ما خنتك ولا بعمري شفته من تطلّقت منه سيف اسمعني
نزل نظره لبطنها يمتنع عن ضربها وصدّ يستغفر وطلع من البيت، بكت أماني تلحقه لكن ما سمع لها وطلع من البيت يشتعل من الغضب
بكت أماني تجلس على السرير ويدها على بطنها من قهرها، لإنها فعلًا ما تعمدت تحتفظ بصورته وظنّت بإنها تخلصت من كل ذكرياته بوقت طلاقهم، ما إنتبهت على وجود هالصورة بين ملفات دراستها القديمة
قبل يومين جابت من بيتهم ملفّات شهادات الثانوي بعد إصرار من سيف عشان تكمل دراستها الجامعية، وبينما كان يسجل لها
طاحت الصورة بين يدينه "
-
دخلت سماح بخوف من سمعت صوت أماني تبكي ومنهارة وحضنتها وخافت من ردّة فعلتها ولفت على سيف نايم ما حس بصوتها، عقدت حواجبها ما تفهم كلام أماني اللي تردده لكنها اكتفت انها تحضنها حتى تهدأ
'
لبس سراج ثوبه يلف على سلطان : صار لك أسبوعين راجع متى ناوي تكلم عمي وتشوفه ؟
سلطان ناظره : ناوي اشوفه هو والعيال بعد بس قلت الفترة اللي راحت تو أمهم داخله السجن ومشاكل ماهم لمي، بشوفهم بكرة إن شاء الله
ناظره سراج يهز راسه بـ لا : لا ما أقصد عمي ماجد، عمي سعود أبوك
ضحك سلطان يجلس يتربّع وسحب صينية القهوة : يابن الحلال خل عنك، هو عساه يدري اني مسافر وماني موجود عشان اروح له
سراج ناظر له يضحك وسكت لثواني وجلس معاه ياخذ الفنجال من يده : والله صادق، بعدين تراه داق عليك وما رديت أنت، ودق علي يسألني عنك قبل جيتك بفترة وقال لي اطمنه عنك لو جاني خبر
سلطان : أبوي أبوي سأل عني أنا ؟ متأكد ؟ أخاف يسألك عن لؤي وأنت ملخبط
ضحك سراج : والله صادق كلمني وواضح خاف
سلطان : بعد متى ؟ سنة توه يتفقّد ! يارجال خله الله يصلح الحال ما طرى لي أرجع هناك أبد
سراج : والله أدري صعب الوضع بس سلم عليه مرة على الأقل، يدري انك موجود يرتاح
سلطان هز راسه بـ لا : ما صدقت على الله أشافي نفسي من ماصابني منه أخاف أرجع له وكل شي يرجع زي قبل والله ما عاد فيني
رفع نظره لسراج يأشر على وجهه : بداية شبابي ما انتصفت الثلاثين بعد وشوف الشيب كيف طاغي ؟ كلّه من التفكير والهم اللي عيشني فيه
تنهّد يناظر سراج : أمي توفت وأنا ما شفتها وفوقها عايش سنين طويلة أحسبها راميتني على أبوي وهربت، طلع أبوي حارمها مني وحارمني منها لين ماتت
وقف سراج يترك فنجاله وناظر الوقت : أمس اول مرة ما اروح لضي، بطلع الحين توصّي
سلطان ناظره : يا ولد ريح لو صار شي يدقون عليك روحتك وش تسوي ؟
سراج : ماني مخليها ولا يطاوعني قلبي، أنا ارتاح وأنا جنبها وأشوفها
سلطان سكت يناظره وهز راسه : ارسل لي موقع بيت عمي ماجد بشوفهم
هز راسه سراج وطلع من الشقة وجلس سلطان يتقهوى وحده، يفكّر في حياته الجاية كيف بتكون
معقوله سعود بعد هالسنين بدأ يحن قلبه عليه ؟ وأستوعب إن سلطان ولده من دمّه وكرهه لأمه ما يعني إنه ينبذ ولدها بهالشكل ؟
ولا كان سؤاله من فضول ومشاكل ؟
هو مستحيل يعفوا عنه ماهو عشان نبذه من طفولته لهذا العمر ولا عشان كرهه وسوء لسانه ومدّ يدينه، إن كان ما يسامحه فهو لسبب واحد
وهو موت أمه بعيد عنه
أكثر ما أنهكه وأحرقه بالغربة هذا الخبر اللي توصّل له، كان لحاله بعيد عن الناس وعن أحبابه
تعب لحاله ووقف لحاله وتشافى لحاله
زي ما إعتاد
'
بزوايا السّجن
على سرير عتيق ومكان مظلم فيه أنواع المجرمين، تجلس أم صقر
ضامّه كفوفها على بعضها تناظر المكان اللي جالسة فيه، مكان ما جاء حتى بالخيال ولو لثواني إنها تكون فيه
على كثر ما تعدّت وظلمت وطالت وسببت مشاكل بين خلق الله، كانت تشوف نفسها أعلى وأكبر من هذا المكان والواسطات ومكانة أهلها وزوجها بتحميها
لكنها وقعت أخيرًا بشرّ أعمالها
٤ سنين كانت تشوف إنها ٤٠ سنة، تبكي كل ليلة بجنون تنتظر الخلاص من هذا المكان مرعوبة من الناس اللي حولها رغم إنها ما تختلف عنهم بشي
شهرين مرّوا تحس بإنها مرّت عليها سنين عمرها كلها هنا
محد زارها لا اهلها ولا عيالها ولا ماجد اللي حاربت عشانه، وخسرته وخسرت كل شي
بكت تنزل راسها على رجولها بتعب من تفكيرها ووحدتها وضيق المكان اللي هي فيه
انسدحت تتغطّى بالبطانية تحاول تنام عشان يمر الوقت، ولو إنه بنظرها ما يمر
ما اتعضت ولا تقربت لله وتابت وندمت، كانت تنتظر اللحظة اللي يُفرج عنها عشان تنتقم من جديد من كلّ من أذاها ودخلها بهذا المكان، رغم إنه ماهو أذى كان حقّ وتنفذ
لكن ما كانت تشوف الموضوع من هالمنظور
-
دق الجرس وقام سلطان باستغراب لإنه ما ينتظر احد ولا سراج بالبيت عشان يمرّه أحد بعد
نزل يفتح الباب وارتخت ملامحه يشوفه واقف أمامه وترك مقبض الباب يناظره ساكت
تقدّم سعود يدخل ووقف قدامه : ما تسلم على أبوك يا سلطان ؟
باس راسه سلطان ما ينظر بعينه وسكر الباب وأشر : حيّاك
سعود ناظره وتكّى بعصاته اللي بيده اللي يستخدمها رغبة لا حاجه : بس ؟ حيّاك وبس ؟ مافيه شلونك يبه كيف حالك ؟ مشتاق لك ما شفتك أكثر من سنة
ناظره سلطان ساكت يشوف عِتابه وارتفع صوت سعود : صار لك أكثر من شهرين راجع السعودية بالصدفة ادري انك جاي ؟ ابوك أنا ماجيتني ماسلمت ما اديت واجبك وش بلاك انت ما تطيب ما تسترجل؟
سلطان ناظره يتساءل كيف يقدر يحاسب ويلوم بكل قوّة ما كأنه متسبب كل اللي يمر فيه سلطان، يعاتب ما يفهم إن صدود سلطان عنه من وراه، وكل ما يجيه يردّه عنه ويرفضه وإذا ابتعد لامه ونعته بالعاق
صد بعينه ما وده يتلفّظ وهو متصبر عليه سنين ورفع سعود عصاته ومسكها بكفه سلطان يرتفع صوته : خلاص عاد خلاص، يبه أنت وش تبي مني بالضبط ؟ وأنا عندك ماهو عاجبك وأنا بار فيك ماهو عاجبك وأنا بعيد وكافي شرّي رغم إن مالي شر ماهو عاجبك
سكت سعود يناظره ورمى سلطان العصى بقوّة : أتقّ الله فيني أتعبتني أمرضتني وش تبي مني ؟ لا تحبني ولا تحتاجني ولا يفرق معاك وجودي ولا غيابي ليه أجل متعنّي جاي لي لين هنا ؟ عشان تسمعني هالكلام ؟ ماهو أنا مبعد عنك أنت بالذات لإن هالكلام ما عاد أبي اسمعه
سكت سعود يناظره ورمى سلطان العصى بقوّة : أتقّ الله فيني أتعبتني أمرضتني وش تبي مني ؟ لا تحبني ولا تحتاجني ولا يفرق معاك وجودي ولا غيابي ليه أجل متعنّي جاي لي لين هنا ؟ عشان تسمعني هالكلام ؟ ماهو أنا مبعد عنك أنت بالذات لإن هالكلام ما عاد أبي اسمعه، عيشتني بجحيم وأمراض فرقتني عن أخواني عذّبتني أبوي عذّبتني هشمت شخصيتي بطفولتي ومراهقتي واستنقصت من رجولتي وما اكتفيت بكل هذا أنت حرمتني من أمي لين ماتت
ضرب بالباب بيدّه بقوّة وفز سعود من ردة فعله يصرخ : أمي ماتت يبه وهي تدور علي وتحاول توصل لي، ليه ليه ؟ عشان أيش وش اللي يسوى تحرم أم من ضناها عشانه ؟ وش فادك فيه
سعود إرتخت ملامحه يناظره : أمك ماتت ؟
ضحك سلطان يناظره تلفت أعصابه وصد يمسك راسه يتعب من حاله ومن وجود سعود حوله ولف عليه : ابعد عن حياتي يبه، أنا طلعت من هنا اتعالج فيني أمراض الدنيا كلها ، دخلت اكتئاب حاد من وراك أنا لو اني ما أعبد الله وأخافه قتلت نفسي، لكني قويت وعشت عشان نفسي وجيت هنا ابي حياة بعيدة عنك لا تجيني روح عيش حياتك مع عيالك وزوجتك وانساني
سعود ناظره : مالي أحد سلطان
سلطان ناظره ساكت وهز راسه سعود : أم لؤي طلبت الطلاق وعيالها معاها ما يجوني ولا يسألون عني من شهور، أنا وحيد حتى أبوي وأخواني ما يبوني محد يبيني جنبه، أمي ما سامحتني وتقول إن سامحوك أخوانك وسلطان تعال لي
ضحك سلطان يناظره وهز راسه يفهم : عشان كذا دقيت على سراج تسأل عنّي، يوم بقيت لحالك واحتجتني
سعود هز راسه : كلم عمانك يسامحوني وكلم جدتك قل لها انك مسامحني
سلطان هز راسه : بس أنا ماني مسامحك
ناظره سعود ساكت ولف سلطان يدخل البيت وسمع صوت الباب يتسكّر دليل إن سعود خرج
جلس يحس بتعب وصداع وضحك لإن فعلًا سعود ما همّه سلطان ولا حاله هو سأل عنه لإنه انحدّ عليه ما هو أكثر، هو كان عنده بصيص أمل صغير ينتظر سعود يحنّ عليه بيوم، زي ما يحن على لؤي وروان
ما يفكر مين تكون أمه ولا يأثر على مشاعره أتجاهه، لو مرة يشتاق له ويتفقّده ويحبه ويشوف بعيونه نظره ثانية غير اللي إعتادها
لكن بجيّته هذي تأكد إنه مستحيل
تنهد يمسح على شعره ولف ياخذ اللابتوب يفتحه يشوف شغله يكمّله، ما سمح لنفسه ينتكس
'
طلع سراج من غرفة ضي ولف من انتبه لوحده تتقدّم له بالسلام وهز راسه يردّه لها ومدت له حافظة طعام : تفضل
عقد حواجبه يناظرها وما عرفها لإنها منقّبه، ولا يزوره أحد سوى اهله واهل ضي : مين ؟
ناظرته ما أخذ الحافظة منها ونزلت يدها : أنا وجدان
سكتت تناظره ساكت ما يفهم منها شي وهزت راسها..
سكتت تناظره ساكت ما يفهم منها شي وهزت راسها تأشر على الغرفة المجاورة : جارتكم أنا، ووضعي زي وضعك أنا أخوي بغيبوبه هنا من حادث وتوفت زوجته وولده، وأنا الوحيدة اللي عنده ومالي غيره وطول وقتي عنده
هز راسه سراج يستغرب كثرة كلامها رغم إنه ما سألها ولا يهتم وكمّلت: أشوفك ماشاء الله كل يوم تزورها وتبقى عند أختك طول اليوم رغم إن فيه من اهلك يجونها بس أنت غير، مافيه رجال بيضحي بحياته كذا عشان أخته يتخلى عن شغله وطلعاته وخصوصًا انها بغيبوبه يعني مو صاحية تحس فيك
حك جبينه سراج بإنزعاج وما تكلم وهزت راسها يعتليها التوتر تمد الحافظة من جديد : على العموم أنا وحدي هنا وكل يوم اجيب اكل معاي ولا أكله كله لإن ما معاي أحد، تفضل تعشّى
ناظر الحافظة لثواني ومد يده ياخذها وصد بنظره : ما قصرتي يعطيك العافية، وما تشوفون شر
هزت راسها ودخل الغرفة ينزل الحافظة وبقت واقفة مكانها تناظره وتنهّدت تشوفه يرجع يطلع وما ناظرها وطلع الأصنصير ينزل تحت
شبكت يدينها ببعض بتوتو ورجعت للغرفة تستريح
'
دخل سراج البيت وابتسم بتعب يشوف أمه تطلع من الصالة : هلا أبوي جيت
هز راسه : أنتم اللي جيتم !
تقدمت له : ماهو مرحّب فينا ؟
ضحك يتقدم يحتضنها ويقبل راسها : والله الرياض كلها تهلي فيكم، متى جيتو
أم سراج : جينا على الظهر واستقبلنا سلطان ماشاء الله
ابتسم سراج : قابلتوه اجل
أم سراج دخلت تجلس معاه وأخذت القهوة تصب له منها : إيه حبيبي الله يحفظه بشوش ومنوّر وجهه ماهو مثله قبل
سراج : إيه فاده البعد شاف حياته وتغير، وينه الحين ؟
أم سراج : طلع مع أخوك من جو ماجلسوا شكله استحى من جيتنا، البيت ماهو صغير أكيد خاف يضيق على أختك
سراج : أعطيه مفتاح بيتي ماهو مشكلة لا تشيلين همّه
أم سراج : ويصير لحاله بعد ماودي، قلت لأبوك يستاجر بفندق لو إننا دارين انه هنا
ناظرته يشرب فنجاله : أنت ما كأن لك نيه تسلم هالشقة وتروح بيتك
سراج ناظرها وهز راسها بـ لا : جاهز والله لكن ماني داخله وضي ماهي معاي
تنهّدت أم سراج : ماودك ترجع معانا الدمام ؟ تشوف جدّانك مالهم قدره يجون هنا يسألون عنك وتغير جو تبعد عن المستشفى شوي وجهك تعبان
هز راسه بلا وتقدم ينسدح على رجولها : امسحي على راسي لين انام يمه واقوم طيّب وبي قوة الدنيا كلها، وماني رايح ولاني مبعد ضي هنا تحتاجني
أم سراج ابتسمت تشوفه ومسحت على شعره تقرأ من القرآن حتى غفت عينه من التّعب ونام
تكت على المغسلة بيدينها التست تنتظر النتيجة بتوتر وخوف
غطّت فمها بصدمة تشوف النتيجة تدل على أنها حامل
دمعت عيونها وابتسمت تناظر بعد تصديق
رفعت نظرها للمرايه اللي تعكس وجهها وابتسمت ورجعت تناظر للتحليل ما تصدق
خبّته بجيبها وطلعت من دورة المياة ما تشوف سلمان موجود بالبيت، تنهّدت تفكر كيف تعلمه ؟ هي من شهرين وعلاقتهم متوتره وما تصالحوا، زادت المشاكل والنفور بينهم بسبب سوء نفسياتهم
طلعت تجلس بالصالة تنتظره ولا تدري كيف بتعلمه لكنّها متأكدة إنه بيفرح مثلها، وهذا أكثر شي يحتاجونه الفترة الأخيرة
كانت تزورها المخاوف لكنها طردتها من بالها ما تسمح لنفسها تفكر أكثر واخذت جوالها تتصل عليه واستغربت ما يرد وناظرت الوقت أمداه خرج من صلاة الظهر
خرجت التست من جيبها تناظره وابتسمت تتأمّله ما تصدق النتيجة، ما حللت تحليل ثاني خافت من انها تخيب ولا تقدر تتمالك نفسها وتسكت ما تخبّره لين تحلل بالمستشفى، هي تنتظر رجعته على أحرّ من الجمر تشاركه أروع خبر
لفت من اتصل جوالها واخذته ترد : هلا أماني
أماني : جوجو تمريني اليوم تاخذين سيف ؟ تعبانه سخونه وأخاف اعديه وما فيني اقوم فيه بليز
سكتت وجد لثواني وهزت راسها : اوكي بس ما اقدر اجيك الحين أنتظر سلمان يرجع واخليه يجيبني لك
قفلت منها وبقت تنتظره وأذّن العصر وخرجوا من الصلاة ما جاء
تأففت لإنه طول واخذت جوالها تتصل فيه بتكرار إلى أن رد : سلمان وينك ؟ أنتظرك بالبيت
سلمان : جاي
عقدت حواجبها من أختلاف صوته وقفّل وعضت إصبعها تقضم أظفرها بقلق
انفتح الباب وفزت من مكانها تطلع له وارتخت ملامحها تشوف حاله، فاتح أزارير ثوبه وعقاله بيدّه وشماغه على كتفه وملامحه متلوّنه بالسواد ما يدل على إنه بخير أبد
عقدت حواجبها بخوف وهزت راسها بالرفض : سلمان !
رفع نظره لها بتعب وخوف وطاح العقال من يدّه وتقدم لها ومسكته تدمع عيونها : وش فيك سلمان ايش صار
ناظرته تشوف عيونه باكي وغرقانه بدموعه وبكت لإنها تظنّ بظن سيء ما ودها تسمعه وهزت راسها بـ لا : سلمان تكلّم وش فيك
سلمان رفع ذراعينه يتحضنها بشدّة يرتخي عليها وهمس : وجد سألتك بالله لا تتركيني مثل ما تركتني
عقدت حواجبها تحضنه وتحس بثقله على اكتافها وبكت تحس بدموعه وضعفه : سلمان ما اخليك والله ما اخليك بس تكلّم مين تركك
ما رد يحس إن كل شي حوله يدور فيه ولا يقدر على الكلام هو وده بس تطمنه وتوقف جنبه، ما تسأله
سلمان رفع ذراعينه يتحضنها بشدّة يرتخي عليها وهمس : وجد سألتك بالله لا تتركيني مثل ما تركتني
عقدت حواجبها تحضنه وتحس بثقله على اكتافها وبكت تحس بدموعه وضعفه : سلمان ما اخليك والله ما اخليك بس تكلّم مين تركك
ما رد يحس إن كل شي حوله يدور فيه ولا يقدر على الكلام هو وده بس تطمنه وتوقف جنبه، ما تسأله
بكت بخوف من إنه يقول ضي، يسمّعها شي ما ودها تسمعه أبد وبقى وقت طويل مستند على كتفها يبكي بصمت ما قدر يسكت ويوقف دموعه، تحس ببلل على كتفها من دموعه وتبكي معاه بصمت ما تدري وش سببها
ابتعد عنها و رفعت نظرها له تمسك أكتافه: سلمان طيّحت قلبي تكلم ايش صاير ؟
مسح وجهه سلمان يناظرها يطغاه التّعب يهمس : أمي
عقدت حواجبها تناظره وكمّل : ماتت أمي ماتت
شهقت تحضنه وبكت من حزنها عليه، مسكته وجلست بالصالة وناظرها يمسح دموعه : بكرة الظهر الصلاة عليها
عجزت عن الكلام من إنهمار دموعها وناظرها يحتضنها يحاول يتماسك ورفعت ذراعها تحضنه
'
قفّل المكالمة سراج ولف على سلطان الجالس جنبه : لا حول ولا قوة إلا بالله
سلطان : العلم وش ؟
سراج : أم صقّر توفت اليوم الصباح، بسكتة قلبيه وهي نايمه
سلطان : أعوذ بالله
سراج هز راسه : اي والله
سكت سلطان يناظره وتنهّد سراج : حسبي الله ونعم الوكيل، الله يرحمها بس
وهمس سلطان : آمين
سراج تنهّد بضيق يذكر أفعالها وحال ضي اللي تسبّبت فيه وراحت من الدنيا وعلى عاتقها ذنبها، دنيا فانية ما كانت ولا بتكون تسوى هذي الحروب والنزاعات والحقد والأذى، تركت الدنيا وبينها وبين ناس عداوات وذنوب وظلم ما عُفي
ناظر لسلطان : بكرة نروح لعيال عمّي قبل الصلاة نوقف معاهم
هز راسه سلطان يقفل لابتوبه : أكيد
'
ناظرت وجد سلمان اللي حاط راسه على فخذها وغفى من وقت وتكت بتعب تناظره ولفت على جوالها اللي اتصل واخذته ترد بهمس : هلا أماني، أسفه ما قدرت صار ظرف .. بعدين اعلمك سلمان عندي الحين
قفلت منها تنهدت تناظره وعضت شفتها تمنع دموعها بتعب، هي تكره أمه ومستحيل تتقبّل وجودها حتى لو على شآنه لكنها تحزن على حزنه وتضيق من ضيقه، فقدت أمها بعمر صغير تعرف وش تعني الحياة بدونها ولو إنه رجّال كبير فاتح بيت لكنه يحتاجها ويفقدها ومستحيل كبر عمره يغيّر هذي الحقيقة، وإن كانت شرّانيه ضرت إخته وشتت عائلة وفعلت الكثير تبقى أم، حنونة على عيالها وربّتهم وكبّرتهم وانشأتهم رجال يعتمد عليهم
وفقدها موجع
تأفّفت أماني تناظر لسيف ورفعت صوتها : سيف حبيبي إترك لعبة سما شوف ألعابك كثيرة العب فيهم
ناظرتهم وجد ويدها على بطنها : إلا عادي خليه يلعب فيهم سما مدلّعه صايرة ما تشارك شي ما أبيها تتعود كذا
بكت سما من عيّت تاخذ اللعبة من يدين سيف الي وقف وركض يبتعد عنها وقامت وجد ويدها على بطنها بشهرها السّادس تنحني تشيلها : يا ربي أنا كيف بشيل الإثنين سوا
ضحكت أماني ورفعت يدينها تاخذها منها : صغيرة سما عمرها سنة ونص لا تتكابرينها عشان ببطنك نونو !
ناظرتها وجد : إيه توها نونو حملت وعمرها سنة ما أمداني اقول بسم الله، بس حمدلله
أماني ابتسمت تشوف سيف يلعب بعيد عنهم وسما ما زالت تبكي : فعلًا الحمدلله يصير لها أخوان ويكبرون سوا ماتكون وحيدة
ناظرت وجد لسيف : ياروحي حتى سيف أخوهم ماهو وحيد، بعدين العمر قدامك وقدامه يصير له أخوان إن شاء الله
ضحكت أماني وهزّت راسها بـ لا : ما طرى لي أخذ الثالث بعد، زواجين ما توفقت فيهم
سكتت وجد تناظرها مرّت سنتين وأكثر من جاء سلطان ما عندها خبر عن رجوعه وحرّصت ما تعرف، رغم إن أماني من زواجها من سيف ما جابت له طاري ولا تذكره أبدًا ما كأنه كان في حياتها لكن تخاف من إنها تحنّ له بعد هذي السنين، لإن سلطان منشغل في تطوير حياته ودوامه ما تزوج، ومن كلام سلمان عنه باين إن أماني صفحة وإنطوت من حياته لإنه رجع للديار وهو شخص ثاني ما يشبه الماضي
تنهّدت تتذكر ضي، مرت ثلاث سنين من دخولها للغيبوبة ما صحت، كان ممكن الحين بين يدينها طفلها أو إنه يلعب مع سيف وضي، لكن الأقدار كانت أكبر وأقوى
سماح وسراج للحين ما تركوا المستشفى وزيارتها كل يوم وتوقفت حياتهم على بابها
ماجد أبوها إعتكف على نفسه وتعب من شوقه لضي وقهره وتأنيب ضميرة، صقر جنبه طول الوقت وسخّر حياته لأبوه ما نوى الإرتباط لإن بعد وفاة أمه وجدّانه أهل أبوه شاف تعب الفقد اللي يعيشه أبوه ما وده ينشغل ويبتعد عنه
'
دخل سراج للمستشفى وبيدّه قهوته ووقف على باب غرفة ضيّ واستوقفه صوتها : هلا سراج
غمّض عيونه يلتفت لها ومدت يدينها بصحن حلا : اعرف تجي بهذا الوقت دايم، وقسمت لك من الحلا اللي سويته، كثير علي تعرف أنا لحالي هنا
هز راسه بقلّ صبر لإنها من سنتين كل فترة تكلمه وتجيه وتسولف معاه رغم عدم تجاوبه المستمر، لكنه ما شاف منها ضرر كانت تمر ضي لو ما جاء وتطمنه إن حصل له ظرف وما جاء لها، لا أكثر
هز راسه : يعطيك العافية ما تقصرين لكن ما اكل
ارتخت يدها وهزت راسها : ليش ؟ أنا هنا ما عندي أحد أشاركة وأنت الوحيد اللي هنا من سنين مو غريب ودي أعطي أحد يشاركني
ناظرها وأخذ الصحن وهز راسه : يعطيك العافية ما تقصرين
سكتت ودخل الغرفة ولفت تدخل غرفة أخوها المتنوّم ونزعت نقابها تجلس بملل
دخل سراج وانحنى يقبل جبينها وجلس ومسك كفّها يناظرها، مرّ من عمره وعمرها ٣ سنين والمستشفى مكانهم، ماله حياة خارج هذي الغرفة ولا وده يكون إلا معاها
ولف من جته رسالة من الدّكتور يطلبه يجيه إذا وصل للمستشفى، نغزه قلبه وترك يد ضي والقهوة على الطاولة وطلع من الغرفة لغرفة الدكتور ..لا تنسون تحطون ( ⭐️) لإثبات وجودكم، وشكرًا ❤️