وقفت السيارة ونزلت منها ونزل هو من سيارته
وهو يتقدم لها وبعصبية : تستهبلين أنتي ؟
ماردت علي وهي تغطي وجهها وتبكي بنحيب
كأنها سمعت وفاة أعز الناس عليها
خاف عليها وسكت ولانت ملامحه وإنزع الغضب اللي كانت تتشربه ملامحه : يا ضي ، بسم الله عليك أهدي لا يصير فيك شي تعوذي من ابليس
ناظرها بضيق أكبر ، كانت منهاره ومو سامعته ولا منتبهه له
إرتبك من وضعها ورجع لسيارته وهو ياخذ منها علبة مويا
ومدها له : اشربي وهدي حالك تكفين، لا تخوفيني
أخذت منه المويا وهي تبكي وتشهق وصد عنها وهو يناظر الشارع المظلم والخالي من السيارات ومافيه إلا سياراتهم وأنوارها اللي ساطعه عليهم
مرّ من الوقت ما يدري كم ، كان بعيد عنها يبيها تهدأ بينها وبين نفسها
والتفت لها وشافها جالسها على بلكه محطوطه على طرف الرصيف وماسكه راسها وساكنه
همست : شلون ! ليش كذبوا علي !
بلع ريقه وبتشتت : عمي مستحيل يخبيك شلون محد يعرف إنك بنته
وقفت وهي تتكلم بغضب : ما أدري بس والله لا أعرف كل شي وأقلب الدنيا عليهم وعلى عمك أبو الفلس هذا والله ما أخليهم يرتاحون
سراج : أقول هدي وخلي عنك الهياط والكلام اللي ماله داعي ، أول نفهم السالفة ونسمع منهم بعدين تسوين اللي تبين، اركبي سيارتك والحقيني للرياض ، وأنا لي كلام مع أهلك
ضي : أنت أرجع بيتك وش توصلني ما أعرف طريقي يعني ؟ واسوي اللي أبي ومالك كلام مع أهلي لا تتدخل علمتك لإنك نشبت لي مو عشان تساعدني
سراج : بنت عمي تمشي بطريق سفر تالي الليل وتبيني أتركك ليه وش شايفتني ؟ بعدين السالفة ماهي بسيطة ولا هيّنه عشان ما اتدخل فيها
ضحكت بتعجّب : بنت عمك ! ما جت لك ساعة من دريت ، بعدين أنا بنت محمد وماجد هذا اللي باخل علي بأبوّته ويمارسها على باقي عياله لا أبوي ولا أعترف فيه
تنهد سراج وهو يقترب لها : اهدي طيب لا تصارخين ، وحتى لو إنك بنت الغريب ما أرضى ترجعين طريق سفر لحالك آخر الليل وأنتي تُعدين بأمانتي الحين ، أركبي سيارتك وامسكي الخط وأنا بكون وراك بس
أشرت بإبصعها بتهديد والغضب كان مسيطر عليها لدرجة ماهي مستوعبة أفعالها : والله لا أوريهم والله ما أسكت والله
هز راسه وهو يأشر لسيارتها : يصير خير بس أركبي سيارتك
ركبت بالمرتبة الخلفية وهي تدور على جوالها لين لقته مرمي تحت المرتبة وأخذته وهي تتفقد شحنه : خلص شحنه !
نزلت من السيارة وهي تشوفه ما زال واقف ينتظرها : إشحن جوالي ما عندي شاحن ، وسو فيني خير وخذ لي أقرب فندق بالدمام
سراج : بالدمام ! أهلك ما يدرون عن سفرتك أنتي مستوعبة ؟ لازم ترجعين
ضي : أولًا مالك دخل ثانيًا مافيني حيل أمسك طريق سفر تعبانه أبغى أنام وثالثًا طز ما همني خل يخافون ويقلبون الدنيا
سكت سراج بيأس وعرف إن بهاللحظه ماراح تقتنع بأي كلام يقوله وأخذ جوالها من يدها وركب السيارة وتراجع بطريقة لداخل المدينه
هو للآن ما أستوعب إن اللي بينهم ما كان تشابه بالأسماء وبس ! هي فعلًا بنت عمه ومن دمه، تراوده اسئلة مالها نهاية لكن ترك نفسه واسئلته وحتى صدمته على جنب، لإنها الآن معه وهو الوحيد اللي قادر يوقف معاها
أخذ أقرب فندق لبيته ونزل وشافها وقفت سيارتها جنبه ونزلت معاه وأخذت جوالها وهي تناظر له : خلاص شكرً، روح وأنا بكمل طريقي لحالي
سراج : انتبهي لنفسك ونامي وإرتاحي عشان تقدرين تفكرين بعقل سليم، أنا راجع البيت الحين عشان أمي ما تخاف لإن قايل لها اني جاي ، والصباح بجيك وبنشوف الموضوع هذا مع بعض وبنوصل للي يرضيك
صدت عنه وهي تدخل الفندق و وقف يناظرها من بعيد عند الاستقبال ودقايق اختفت عن عينه
تنهد وركب سيارته ورجع للبيت
'
دخل فهد البيت مستعجل وجاء لهم بالصالة : مريت مكان شغلها ومو هناك بعد
وقفت سماح بخوف : ياربي هالبنت وين راحت ! صارت الساعة ٢ ومستحيل تبقى برى لهالوقت بدون ماتقول لنا
شروق : هي قالت لي تعبانه وبرجع البيت أنام ! وش صار ليش مارجعت
سماح : أنتي ليش تتركينها ! يمكم مسويه حادث وطايحه بهالمستشفيات وحنا مادرينا عنها
أبو عادل : بطلع أشوف المستشفيات ولا تحاتون لو فيها شي بعيد الشر كان وصلنا خبر
اتصل جوال شروق وردت : هلا وجد ، وينك من متى أدق عليك ليش ما تشوفين الجوال ، ضي مختفيه من المغرب
و جوالها مقفل متى شفتيها أنتي ؟
وجد : اشوف مرسله بعد المغرب تسأل عني وكنت نايمه تو أشوف ، بس ماشفتها ولا جتني ، كيف يعني مختفيه وين بتكون ؟
شروق : ما اعرف تو أبوي والعيال طلعوا يدورون عليها لان مارجعت البيت بعد ماطلعت من المول
تأففت وجد وهي تقوم من سريرها : طيب طيب طمنيني لو جاكم خبر تكفين
قفلت منها وهي ترفع شعرها وتطلع من الغرفة وماشافت أماني بالبيت
جلست على الكنب وهي تفتح جوالها وتحاول ترسل وماشافتها تستلم
دقت عليها وكان مغلق
تركت جوالها وتنهدت بخوف وهمست : الله يستر يارب لا تفجعني فيها
'
الساعة ٩ الصباح
لامّه حالها على السرير وحاطه راسها على ركبتها بتعب وإرهاق
ماقدرت تنام إلا ساعتين متقطعه
كانت تحس إن من ثقل الخيبات مو قادرة توقف وتمشي
تبكي غيابه وفراقه اللي إنجبرت عليه تبكي دموعها السنين الماضيه على موته الكاذب تبكي على كذبتهم وتلفيقهم لحكايا ما تشابه الواقع
تتذكر كيف خالها كان حنون عليها وما يقوى يزعلها وكيف هان عليه يكذب بشي يغير مجرى حياتها طول هالسنين
حضنه الدافي وضحكاته معاها وسوالفه وتحريصه على قول الحقيقة لها دايم من صغرها
بكت كل أفراحها وضحكاتها مع اهلها طوال هالسنين بليلة
كانت تتسائل عنّ ماجد
كيف شكله بعد ما كبر بالسن
صوته وحنيّته وعصبيته غضبه وهدوءة
رفعت راسها وهي تستنشق هواء وتحس ما يكفي وما تكتفي كانت تحتاج شي أكبر يبعد الضيق اللي بصدرها
سمعت طق الباب ووقفت وهي تشوف سراج واقف قدام الباب
تأففت وهي ترجع وتلبس عبايتها وحجابها ورجعت فتحت الباب : نعم ؟
تنحنح وهو يبتعد خطوه : قلت لك بالليل بجيك الصباح ، اجهزي خلينا نطلع
هزت رأسها والتفتت وهي تاخذ جوالها وتطلع معاه
فتح سيارته : ضي .. أركبي معاي خلي مشوارنا مرة وحدة وبرجعك هنا
ما كان عندها طاقة تسوق ولا تمسك خط
ما عارضته أبد وركبت بالخلف واستندت على الشباك ومشى هو بإتجاه مطعم يفطرون فيه
عينه تتنقل بين انعكاسها بالمرايا وعلى الطريق
لين وصل ووقف وشافها على حالها ومو منتبهه
التفت لها وهمس : ضي ضي
فزت وناظرت له وناظرت للمكان وهزت رأسها
فتحت الباب ونزلت وراه
دخلت المطعم وهي تناظر له يمشي ويختار طاوله بالزاوية وبعيدة عن الأنظار جلست وجلس وعو يمد لها المنيو : شوفي وش تبين ؟
هزت رأسها بالرفض : ما ابغى مو مشتهيه ، جيت لان مابغى أبقى لحالي أكثر
سراج : لازم لو شي خفيف بس عشان ماتفقدين وعيك ، واضح عليك مانمتي وماتعشيتي امس لو ما اكلتي بتتعبين
ضي : ما أظن في فوق تعبي هذا أكثر ، مو مشتهيه
هز راسه : خلاص أنا مفطر مع أمي ما باكل
بلعت ريقها وبغصه : بحياتي كلها ما حسيت إني وحيدة كثر هالمرة، أول مرة أطيح لحالي وما القى اهلي معي
هالمرة وجعي منهم ! من يداويني ؟
نزلت راسها بتعب وهي تحال تقوى
ما تبي تبكي ما تبي تضعف أكثر هي تحتاج تبقى قوية لانها بتمشي طريق ماتدري وين يوصلها وما معها أحد لأول مرة !
سراج : بوقف معاك ، بتوصلين لأبوك وبيعرف عنك ولو منعوك اهلك أنا معاك ضدهم لا تخافين أنتي مو لحالك
'
استنفر البيت وفهم جديّة إختفاء ضي ،
مالقوها بأي مكان ممكن يلاقونها فيه لا مستشفيات ولا غيره
سماح اللي كانت منهاره وتبكي بنحيب : مستحيل ضي تختفي برضاها اكيد صار لها شي ، اكيد انخطفت ، جيبوا لي بنتي تكفى يا محمد جيبها لي أموت بدونها
نزل راسه أبو عادل ومسكه بيدينه وهو يسمع بكاها وترجيها وكل أملها فيه ، هو ما يدري وينها ووين ممكن تكون ومع ومين بخير ولا بخطر
ما بقى أحد ما سأله عنها ومابقى مكان مادوروا فيه
واتصل على جوالها الآف المرات لعل يصادف وترد وتطمنه
لكن مامُجيب
دق الجرس وفزّ يركض
فتح الباب وتأفف من شاف خالد : احسبك هي
دخل خالد وسلّم : يا عمي وينها وينها ضي
أبو عادل : ما ادري لكن بنلقاها ان شاء الله ، اطلع سوق فيني مافي احد من العيال وانا انهد حيلي كل ليلي الف الشوارع
ركب سيارته خالد وركب معاه محمد ومشوا باتجاه مكان شغلها
يدرون ما بيلاقونها هناك
بس ولا واحد فيهم قادر يجلس خالي الوفاض
قلوبهم على يدّهم يخافون يجيبهم خبر يهدّها
'
وجد اللي ما كان بيدها شي ، لا تركض تدور عنها ولا شي
البيت فاضي ومافيه إلا هي ، تبكي بكل خوفها تفقدها
هي ما معها بحياتها إلا أختها اللي صارت كل وقتها صاده عنها
وضي ! ضي اللي بكفه والدنيا بمن فيها بكفه
فزت من شافت صوت جوالها يتصل باسمها : ضي ! ويييينك وينك فيه
وصلها صوت ضي المبحوح : شفيك تبكين بسم الله
وجد : تستهبلين أنتي ؟ من المغرب مختفيه لا رجعتي البيت ولا رديتي على أحد الكل مستنفر ويدور عليك وينك أنتي ؟
تنهد ضي : اسمعيني ، أنا بالدمام الحين
قاطعتها وجد اللي مسحت دموعها ووقفت وعقدت حواجبها باستغراب : تمزحين صح ؟
ضي : لا صدق بالدمام أنا ، برجع بالليل ، واهلي قولي لهم اني بخير مابدق عليهم أنا
وجد : وش صاير ؟
ضي : بتكلم لما ارجع تعبانه الحين لا تسأليني عن شي
وجد : وانا فيني حيل انتظرك لين ترجعين ؟ ضي مو مستوعبة شكلك
ضي بكت ماقدرت تتحمل هي قويه
قويه بس تضعف لما يكون الطرف الأخر اهلها ماتقوى : وجد تكفين أنتي الوحيدة اللي بتفهميني الحين لا تضغطين علي تكفين
تنهدت وجد : لا تبكين يا عين أمي تكفين ، علميني والله لو غلطك ماينغفر بوقف معاك بس فهميني لا تتركيني خايفة وحايره
ضي : لا تنسين تعلمين اهلي بس لا يدرون اني بالدمام طيب ؟ انتبهي تقولين
قفلت منها وناظرته يناظرها : ليش ما كلمتي اهلك بنفسك ؟ تدرين ان اللي تسوينه غلط صح ؟
ضي : غلطتهم بحقي كانت أكبر ، خل يخافون ويتأذون شوي ماراح يضرهم
سراج : طيب ، الحين وش تبين تسوين ؟
بلعت ريقها وصدت : أبغى أشوفه