الفصل الرابع:
"أُومِرتا"تحتَ المِصباح الخافِت للمطبخ، عند الطّاولة تَجلس بيانكا في جِهة بأعصابٍ مشدودة، وأمامَها تجلس لينغ مُسترخِية لا تفصلُ عَينيها عن كأس الكونياك الذي تُقلّبه بيدها فوق الطاولة، كأنها تُفكر في شيء في غايةِ الأهمية.
وحدقت بيانكا إلى يد لينغ التي تلبس قفازات عديمة الأصابع. حيث تظهر على أصابعها أوشام على شكل حروف لاتينية كتلك التي يضعها أغلب أعضاء العصابات. ثم بدأت تفكر، كيف وصلت إلى هنا ؟!
بالكاد تستوعب أنها إرتكبت جريمة قتل ! الأدرينالين يجري في عروقها كالسيول الجارفة. تشعر بالخدر والفراغ. تُحاول تجنب التفكير الزائد في ذلك.
فماذا سيحدث مثلا؟ هي لم تترك بصمات خلفها أو ما شابه. كما أن أعضاء المنظمة سيحمونها كما تعتقد. لأنهم من أرادوا زعيمهم أن يموت..
ثم ما ينفك شعور مُبْهَم يفتك بجوارحها. لقد حسبت أن الأمر قد خَلُص، فها هي سَتُعالج والدتها، وها هي المنظمة تخلصت من زعيمها المجنون. ولكن لماذا يريدونها أن تنظم إليهم؟! ليس وكأنها تريد ! هي ؟ عضوة في مافيا پاليرمو ؟ ماذا سيكون دورها مثلا ؟ تخيلت نفسها مكان لينغ، تضع وُشوماً غريبة وتحتسي الشراب.. شعرت بالذعر.
التوجس يمنعها من التفكير في شيء واضح. هل يا تُرى وقعت في براثن مشكلة أكبر مما تتصور ؟!
تمنّت أنها تحلم. لم تعلم أنه سيكون أطول كابوسٍ تعيشُه..
أمضت الإثنتان بعضا من الليل وهما تتحدثان.
"كنت أعرف كم كان ذلك الرجل سيئا، لكني لم أدرك أن نهايته ستكون على يدي! حتى أني لا اشعر بالذنب نوعا ما.."
قهقهت لينغ قائلة بجدية:
"لكي تنجحي في هذه الحياة يجب عليك التخلص من الشعور بالذنب، الضمير لن ينفعك أبدا."
ثم قررت أن يتوقفا عن الحديث عن موسوليني وكيف قتلته بيانكا. لتقول لينغ:
"لا تخبري أحد عن ما فعلتِه، ولا حتى أمك. ويفترض بأعمال المنظمة أن تكون سرية كالجحيم. فهذا ما يقوله قانون ' أوميرتا ' أو الصمت، أهم قانون، فالكلام عن أعمالك سيؤدي بك إلى إعدام قاسي.يجب على الأعضاء أن يمتثلوا بالولاء للمنظمة وعدم كشف أي معلومة لأي شخص أو للسلطات القانونية تحت أي ظرف. وهذا الولاء يكون لـ"الدُّون" الذي يُعتبر قائد المنظمة والزعيم ويكون رأس العائلة الحاكمة، ولا يمكنك أن تكوني جزءا من هذه العائلة لأنها تكون مرتبطة بالدم. إلا إذا تزوجتِ من أحدهم.. "
أنت تقرأ
الشياطين البريئة: الجنة السوداء - 𝐁.𝐇
Mystery / Thrillerجريمة في فندق بطلتها 'شابة عادية' و ضحيتها 'زعيم منظمة إجرامية'. هكذا بدأت القصة. قصة "الشياطين البريئة". أرادت إنقاذ والدتها فقط. وها هي تصير مطلوبة لدى المافيا الإيطالية، لدى الحكومة، ثم لدى مختل ! لم تعلم أنها ستتعرض لشيء كالإعتقال، كإطلاق النار،...