الفصل الاول

3.2K 68 31
                                    

اغلق تلك الورقه المليئه بالكلمات الحزينه النابعه من قلب كاتبها المحطم ، دسها بجيب سترته بعد ان طبقها بترتيب تنهد ليزفر الهواء الذي ثقل على قلبه ، نظر لتلك الشاهده التي خط عليها احرف اسم شقيقه الصغير مد يده نحوها وتلمس ذلك النقش وهو يعاتب اخيه داخلياً بما فعله بنفسه هل اليأس اوصله لمرحله في يوم من الايام لانهاء حياته من اجل شخص ام انه الحب الذي يفعل الافاعيل بأصحابه لانه يجبرك على التعلق بشخص معرض للرحيل في اي وقت كان ، لذلك يجب على الانسان ان يبقا شخصا حرا لا يتعلق بأي كائن يجعله مقيد امامه .....

لكن كل تلك المقدمه لا تنطبق على اخيه حيث انه سريع التأثر ويسحره الهيكل الخارجي متناسياً او متغاضياً عن المضمون

اعتدل بجلسته يستند بضهره على حافه القبر ليخرج لفافه التبغ يشعلها ويستنشق ادخنتها لداخل صدره رفع رأسه عاليا لينفث تلك السموم حتى تشكلت غيمه رماديه اللون من حوله كان يتابعها بأعين مضلمه وكأنه وحش مستعد لانقضاظ على كل من اوصل شقيقه الوحيد المتبقي من العائله حتى لو كان "خائناً" لنقطه النهايه.....

ضغط على اسنانه بقوه ليتحرك فكه المتصلب بقسوه مد يده وامسك بحفنه من التراب الرطب من اعلى ذلك الضريح ليهمس بفحيح مريب
( مش هسمح ليها تتهنى في حياتها .... ياما حذرتك منها لكن انتا ركبت دماغك.....

اسلت التراب من يده ببطئ وهو يتابعه بأعين قاتمه ليكمل حديثه جمود
( بما انك جيت هنا بسببها واللي سبقوك بسبب والدها هلحقهم بيك بعد مطلع عيونهم الاول .......

عاد ليضع لفافه التبغ بفمه وهو ينظر لجميع تلك القبور التي ضمت اسفلها عائلته بأكملها شقيقين و والديه.... اظلمت عينيه بقسوه ليجتمع شرور العالم بأكمله بأعينه فقد اضاف اسمها لقائمته السوداء....

تقدم منه ذراعه الايمن وصديقه الوحيد وهو يتلفت حوله يتابع المكان الذي يغرق في الظلام الدامس، علم مكان قاصي من شعله السجاره المضائه وسط الظلام تشتعل كلما سحب منها تلك السموم، استقام متوقفاً امامه...

بعد صمت طويل كان قد انتظر به ان يتفوه بحرف لكنه كعادته ضل جالساً يأخذ لفافه بعد الاخره بصمت مريب حمحم طارق ليقول بأحترام
( قاصي... أسر من الصبح بيسأل عليك ومش عاوز يبطل عياط الا لما ترحله مفيش حد عرف يقنعه يدخل القصر ......

دفن قاصي لفافته في الارض بجوار صديقاتها اللواتي سبق وحرقهم نفث ادخنتها العالقه بصدره بقوه ليقول بصوت جامد لا يدل على اي مشاعر في وقت صعب كيوم فقدانه لشقيقه
( هو عاوز يسأل على والده وانا معنديش إجابه لسؤاله.....

تحرك طارق مقترباً منه ليجلس امامه القرفصاء متحدثاً بصوت رزين
( هو عارف كل حاجه الست ثريا مخبتش عليه...اول مسمع كلامها فضل يعيط ويطلب يجيلك... انا جيت من القصر وهو مستنيني برا مش عاوز يدخل.....

غُرر بي لاجلك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن